هذا المقال يسلط الضوء علي نعمة كبيرة للناس وهي تناول الطعام في المنزل، لكن وللأسف وفي ظل الزيادة المطردة في الذين يتناولون معظم وجباتهم خارج منازلهم وبالاخص ما تسمي الوجبات السريعة أو "الفاست فود"، تلك العادات إستشرت كثيراً في مجتمعاتنا وفي إزدياد مستمر نظراً لكسل بعض ربات البيوت في إعداد الوجبات داخل مطابخهم، مما أثر سلباً علي الأبناء وأصبحوا يتمردون أويغضبون علي طعام المعد بالمنزل مهما كان صنفه أو نوعه ويفضلون عليه الوجبات السريعة نظراً لما تحتويه علي مكسبات طعم ومذاقات حريفة وغيرها من المواد التي تجذب الأطفال والشباب وتجعلهم يشعرون بلذة كبيرة، لكنهم لا يعلمون أنها تكمن فيها سموم عديدة أكدت الأبحاث الحديثة علي العديد من تلك المواد الكيميائية، إضافة إلي الكثير من الدهون أوالزيوت المسببة للسمنة بصورة واضحة. من ناحية مخاطر السمنة علي الصحة العامة، أكدت دراسات عديدة علي إصابة الأشخاص ذوي الوزن الزائد أو المصابون بالسمنة بالعديد من الامراض، وأخطرها مرض السرطان. في هذا السياق كشفت دراسة دولية حديثة نشرت في المجلة الدولية لعلم الوبائيات International Journal of Epidemiology أكتوبر 2019 وقام بأجرائها باحثون من جامعة بيرجين في النرويج علي أن الأشخاص الذين يصابون بالسمنة قبل سن الأربعين تزداد لديهم فرصة التعرض لمخاطر الإصابة بالسرطان بنسب مختلفة حسب نوع السرطان، مثلاً تصل النسبة إلي 70% زيادة لإصابة البنات بسرطان بطانة الرحم وكذلك سرطان الثدي، و58% زيادة في نسبة الإصابة بسرطان خلايا مجري البول في الذكور، و29% لسرطان القولون في الذكور أيضاً، و15% زيادة في كل أنواع السرطانات المرتبطة بالسمنة في كلا الجنسين. هذا وقد أوضحت الدراسة الكيفية التي تبين الحكم علي الأشخاص بالإصابة بالسمنة أو الوزن الزائد بالطريقة المعروفة، عن طريق قياس مؤشر كتلة الجسم وتسمي Body Mass Index (BMI) ويتم حسابها بقسمة وزن جسم الشخص بالكيلوجرام مقسوماً علي مربع طول الشخص بالمتر، فإذا كانت نتيجة BMI أكبر من 25 يعتبر الشخص ذا وزن زائد overweight ، أما إذا كانت أكبر من 30 يعتبر الشخص مصاب بالسمنة obesity، أما السمنة المفرطة تكون BMI أكبر من 40. أما من ناحية المزايا العديدة للأكل في المنازل والإبتعاد قدر الإمكان عن تناول الوجبات السريعة خارج المنزل، فقد أجريت دراسة حديثة ونشرت في مجلة التوقعات البيئية للصحة Environmental Health Perspectives أكتوبر 2019، بواسطة علماء أمريكيون من معهد الربيع الصامت في نيوتون إم أيه Silent Spring Institute in Newton, MA، أوضحت نتائجها عن وجود مجموعة من مواد كيميائية مصنعة تسمي بولي فلورا ألكيل Polyfluora alkyl (PFAS)، هذه المواد يقوم الإنسان بتصنيعها، وتتواجد أيضاً في الأغذية المحفوظة وكذلك في المنتجات المنزلية وأدوات المطبخ والمياة الملوثة وغيرها من المصادر الأخري. وقد أكدت دراسات عديدة سابقة علي خطورة المواد الكيميائية PFASوإرتباطها بأمراض الكبد وأمراض الكلي وإضطرابات الجهاز المناعي، إضافة إلي تأثيراتها المسرطنة، وذلك لأنها مواد صعبة التحلل والتكسير لذا فهي تتراكم في الجسم بإستمرار، هذا بالإضافة إلي ما أثبته الباحثون عن إرتباطها–سجلت معدلات كبيرة-بالأشخاص الذين لديهم مستوي مرتفع من الكوليسترول. الملفت للإنتباه ويدعو للحذر، ما أوضحته نتائج تلك الدراسة عن زيادة إنتشار تلك المواد PFAS في الوجبات السريعة والمعبئة أو المغلفة مقارنة بالوجبات المعدة في المنازل. تناولت الدراسة تتبع بيانات ومعلومات من مراكز الوقاية ومقاومة الامراض في الولاياتالمتحدةالأمريكية CDC لأكثر من عشرة آلاف مواطن أمريكي، وتم الإستبيان من خلالها عما تناوله الأشخاص من طعام في السابق مدة 24 ساعة، 7 أيام، 12 شهر، من خلال تحليل عينات دم تم أخذها من الأشخاص المتطوعين للدراسة للكشف عن PFAS. كشفت نتائج الدراسة عن تدني مستويات مواد PFAS في دماء الأشخاص الذين يتناولون وجباتهم من الأطعمة التي يتم إعدادها وطهيها في المنزل، في المقابل سجلت PFAS مستويات مرتفعة في الأشخاص الذين كانوا يتناولون الوجبات السريعة خارج المنزل. كما أوضح الباحثون عن وجود مستويات مرتفعة من تلك المواد الضارة في الأشخاص الذين يتناولون الفشار popcorn خاصة الذي يتم إعداده في الميكروويف، من أجل ذلك يوصي فريق البحث بالإبتعاد قدر المستطاع عن الوجبات السريعة، والتي تعتمد أساساً علي الأغذية المحفوظة أو المعبئة والتي يكثر فيها المواد الحافظة. دكتور رضا محمد طه