للأسف هذه حقيقة مخجلة تعاني منها كنيستنا القبطية التي لها شرف تأسيس مبدأ الرهبنة في العالم كله، وهي قائمة بدورها على مبدأ روحاني عميق وهو (الانحلال من الكل والارتباط بالواحد)، أي يترك الراهب العالم كله وينسحب منه مركزًا كل طاقاته وإمكانياته في الصلوات والأصوام والسجود وغيرها من أجل الارتباط بالرب والسماء، ولذلك فلا يوجد إطلاقًا أية ارتباطات عالمية أو أسرية وتصل لدرجة رفض الراهب مقابلة أفراد أسرته ولو حتى والدته كما نقرأ في تاريخ الرهبان. وفي الأزمنة الأخيرة تسلل العالم قليلًا داخل الأديرة بعد التقدم في وسائل المواصلات والطرق والكهرباء ولكن.. المبدأ لم يتغير فكل الاهتمام والقراءة وتأملات الراهب روحانية للارتقاء والسمو بنفسه وروحه من أجل خلاصه، مبتعدًا عن سماع أو التدخل في المشاكل التي توجد ببعض الأديرة؛ وذلك لإيمانه بالمبدأ الرهباني (وأنا مالي خليني في حالي) ومثلها (خليها تيجي من غيري وليس مني)، ثم التدريب على قوانين (الصمت) و(غض البصر) عما قد يعثره حتى إن القانون الرهباني يمنع الراهب من مجرد النظر إلى ملابس أخيه الراهب!!! أما الصحف والمجلات العالمية فهي ممنوعة تمامًا وإن كان يتسلل بعضها عن طريق الزائرين للدير ولكنها حالات فردية، وذلك لعدم حاجة الراهب لقراءتها أو معرفة أحوال العالم أو مشاكل المسيحيين بالعالم أو في مصر (ده لو كان عندنا مشاكل!!! عديها)، ومثلها لوغاريتمات الحالة الاقتصادية، ومبدأ المواطنة والحوار مع الأديان و..... إلخ كل هذا لا يعني الراهب لعدم الحاجة إليه، وحتى المشاكل الأسرية والاجتماعية فهي الأخرى محظور عليه سماعها أو التدخل بإبداء الرأي؛ حتى لا يشغل باله وفكره عما يعيقه عن حياة الصلاة والتأمل. وفي العصر الحديث عقب التقدم في وسائل الميديا واندماج بعض الرهبان في مواقع التواصل الاجتماعي صدر الفرمان البابوي بمنعها منعًا تامًا هي الأخرى بالنسبة إلى الرهبان، وتم فرض حظر تجوال على (الجوال) والنت وخلافه؛ رغم أن هذه الوسائل مثلها كأي مصادر ثقافية أخرى بها الجيد والرديء ولكن....... ما علينا. قانون الكنيسة الأرثوذكسية يحتم ضرورة اختيار القيادات الكنسية (الأسقف والبابا) من طائفة الرهبان!!! أتمنى إنهاء المقال عند هذه الجملة الكارثية التي تظهر مدى الفجوة العميقة بين النظرية والتطبيق، مع ملاحظة أن رتبة الأسقف العام هي منصب دون مسئوليات وليس له إقامة محددة ولا كنيسة بل (عام) أي يمارس العوم في أي بحر من بحور الخدمة فيخدم بالقاهرة ثم لا مانع من الذهاب للإسكندرية أو يتم اختياره كأسقف رسميًا على إيبارشبة بالصعيد... وهكذا. أما رتبة البابوية ربنا يجعل كلامنا خفيفًا فلا يختلف عن الأسقفية بل بالعكس هي أخطر وأعظم رتبة في الكنيسة؛ لأن شاغلها هو المسئول أمام الرب عن كل ما يحدث بالكنيسة والقرارات المصيرية المختلفة في شتى الأمور، وأهمها التعامل مع القيادات السياسية والدينية، ثم الكنسية والرهبان والأساقفة ومختلف أطياف الشعب. والسؤال هو كيف لفاقد الشيء أن يعطيه؟؟ الحالة الوحيدة فقط لنجاح هذا الراهب أن تسنده السماء شكلًا وموضوعًا وهذا يتم في حالة سمو وجهاد الراهب وسلوكه في الروحيات والاتحاد الفعلي بالرب وبالقديسين منذ بدء رهبنته مثل البابا كيرلس السادس..... أما الآن فأعتقد أنني كشفت لكم سر تزايد جرائم القتل والانتحار للأساقفة والكهنة والرهبان، ثم تزايد المشردين بالشوارع من رجال الدين بلا هوية ولا خدمة وبقية الكوارث.. ولا بلاش.. ربنا أمر بالستر!! والمطلوب الثقافة والعلم والتعلم ودراسة تاريخ الكنيسة وعقيدتها وقوانينها و.. و... لمن يتم ترشيحه للرتب الكنسية ووقتها سأعدل مقالي ليصبح (الراهب المناسب في القيادة المناسبة).