احتفلت كنيستنا الأرثوذكسية هذا الأسبوع بعودة رسامة الرهبان، ونشر المتحدث الرسمى تفعيل قرارات الرهبنة بأخذ تعهد كتابى على من يسلك فى طريق الرهبنة، بألا يستخدم التقنيات الحديثة موبايل وإنترنت ومواقع التواصل مثل فيسبوك وتويتر (وبالتالي لم يمنع التليفون أبو منفلة وشد التلغراف!!) إلا بإذن الدير ومتابعة ذلك من أب اعترافه، وهذا عجب لأن القانون يمنع أب الاعتراف ورئيس الدير من استعمال هذه الوسائل!!!! لذلك من الواجب علينا إشراك القراء الأعزاء فى مشكلتنا هذه والتى تهم مصرنا الحبيبة وذلك لأن الراهب الآن هو المسيحى الوحيد المرشح لاختياره لرتبة الأسقفية أو الباباوية!!! تخيلوا الكارثة التى ستحدث عندما يتخرج ويخرج لنا هذا الراهب المبتعد تمامًا عن وسائل التواصل الاجتماعى، ومثلها الصحف والمجلات ومتابعة كافة مجالات الحياة الاجتماعية وقوانين الدولة والأحوال الشخصية و...إلخ، باختصار شديد (جاهل بنمطية الحياة بالعالم) وكيف تسير؟؟!!! وطبعًا لا يتعلم اللغات الأجنبية أو حتى دراسة أبسط قواعدها ثم معرفة الحالة الاقتصادية أو الفارق الشاسع بين المواطنة والسياسة وغيرها لأنه فجأة يتم اختيار مثل هذا الراهب ليصبح خلال ساعات قليلة أسقفًا لإيبارشية ومدينة أو بعض المدن والقرى، ومطلوب منه قيادة الشعب المسيحى، وحل مشاكلهم الاجتماعية والأسرية، وعليه إجادة التعامل مع الآخر، والتعرف على معتقداتهم. وأذكر هنا على سبيل المثال البابا شنودة الثالث الذى كان فى حياته علمانيًا ثم راهبًا ثم أسقفًا ثم البابا المثقف والأديب والصحفى والشاعر، ناهيك عن ثقافته الإسلامية والتى كان لديه فى مكتبته الخاصة جواهر ودرر عبق كتب التفاسير الإسلامية القديمة والحديثة، هذا هو الراهب المثقف المتعلم (المتنور) بالبلدى لعل وعسى أن يفهم المعنيون بقوانينهم غير المنطقية والتى لا تساير العصر الحديث. ولا أدرى لماذا دفن الرأس فى الرمال المتحركة؟ إن وسائل الاتصال والميديا مثلها كأى اكتشافات علمية حديثة قد تستخدم للخير أو الشر، والواجب علينا دراستها والتعمق فيها واستغلالها فى الخير، ونشر مبادئ المحبة والسلام والمعرفة الاجتماعية والدينية، ثم الأهم من هذا نشر التعاليم والتفاسير الدينية الصحيحة، ثم الاهتمام بالجانب الأخطر، وهو الرد على البدع والهرطقات والتعاليم الخاطئة الضالة والمضلة والمضللة أيضًا، بدلًا من الانسحاب التام من الميديا، وترك المجال مفتوحًا على مصراعيه للشرور والفساد والغزو الفكرى الشرس لمبادئ الإنسانية عامة. وهذا ما برع فيه جماعة الملحدين والتى تتزايد أعدادهم نظرًا لبراعتهم فى سرد الحجج والبراهين المكتوبة والمرئية، وكل هذا يا إخوتى يستوجب العقل الرزين المتمرس المتمرن والمدرب على هذه الحروب الفكرية، والتى بحاجة إلى عقول متفتحة عصرية وليست (دقة قديمة) تصرخ: التليفزيون حرام.. والنت حرام.. هذا رجس شيطانى!! وأخيرًا سؤال هام لأصحاب العقول لو عاش بولس الرسول وتلاميذ السيد فى هذا العصر هل كانوا سيرفضون التعامل مع الميديا وهل كانت رسائلهم لكنائس العالم المختلفة ستصل إليهم بعد أسابيع وشهور عن طريق البحر وجوز الخيل والعربيات؟؟.. أتمنى لكنيستنا السير للأمام وليس للخلف.. تحياتي القس مكاريوس فهيم قليني عضو دائم باتحاد الكتاب.