الأحداث التى شاهدناها بعد الفيلم المسىء لشخص حبيب الأمة الإسلامية، حبيب كل مسلم قال: لا إله إلا الله، هو التعبير الحق، والاستنكار الذى يعيد الخطأ إلى الصواب.. فمحمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، أشرف خلق الله، وأطهر من كان ولازال، ومن سيكون على الأرض، ومن حقه علينا حبه وإتباع سنته كما يحب ويرضى، فهو من عطَّر الأرض بنسائم الإيمان والعدل والإحسان؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وقد قال: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين).. وهذه المشاهد تؤكد حب الأمة له؛ إلا أن حبيبنا لم يقل من أجل حبى اقتلوا واحرقوا واسرقوا واغتصبوا؛ بل علمنا كيف نتعامل مع من يؤذينا وهذا نموذج عملى، عندما أوذى فى الطائف، وناداه ملك الجبال قال: يا محمد, إن الله سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال وقد بعثنى ربى إليك لتأمرنى بما شئت.. إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين, فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا.. ولنا فى حبيبنا أسوة حسنة، فالاستنكار السلمى دون العبث بالممتلكات، وقتل الأنفس التى حرم الله إلا بالحق، للتعبير عن عمل مرفوض فيه إساءة للدين، أو إساءة للنبى صلى الله عليه وسلم، أو لعالم من علماء المسلمين، فلا بأس أن تبين رفضك لذلك العمل، فما حدث فى مصر أمام السفارة الأمريكية قد أغضب العلماء فى مختلف أنحاء العالم الإسلامى، وكل المسلمين الذين يحبون محمدًا حبًا صادقًا, لقد حملت المظاهرة معانى الحب والولاء للمصطفى، ولكن ما تخللها من أعمال العنف التى أودت بالأنفس البريئة أفسد ذلك المعنى، وأدخل مصر فى دائرة أخرى فى ظل الاجتهاد المكثف للقيادة المصرية لإعادة وترميم ما أفسده الدهر، عبر السنين الماضية فى ظل الحكومة السابقة.. وقد أشارت أصابع الاتهامات إلى عناصر من الحكومة السابقة لإفساد نجاح الثورة، وهذا ليس ببعيد فالأفعى عندما يقطع رأسها يظل ذيلها يتحرك يمينًا ويسارًا عبثًا.. فانتهز الذيول هذه الفرصة للعبث بالممتلكات، وإشغال رجال الأمن ووضعهم فى حرج، كيف سيتعاملون مع المتظاهرين؟.. وبهدف التقليل من نجاح الثورة، وسلب ابتسامة الفرح التى عمت أرجاء الوطن، هذه الثورة التى أحرمت الذيول من الكثير الذى كانوا يحلِّونهُ لأنفسهم عن غيرهم، من منظور "أنا ومن بعدى الطوفان", ونحن على يقين أن: من يحب رسول الله لن يفعل ما يغضبه ويسىء إلى دينه، فليس من المعقول أن المسلم يقتل نفسًا بذنب غيرها انتقامًا من الغير.. قال تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى).. وهذا دليل قاطع على أن ذلك الانتقام محرم, وبما أن ذلك حدث بشكل واضح وفاضح وبأسلوب واحد فى تونس واليمن وليبيا بالتعدى على الأنفس وانتهاك المواثيق والأعراف الدولية لإحراج قياداتها الجديدة مع الدول العظمى، ولإشغال الرأى العام بهذه الأحداث عن مخططات جديدة فى أجنداتهم الإرهابية، ومحاولاتهم إقناع الشعوب بأن الأنظمة الساقطة أكثر أمنًا، وهم يدركون أنَّ لا عودة لهم، فقد جاء الحق وزهق الباطل، ولا مجال اليوم إلاَّ للعدل والمساواة، والبناء، ورفع معاناة الشعوب التى كانت مغلوبة على أمرها؛ لتعيش آمال المستقبل، وآفاق تتمناها وتطمع فى تحقيقها.. وبإذن الله ستصل إلى مبتغاها. إن تشابه الأحداث فى تلك الدول التى تحررت من طغاتها يدل على أن الإسلام والمسلمين الذين شاركوا فى هذه المظاهرات براء من أعمال العنف والتشويه التى سببتها الأحداث الدامية بالتعدى على أفراد السفارة، والقتل والتمثيل بجثة السفير الأمريكى فى السفارة بليبيا، وإن ذلك الأسلوب لا يمت للإسلام بصلة، ولا لحب محمد صلى الله عليه وسلم, فكلنا نفديه بأرواحنا، والمصطفى قدوتنا وأمرنا بإتباع سنته فعلينا أن نمتثل أوامره ونعمل بهديه، فحبنا الحقيقى له هو الاقتداء به، والله عز وجل توعد من يؤذى حبيبه بعذاب شديد فقال عز من قائل: (والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم)، كما أن الله وصف من يستهزئ، أو يكره النبى صلى الله عليه وسلم "هو الأذل المنقطع" حيث قال سبحانه: (إن شانئك هو الأبتر)، فمن يجرؤ بعد هذا الوعيد بالتطاول على سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام, وفى الواقع أن بعض المسلمين ساهم ومهد للذى يتكرر عدوانًا على النبى صلى الله عليه وسلم، وذلك عندما يغادر إلى تلك الدول ولم يكن سفير خير لدين الحق، ولدين الصادق الأمين؛ بل يحمل صورة مشوهة عن الإسلام وأهله؛ لاهتماماته بشهواته وغرائزه، فلا يرى مواطنو تلك الدول منه إلا شر الأخلاق والسلوكيات المنحرفة.. وإسلامنا برىء من تلك الأفعال، وبهذا خسرنا قلوبًا كان بالإمكان أن تكون مسلمة أو يخرج من أصلابها من يعبد الله، ويكون نصيرًا للإسلام.. فينبغى محاسبة هؤلاء المنتمين للإسلام الذين رسموا صورة مشوهة عن الإسلام الصحيح، كما يجب على الأمة الإسلامية القيام بثورة إسلامية موحدة بإشراف ومتابعة قادة الدول الإسلامية لإزالة الظلم والاستهزاء والازدراء لقدوتنا محمد ابن عبد الله، ثورة يقودها العلماء وأهل الفكر والمثقفين، لنصرة نبى الرحمة بفكرهم، تجند جيوشًا من طلبة العلم والرأى السديد للبحث عن السبل والأساليب التى ندخل بها إلى قلوب هؤلاء؛ لنبين لهم حقيقة هذا الدين العظيم وسماحته، وما يدعو إليه نبيه صلى الله عليه وسلم الذى قال: (إن من البيان لسحرا). [email protected]