في خطوة غريبة وصادمة لقطاع عريض من المصريين، أعلنت فتاة تدعى «ريم مهنا»، تجميد بويضاتها حتى ظهور الزوج المناسب، ولكي تتمكن من الحمل في أي وقت تتزوج فيه، ما أثار تساؤلات عديدة وفجر ضجة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. «مهنا» نشرت عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، مقطع فيديو شرحت خلاله تفاصيل العملية الجراحية التي أجرتها، قائلة إنها حينما قررت تجميد البويضات وأبلغت الطبيب الخاص بها اندهش من القرار، «وقال: أنا عمري ما سمعت إن في واحدة في مصر طلبت هذا الطلب». وأضافت: «يعنى إيه جمدت بويضاتي؟ يعنى عملية يتم فيها الحقن وتساعد على تنشيط إفراز البويضات خلال ساعة من الزمن عن طريق ثلاث فتحات بالبطن بحجم صغير جدًا، لا يوجد لهم أي أثر بعد العملية، ويتم من خلالها سحب البويضات، ووضعها في ثلاجة لتتم عملية التجميد»، مؤكدة: «البويضات يتم حفظها لمدة عشرين عامًا». وأوضحت أنها قامت بإجراء العملية؛ لاقتناعها برغبتها في الزواج بعد سن الثلاثين بسبب تحقيق أحلامها في رسم خريطة حياتها في العمل، وحتى ظهور الشخص المناسب الذي ينال حبها. وأثارت خطوة الفتاة التي تبدو غير مسبوقة في مصر لفتاة لم يسبق لها الزواج، الجدل حولها من الناحية الشرعية والطبية والاجتماعية. وقالت دار الإفتاء إن «عملية تجميد البويضات جائزة، وليس فيها محظور شرعي إذا ما تمت وفق ضوابط معينة». وأوضحت الدار في أحدث فتاواها، عبر حسابها على «فيس بوك»، أن ?«عملية تجميد البويضات تعتبر من التطورات العلمية الجديدة في مجال الإنجاب الصناعي، ما يتيح للزوجين فيما بعد أن يكررا عملية الإخصاب عند الحاجة، وذلك دون إعادة عملية تحفيز المبيض لإنتاج بويضات أخرى». ووضعت دار الإفتاء عدة ضوابط شرعية يجب مراعاتها عند عملية تجميد البويضات، وهي: الأول: أن تتم عملية التخصيب بين زوجين، وأن يتم استخراج البويضة واستدخالها بعد التخصيب في المرأة أثناء قيام علاقة الزوجية بينها وبين صاحب الحيوان المنوي، ولا يجوز ذلك بعد انفصام عرى الزوجية بين الرجل والمرأة بوفاة أو طلاق أو غيرهما. الثاني: حفظ اللقاحات المخصبة بشكل آمن تمامًا تحت رقابة مشددة، بما يمنع ويحول دون اختلاطها عمدًا أو سهوًا بغيرها من اللقائح المحفوظة. الثالث: لا يتم وضع اللقيحة في رَحِمٍ أجنبيةٍ غير رحم صاحبة البويضة الملقحة لا تبرعًا ولا بمعاوضة، بينما ذكرت الفتوى الضابط الرابع وهو ألا يكون لعملية تجميد البويضة آثار جانبية سلبية على الجنين نتيجة تأثر اللقائح بالعوامل المختلفة التي قد تتعرض لها في حال الحفظ، كحدوث التشوهات الخِلقية، أو التأخر العقلي فيما بعد. من جانبه، أكد الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أنه لا يجوز إجراء عملية تجميد البويضات دون وجود قانون من الدولة ينظم تتابعاتها. وأضاف في تصريحات تليفزيونية، أنه يجب توافر بنك آمن لحفظ البويضات، وهذا الأمر تتولاه الدولة ويجب إصدار قوانين خاصة به. وأوضح أن المرأة يمكن أن تصل لسن لا يمكنها الحمل فيه، وتضطر لتأجير الأرحام، مشددًا على ضرورة وجود توافق مجتمعي حول ذلك. في السياق، علقت الداعية سعاد صالح، الأستاذ بجامعة الأزهر، علقت على تجميد بويضاتها لحين الزواج، قائلة: «الدول الأوروبية قامت بتجارب حول تجميد البويضات، من أجل تحقيق مصلحة إنسانية، لمن يرغب في الإنجاب». وأوضحت «صالح»، في تصريحات متلفزة، أن هذا الأمر جائز شرعيًا بشرط كتابية بيانات صاحبتها بدقة شديدة، وعدم التصرف فيها لأي شخص آخر، مشيرة إلى أن تجميد البويضات من أجل الاتجار، فهذا الأمر حرام. ولفتت إلى أن الاتجار بالبويضات صورة من صور الزنا، ويؤدي إلى اختلاط الأنساب، مشيرًا إلى أن تجميد البويضات من الشبهات التي تجمع بين الحلال والحرام. من الناحية الطبية، قال الدكتور رشوان شعبان، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، إن «تجميد البويضات مخالف للأعراف المتفق عليها في ميثاق شرف المهنة، الذي لا يجيز هذا النوع من العمليات، خاصة أنه ينتج عنها مشكلات كثيرة». وأضاف ل«المصريون»: «من الوارد أن ينتج عنها خلط للأنساب، وذلك إذا انعدمت أخلاقيات المهنة لدى أحد الأطباء، وبالتالي من الأفضل عدم إجرائها». وشدد على أن «تلك العمليات ليست لها علاقة بالعنوسة، ولن تحل المشكلة كما يروج أو يدعي البعض، إذ أن هناك إجراءات وخطوات يمكن من خلالها حل مشكلة العنوسة، وليس بطرق تؤدي لمزيد من المشكلات»، بحسب رأيه. وأوضح الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، أن «تلك الفكرة لابد أن تقتل بحثًا من الناحية العلمية وفيما يتعلق بمدى موائمتها لأخلاق البحث العلمي، وكذلك من الناحية الشرعية»، متابعًا: «ممكن المسألة تدخلنا في منطقة حرام نحن في غنى عنها». وتابع قائلًا: «لو أن هناك زوج وزوجة وتم تجميد بويضات الزوجة، والزوج بعدها توفي هل يمكن أن يتم تخصيب الزوجة بالتأكيد لا، ما يشير إلى أن الأمر سيثير مشكلات». بينما، قال الدكتور شريف باشا سيف، استشاري أمراض النساء والتوليد، إن «الأعراف الدينية والقانونية في مصر تمنع تلقيح البويضة المجمدة إلا عن طريق حيوان منوي للزوج في حالة زواج شرعي، كما لا يوضع الجنين المخصب إلا في رحم الزوجة في وجود زواج شرعي قائم». وعن التاريخ الطبي لتقنيات البويضات المجمدة، أضاف في تصريح متلفز، أن أول طفل ولد عن طريق الحيوان المنوي المجمد كان في العام 1953، كما أن أول بويضة تم تجميدها كان في العام 1986، مشيرًا إلى أن أول جنين ولد من بويضة مجمدة من نفس الأم كان في العام 1999. وقدم استشاري أمراض النساء والتوليد، بعض النصائح للفتيات التي لم يسبق لهن الزواج، قائلًا: «ذا كانت الدورة غير منتظمة يتم إجراء تحاليل لمخزون البويضات فإذا كانت ضعيفة يجرى تجميد بويضات لتلك الفتاة». ونفى «باشا» بشدة وجود مخاطر من إجراء عملية تجميد البويضات على عذرية الفتيات اللاتي لم يسبق لهن الزواج، موضحًا أن العملية تجرى عن طريق منظار من البطن، لكن السيدات اللاتي سبق لهن الزواج فيتم سحب البويضات من المهبل. وأشار إلى أهمية تجميد البويضات في سن مناسب؛ لتفادى إنجاب أطفال مشوهة قائلا: «إذا تزوجت الفتاة في سن 45 سنة يزيد احتمالية إنجاب طفل مشوه أو معاق ذهنيًا بنسبة 1 لكل 10، أما إذا كان الزواج في سن 30 فيكون 1 في 1200، وينسحب ذلك على عملية تجميد البويضات». وقال الدكتور طه أبو الحسن أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، إن «الفطرة الإنسانية لا تعرف شيئًا سوى أن هناك رجلًا يتزوج امرأة أم ما عدا ذلك فليس من المنطق ولا يعدو كونه محاولة للخداع». وأضاف «أبو الحسن»، ل«المصريون»: «إجراء عملية لتجميد البويضات يتعارض مع الفطرة الطبيعية، ومن يفعل ذلك يحاول خداعنا أو يسعى لتوصيل شيء ما لديه، بل لا أظنه صادق أبدًا حيث من الطبيعي أن يستمع الزوج والزوجة وأن يكون هناك تبادل مشاعر عاطفية». وأشار إلى أن تلك العملية لن تحل مشكلة تأخر الزواج كما أنها ليس ضمانًا للإنجاب، مردفًا: «الطبيعي يحدث الزواج أم أن يحدث إنجاب من عدمه لا يمكن التحكم فيه». ويعتبر تجميد البويضات، أو الحفاظ عليها هو عملية يتم فيها استخراج بويضات المرأة وتجميدها وتخزينها كوسيلة للحفاظ على القدرة التناسلية لدى النساء في سن الإنجاب.