موجة تجديد الخطاب الدينى عن طريق دعاة جدد يناطحون فى أناقتهم وشياكتهم نجوم السينما دون أن يكون لديهم معرفة فقهية كافية وصلت إلى محطة النهاية على ما يبدو فلم يفرز التيار الأول للدعاة الجدد تيارات ثانية وثالثة كما كان متوقعا بل إن شعبية المجددين آخذة فى الانحسار بشكل واضح حسبما تؤكد أرقام مبيعات الأسطوانات والشرائط الدينية فى سوق الكاسيت الإسلامى . والنتيجة تبدو طبيعية لعدد من الأخطاء وقع فيها مجددو التيار الوليد أولها غياب العلم الشرعى بشكل واضح والثانى توجيه الخطاب نحو فئة عمرية معينة من الناس وهى فئة المراهقين وشباب الجامعات وهو فئة غير مضمونة والثالث أنهم حصروا أنفسهم أكثر فى استهداف الطبقة الأرستقراطية التى يبحث أبناؤها عن خطاب دينى سهل وبسيط ومريح لكنهم يصابون بالملل سريعًا كما أن المجددين بالغوا فى التقرب إلى الشباب عن طريق المظهر العصرى حتى أن بعضهم لم يسلم من التقاليع مثل ترك ذقن صغيرة شبابية تسمى السكسوكة أو الدوجلاس! ولا أعرف سببًا واحدًا يجعل داعية جديدًا يربى سكسوكة كما لا أعقل سببًا لجعله يستمر فى سكسوكته بعد أن صار واعظا ذا جمهور ..والسؤال عن الدافع هنا هو محور المسألة .. فما هو الدافع الذى يمكن أن يجعل داعية جديدا يربى دوجلاس ! هل السبب فى ذلك أنه يعتبر نفسه صغيرًا فى السن وأنه عندما يكبر قليلاً سيطلق باقى لحيته مثلا .. أم أنه يعتقد أن تلك أمور شكلية لا تقلل من إيمان المرء وأنه يحب مظهره هكذا وأنه لا داعى لتغييره وأن تلك حرية شخصية وهى وجهة نظر تليق بمتلقى وليس داعية أم أن ذلك يرتكز على رأى شرعى يقول إن ترك جزء من اللحية أفضل من حلاقتها وفى ذلك اعتراف بأنه غير قادر على الالتزام ويبحث عن نصفه فقط .. حقيقة لا أعرف . واهتمامى بتلك التفصيلة ليس نابعًا من فراغ فهناك معلومة غريبة تطرق باب عقلى بانتظام كلما شاهدت التليفزيون (أشعر بها أحيانا تطرق باب قلبي! ) وهى أن جميع مقدمى البرامج التليفزيونية بمختلف انتماءاتهم ينأون بأنفسهم عن كل أشكال التقاليع التزامًا بكونهم يظهرون على الناس فى عرض عام باستثناء الدعاة الجدد الذين لم يستطيعوا التعالى على مثل تلك الأمور وتركوا أنفسهم فى مهب ريح الموضة وهو أمر مستغرب جدًا. هناك مشكلة أخرى واجهها التيار المستحدث تتعلق بأدائهم وهى مشكلة تنقسم إلى شقين الشق الأول منها الإصرار الواضح على تبنى منهج يخالف ما تواضع عليه من سبقوهم فى طريقة الإلقاء والطرح والشق الثانى متعلق بطريقة الانفعال التى تعتمد الخطاب البكائى الذى يكرس لفكرة الكهنوت التى تناقض تمامًا الخطاب الإسلامى الذى يتسم فى جوهره بالجدية والوضوح والقوة. والكهنوت هو منح صكوك الرضا والسلام الداخلى وراحة الضمير وإن كانت مؤقتة مقابل تنفيذ مجموعة من الوصايا الدينية بعيدًا عن الأصول بالإضافة إلى جعل حكايات السيرة هى المدخل نحو فهم الدين نظرًا لكونها أكثر قربًا من النفس وهو بالضبط ما يفعله الدعاة الجدد دون أن يدركوا خطورة ما يفعلونه فكل جمهورهم من الباحثين عن راحة الضمير وليس المعرفة الحقيقية بأصول الدين. أعود إلى الدوافع التى جعلت المجددين يتجاوزون الضوابط الاجتماعية قبل الدينية فى تعاطيهم مع مظهرهم فأكتشف أن الدافع الحقيقى لهم هو أنهم لا يعتبرون أنفسهم دعاة أصلا ! فهم كانوا شبان يتطلعون مثل كثيرين غيرهم لتقديم برامج تليفزيونية دينية تعنى بتحسين المجتمع بعد أن أبهرتهم تلك التجربة الجديدة فكل تلك النجوم الزاهرة من الشباب اللطفاء المرهفين الذين غزوا القنوات الفضائية تم ترويجهم خطأ باعتبارهم دعاة جدد فيما الحقيقة أنهم مقدمون جيدون لبرامج التنمية البشرية!! [email protected]