التبس على البعض مصطلح "التهييف" الذى استخدمته لتوصيف المخاوف من طريقة الإخوان فى إدارة الدولة الآن. وأعيد وأكرر هنا بأننى لست قلقا من "الأخونة" بمعناها المعروف تاريخيا من نازية وفاشية وعنصرية وتطهير مهنى لكل أجهزة الدولة.. فالمسألة فى مصر، ما زالت خاضعة لروادع "نفسية" تردع الجماعة عن الاندفاع نحو ما تعتقد بأنه "فراغ" خلفه الحزب الوطني.. منها على سبيل المثال الخوف من تأليب الرأى العام واستفزازه، والذى لا يزال منتظما داخل روح ثورة يناير بوهجها الذى انتزع إعجاب العالم كله. فضلا عن توجس الجماعة من حجم المسؤولية، والخوف من التورط بدون "خبرات" متراكمة فى طريقة إدارة دولة كبيرة مثل مصر.. ولعل ذلك ما يجعلها غير مستعدة لتطهير الأجهزة الرقابية والأمنية من جهة ونزوعها نحو الاستعانة ب"الفلول" ومفاصل "الدولة القبيحة" التى صنعها مبارك.. فيما تشير أى قراءة لأداء الإخوان فى مرحلة ما بعد توليهم الحكم، إلى أنها ستبقى على "دولة مبارك" معتقدة بأنها "الخيار الأفضل" أو "الآمن" و"الأكثر خبرة" من "دولة الإخوان" القادمة بلا خبرة وبلا مؤهلات سياسية وتحتاج إلى مران طويل وشاق لتتصرف كجماعة سياسية مسئولة عن دولة. فكرة "التهييف" هنا ربما تكون قد اتضحت معالمها: فالجماعة فى سبيلها إلى تأسيس نظام سياسى خليط من "التهييف" بإسناد المناصب إلى "أهل الطاعة".. وليس إلى "أهل الكفاءة".. ومن "الفلول" بالإبقاء على دولة مبارك بكل حمولتها القمعية والوحشية والمعادية لحقوق الإنسان، والمكتظة جيوبها وكروشها وحساباتها البنكية بالأموال العامة المسروقة. من يريد اختبار معنى "التهييف" الذى يتبع الآن فى هندسة مؤسسات الدولة وتجلياتها فى "إدارة الأزمات".. فعليه أن يتابع أزمة صحفيى "جريدة الشعب" ليرى كيف يدير الإخوان "محنة" هذه الكتيبة المناضلة التى دافعت عن الجماعة، واحتضنت قياداتها حتى كان للمرشد العام مقالة نصف أسبوعية ثابتة بها. لا أريد أن أقول الجماعة "ناكرة" لجميل الصحفيين.. وتخلت عنهم بشكل ترك انطباعا داخل الجماعة الصحفية المصرية، بأن مبارك الذى ذبحته الجريدة وصحفيوها المناضلون كان أكثر "كرما" معهم من "مرسي" الذى تجاهلهم ويمعن فى تجويعهم وبهدلتهم وهم فى هذا العمر المتقدم. الجماعة تتعامل الآن مع صحفيى الشعب وكأنهم "سرسرية" أو "مسجلون خطر" تعرض عليهم منح كل صحفى تصريحا ب"كشك سجاير" يأكل منه عيش ويمضى بقية عمره "مستور" بهذه "الهبة" و"السخاء الإخواني" الكبير. لا يمكن بحال الإحساس بأن المسئول عن ملف الصحافة داخل الجماعة.. أو خارجها ممن أسندت إليهم الجماعة مناصب فى المجلس الأعلى للصحافة.. يتصرف بمسؤولية "رجل الدولة" فيما يتعلق بأزمة صحفيى الشعب.. بل ب"بخفة" مسيئة للجماعة ولتاريخها الوطني.. ولقدرتها على إدارة الدولة. [email protected]