قرر الحاج صابر وهو الفلاح المصري الصابر المصابر بعد تفكير طويل وتردد ملحوظ ان يتخلص من جمله وحصانه وحماره بالبيع فى سوق الثلاثاء فهو قد اشترى الجمل واقتناه من اجل حمل المحاصيل الزراعيه من حقول اهل القريه الى الاجران لكى تدرس ثم يحمل الحبوب بعد فصلها عن القش سواء كان ذره او ارز اوقمح الى منازل الاهالى او الى الشونه المركزيه او الى الاسواق . الحاج صابر قد اشتراه لكى يذيد من دخله كى يستطيع ان يصرف على عائلته المكونه من زوجته وسبعه اطفال وليس له من دخل الا قطعه ارض مساحتها فدانين مزارعه بالنصف مع احد اعيان القريه. وقد اخذ الحاج صابر قراره هذا بعد ان انتشرت الميكنه الزراعيه الحديثه فالحصادات الزراعيه التى تحصد المحصول والدرسات تدرسه فى الارض مباشره دون الحاجه الى نقله الى الاجران كما كان يحدث قديما ثم تقوم التركسلات بنقل الحبوب بعد الدرس من الحقل الى بيوت المزارعين ومنها الى الاسواق او الشونات المعده لذالك. وقرر بيع الحصان الذى كان يستخدمه فى حرث الارض بالمحراث البلدى او تلويط الارض اى تسويتها لزرع الارز بها اوجر عربه الكرو الصغيره التى اشتراها ايضا لخدمه اهل القريه بالايجار لنقل اغراضهم من مكان الى اخر. وبعد انتشار الجرار الزراعى واستخدامه فى الحرث وتسويه الارض بالليز اصبحت حاجه الحاج صابرالى حصانه شبه منعدمه. وقرر ايضا بيع الحمار الذى كان يحتاجه بجانب الجمل فى نقل السماد البلدى الى الارض فبعد انتشار التروسكل فى نقل اى شىء من الحقل الى البيت والعكس اصبح وجود الحمار غير ضرورى.تدبر الحاج صابر الامر فوجد ان الجدوى من هذه الحيوانات الثلاثه غير مجديه على الاطلاق فالدخل العائد من ورائهم لا يغطى الجزء اليسير من مصاريف البرسيم والاعلاف التى ارتفعت اسعارها بصوره لا يقدر عليها مع مصاريف اسرته الكبيره الاحتفاظ بهذه الحيوانت الثلاثه فعزم على التخلص منهم جميعا. وفى صبيحه يوم الثلاثاء وبدل من ان يركب الحاج صابر احدى الحيوانات الثلاثه ويسحب الاخرين ويذهب الى السوق كما كان يفعل الفلاحون قبل انتشار عربات النقل المتوسط حيث كانوا يستيقظون مبكرا يصلون الفجر ثم بعد الفراغ من الصلاه يسحب الحيوان الذى يرغب فى بييعه متوجها الى سوق الثلاثاء سيرا على الاقدام قبل شروق الشمس كى يصل السوق مع شروق الشمس .عوضا عن ذالك لم يستيقظ الحاج صابر مبكرا بل استيقظ بعد شروق الشمس واستاجر عربه نقل وشحن الجمل والحصان والحمار بها وما هى الا بضع دقائق حتى وصل الحاج صابر بهم الى السوق. وبعد ان دفع اجره السائق الذى نقلهم الى السوق قام بربطهما بجوار قهوه كان اعتاد ان يجلس بها عندما يذهب الى السوق والقهوه عباره عن خيمه كبيره مفروشه بالحصر ومجهزه ببابور يعمل بالكيروسين لاعداد القهوه العربيه والشاى والحلبه وشاليه يوقد به الخشب الذى يستخدمه لاعداد الجوزه اى الشيشه للزبائن والتى يمتلك منها صاحب القهوه عدد دون العشره. بعد ان ربط الحاج صابر حيواناته الثلاثه ووضع لهم حزمه برسيم اشتراها من تاجر بالسوق ذهب وجلس بالقهوه وطلب قهوته العربيه بالحب هان وشيشه وجلس ينتظر مشترى للجمل والحصان والحمار. فى ذالك الاثناء لم يطعم اى من الحيوانات الثلاثه البرسيم الذى وضعه الحاج صابر امامهم بل لم ينظروا اليه وشردوا جميعا فى تفكيرعميق وخيمت على وجوههم علامات الحزن والوجوم. بعد هنيه من الوقت نظر الحمار الى الجمل فوجده يبكى وعينه تزرف دمعا بغزاره والحصان بلغ منه الوجم والحزن مبلغه. فقال الحمار مخاطبا الحصان لماذا قد تملكك الحزن هكذا وخاطب الجمل ما يبكيك ياصاحبى. فرد الحصان مستنكرا سؤال الحمار قائلا أهذه أسئلة تطرحها ياحمار الم ترى بام عينك ما آل اليه حالنا الان الم ترى اننا بعد ان كنا اهم حاجه فى حياه الحاج صابر اصبحنا لا اهميه لنا فى حياته وكان يهتم بنا اصبح يريد ان يتخلص منا وبعد ان كنا ننقله وننقل امتعه القريه كلها اصبحنا نشحن فى عربات النقل ام ترى اننا سويا مهددون بالانقراض نتيجه التطور الصناعى وادخال الميكنه الزراعيه بصور واضحه وقويه ثم تسال مثل هذه الاسئله. ثم اردف الجمل مواصلا الاجابه عن سؤال الحمار له ما يبكيك ياجمل قائلا وانت تسال ياحمار لماذا ابكى انا ابكى ايضا على حالى ياحمار فانا وانت والحصان لم يعد لنا دور فى حياه الحاج صابر بل فى حياه المصريين جميعا وانا على يقين انه لن يشترينى الا جزار ويصل بى الامر بعد عده ايام ان لم يكن ساعات ان كون فى قدور ربات البيوت ومن ثم على موائدهم وثم ينتهى تاريخى الطويل فى خدمه الحاج صابر بل فى خدمه الانسان وبناء حضارته الم ترى انها نهايه مؤلمه لن يصبح لنا ذكر من بعدها ولم يذكرنا اى انسان بعد اليوم. اما انت والحصان لن ينتهى بكم الامر كما سينتهى بى لان اكلكم غير مباح فى مصر كلها فانتم ستبقون على الحياه اما انا فليس لى الا ايام معدوده. فى هذه الدنيا. فرد الحصان على الجمل قائلا ليس هذا مصيرك وحدك ياصديقى بل هذا ايضا قد يكون مصيري ومصير الحمار ففى مصر لم يعد هنا حاجه لخدماتنا وقد يشترينا جزار ايضا فبالرغم من حرمه تناول لحومنا الا ان ذلك التحريم لا يمنع من ان يشترينا جزار ويكون مصيرنا مصيرك ففى مصر منذ زمن بعيد يذبحون الحمير وكذالك الاحصنه مخالفين بذالك القانون بل هناك نكته مصريه متداوله منذ امد بعيد تعكس مدى انتشار هذه الظاهره تروى النكته انه كان هناك سائق اتوبيس كانت تحتم عليه ظروف عمله ان يبيت بعيدا عن بيته فى احدى المدن فتعرف على جزار كان يستضيفه ويكرمه عندما يبيت بمدينتهم ويوما ما اراد سائق الاتوبيس ان يبيت فى المدينه فذهب يسال عن صاحبه فاخبرته زوجته ان الشرطه قبضت عليه واودعوه السجن فسألها عن السبب فقالت ضبطوه يبيع لحم حمير فقال ياخبر اسود يعنى انا كده اكلت تقريبا حمار كامل عندكم. ثم تدخل الحمار قائلا انا الان ارى انه لو انقرضت كل الحمير ولم يعد هناك حمار واحد على سطح الارض فان ذالك افضل لجنس الحمير فنحن عشيره الحمير لم نرى احتراما وتقديرا من الحاج صابر وعشيرته بنى الانسان مع تفانينا فى خدمتهم على مرالاجيال كلها دون كلل او ملل فها هم اتخذونا رمزا للغباء مع ان كل الابحاث العلميه تثبت عكس ذالك و وعندما ينتقص احدهم من الاخر يقول له يابن الحمار او ياحمار هذا فضلا عن المعاناه اليوميه المباشره فانا على سبيل المثال اشترى الحاج صابر خزرانه خاصه لى عندما يصطحبنى فى مشوار ما يصطحب خزرانته معه ويشبعنى ضربا عل اتفه الاسباب فانا وعشيرتى الحمير على مر العصور انهكنا الانسان من الضرب ومع ذالك لم نسمع الانسان انين الم الضرب بالرغم اننا عندما ننهق لسبب ما فى الظروف العاديه ينزعج الانسان وكل من يسمعنا من علو صوتنا استناكار السامع له ولقد اكد الحق سبحانه وتعالى هذا فى كتابه العزيز حيث قال ان انكر الاصوات لصوت الحمير.وصدقونى يا اصدقائي لو قدر الله ان يكون الانسان مسخرا لنا نحن الحمير وضربناه مثل ما كان يضربنا لملئ الدنيا عويلا وصرخا بصوره قد لا تطيق الكائنات الاخرى البقاء فى المكان الذى يتواجد الانسان به من شده الازعاج. صوره اخرى حكاها لى ابى الحمار عن جدى الحمار ان جدى كان مملوكا لرجل يدعى الحاج احمد وكان الله اتاه بسطه فى الجسم والقوه وان يوما غضب من جدى غضبا شديدا فما كان من الحاج احمد الا ان حمل جدى والقاه فى الترعه ثم اخذ ينادى عليه ان يخرج من الترعه وعندما خرج جدى انهال عليه الحاج احمد ضربا مبرحا وجدى لم يصيح ولم يتبرم من العذاب الذى نزل به ولو انى جدى هو الذى فعل ذالك فى الحاج احمد لكان صراخه وصل عنان السماء هذه الواقعه ليست افتراء منى على الحاج احمد بل كان شاهدا عليها كاتب هذه السطور بقريه قنتير مركز فاقوس محافظه الشرقيه. فانا لست نادما على مصيرنا لاننا عانينا الكثير ولم نرى من الانسان شكرا الا القليل. فالتفت الحصان الى الحمار بالحديث وقال انا اوافقك الراى فى الظلم الذي يقع عليك وعلى عشيرتك من الإنسان مع ذالك احب ان اخبرك ان هناك تقديرا لك من بعض الشعوب فمثلا انا قرات فى صحفنا القوميه ان فى كردستان العراق قد اسسوا حزبا سياسيا باسمك واطلقوا عليه حزب الحمير تقديرا لدورك فى خدمه الانسان الكردى فى حياته اليوميه كما ان فى هذا التقرير وردت معلومه مهمه بالنسبه لجنس الحمير تشير الى ان الانسان لن يستغنى عن الحمار ابدا والفضل فى ذالك يرجع الى الملكه المصريه كليوباترا السابعه اخر ملوك الدوله البطلميه التى كانت تستحم بشكل منتظم بلبن الحمير لما له من فوائد عظيمه تضدفى جمالا على بشرتها وهناك ابحاث علميه تعزز ذالك ولا يكاد يخلوا كتاب من كتب ادوات التجميل المتخصصه فى اوربا من الاشاره الى استخدام كليوباترا للبن الحمير من اجل العنايه ببشرتها.كما يضيف التقرير الى انه فى بلاد البلقان وبلجيكا وفرنسا وتركيا بدات تنتشر مزارع الحمير نظرا للقيمة الاقتصاديه له فى مجال علاج بعض الامراض مثل الربو والسرطان وحساسيه الاطفال وكذالك فى مجال مواد التجميل والصابون حيث يتراوح سعر اللتر ما بين 17 الى 60 دولار حسب الدوله المنتجه . كل ذالك يؤشر الى ان جنس الحمير لن ينقرض فضلا على تواجد الحمير فى جميع حدائق الحيوانات المنتشره على مستوى العالم . ثم التفت الحصان بالكلام للجمل وقال وانت صديقنالجمل انا على يقين ان جنسك ايضا لن ينقرض وان بدا يندثر فى مصر فما ذالت بلدان كثيره لا تستغنى عن خدماتك وفى دول الخليح بداو يولون عشيرتك اهتماما ويعقدون المسابقات السنويه لأسرع جمل ولأجمل جمل بالاضافه الى انتشار مزارع تربيه الجمال من اجل انتاج الالبان والجبن وتصديره الى اوربا. كما ان ذكراك لم تختفى من الوجود ففى الاسواق تنتشر بضائع مختلقه تحمل ماركه الجمل مثل سجائر الجمل وملابس الجمل فرد عليه الجمل قائلا بل انا اظن ان جنسك هو الذى يمكن ان يقاوم الانقراض بشكل افضل نظرا لجمال شكلك وذكائك وسرعتك فالانسان معجب بك بشكل اكبر وان كان دورك فى خدمته قد قل كثيرا الا ان حب الانسان لك دفعه للاهتمام بك ففى اوربا تنتشر مزارع الخيول بشكل ملحوظ وتدر عليهم المسابقات الرياضيه التى يعقدونها سنويا للخيول مليارات اليوور كما هو الحال فى المانيا التى يدر عليها قطاع تربيه ورياضه الخيول حوال 7 مليارات سنويا(انظر مقالى:الحصان العربى ونهضه المجتمع جريده المصريون 03 مارس 2019 ) لذالك سيصمد جنسك طويلا اطول من جنسنا انا والحمار كما ان ذكرك فى البشريه سيبقى حتى ولو انقرض جنسك فلقد استخدمو قوتك كوحده لقياس قوه الموتور فسيظل ذكرك مابقى الانسان يستخدم الموتور. فتدخل الحمار قائلا حتى لو انقرض جنسكم فسيظل يتذكركم الانسان الى يوم القيامه لان الله رفع ذكركم فى كتابه الكريم فرفع ذكر الجمل فى سوره الغاشيه حيث قال افلاينظرون الى الابل كيف خلقت واما عن ذكر الحصان ففى سوره العاديات حيث قال الحق والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فاثرن به نقعا فتبسم الجمل وبعد ان شكر الحمار على هذه الاشاره الطيبه خاطب الحمار قائلا وانت ياصديقى وجنسك لن ينساك بنى الانسان حتى ولو انقرض نوعك طالما تذكر الانسان الموت والحياه والبعث والنشور فلقد ضرب الله بك المثل كيف يحي الله الموتى لنبى الله عزير عليه السلام كما ورد فى سوره البقره الايه 259 فتبسم الحصان من فطنةالجمل والحمار وقال لهم لقد اراح استشهادكم هذا من القران قلبى واذهب عنى الهم الذى اصابنا جميعا منذ ان احضرنا الحاج صابر الى السوق ولكن هذا حال قضاء ربنا ونشكره على رفع ذكرنا فى كتابه الكريم. دكتور هانى سلمى [email protected]