يعرف الكثيرون عن الشهيد سيد قطب أنه من أبرز المفكرين الإسلاميين, و يعرف الكثيرون أنه ولد عام 1906 أى نفس العام الذى ولد فيه الإمام الشهيد حسن البنا, وأنه تخرج مثله من كلية دار العلوم, وانتهت حياته مثله بالاغتيال على يد أعداء الإسلام. ولكن سيد قطب أعدموه بعد تعذيبه فى السجون عام 1965 , ثم حاول أدعياء الماركسية وحتى الآن تشويه صورة كل منهما وتشويه صورة الإخوان المسلمين بل والإسلام وربطه بالرجعية وبالإرهاب ترديدا لمقولات أمريكا وإسرائيل عن الإسلام والمسلمين فكل من يقاومهم فى العالم هو إرهاب.. ويعرف الكثيرون أيضا أن كتب سيد قطب الإسلامية عديدة منها: "فى ظلال القرآن" و"معالم فى الطريق" و"التصوير الفنى فى القرآن 1945"، و"خصائص التصور الإسلامى" و"العدالة الاجتماعية فى الإسلام" و"معركة الإسلام والرأسمالية 1951".. و لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أننى بحثت عن هذه الكتب فى المكتبات فلم أجدها باستثناء (فى ظلال القرآن) وكذلك معالم فى الطريق.. وما لا يعرفه الكثيرون أيضا هو أن فكرة تشبيه القرآن بالكتالوج الذى يصدره المهندس صاحب المصنع كدليل لتشغيل وإصلاح أى جهاز لأنه أعلم وأدرى به وأن القرآن هو مثل ذلك الكتالوج، لأن الله هو خالق الإنسان وهو أعلم وأدرى به لذلك وضع له فيه منهاجا وأسلوب الحياة الذى يصلحه, أقول إن هذه الفكرة التى اشتهر بها الشيخ متولى الشعراوى ورددها خلفه الكثيرون قد أخذها بحذافيرها عن كتاب "فى ظلال القرآن"، ولكن الشيخ الشعراوى لم يذكر لنا ذلك ربما خوفا من أن يبطشوا به ويردموا عليه مثلما ردموا على أستاذه سيد قطب من قبل.. وما لا يعرفه الكثيرون أيضا عن سيد قطب أنه كان من كبار الشعراء بل هو أعظم من معاصريه أمثال ناجى وعلى محمود طه, بل كان من أكبر النقاد المنظّرين أى أصحاب النظريات ومن رواد المذهب النفسى مثل العقاد, وقد وضع سيد قطب أول وأهم كتاب فى النقد المعاصر وهو كتابه "النقد الأدبى أصوله ومناهجه", وله أيضا كتاب "دراسة فى الطابع الجدلى للخطاب الشعرى" وكتاب "ثنائيات الخطاب الشعرى فى تراثنا الأدبى", و"أشواك".. وما لا يعرفه الكثيرون عن سيد قطب هو أن كتبه هذه ممنوعة من النشر منذ أيام الزعيم الخالد جمال عبد الناصر حتى أيام المخلوع مبارك, فقد بحثت عن هذه الكتب فلم أجدها فاتجهت إلى دار الكتب المصرية فلم أجدها، بل لم أجد كتابا ألفه الدكتور محمد مندور قرأته له فى مطلع الخمسينيات يحوى فصولا فى الأدب والنقد وكتب فيه فصلا كاملا عن سيد قطب وأشاد به وبشعره وبأنه أول من أسس للنقد الأدبى المعاصر وبأنه من أبرز نجوم مدرسة "أبوللو", وقدم لنا مندور فى كتابه هذا نماذج من شعر سيد قطب بالتدليل على ما سماه الدكتور مندور باسم "الشعر المهموس"، والذى يعتبره فى نظره آنذاك أعظم الشعر ويقصد به الشعر الرقيق الهادئ حين تسمعه وكأنه الهمسات، ذلك فى مقابل الشعر الزاعق الخطابى, ولكن للأسف فإن الدكتور مندور تحول عن أقواله خوفا من بطش عبد الناصر ولم يطبع كتابه هذا بعد ذلك وإنما كتب فى الستينيات بدلا منه كتابه "الشعر المصرى بعد شوقى" فذكر اسم سيد قطب مجرد اسم وعلى استحياء كأحد شعراء مدرسة "أبوللو", ثم كتب الدكتور مندور (النقد والنقاد المعاصرون) فلم يشر إطلاقا إلى سيد قطب وإنما كتب بدلا منه فصلا كاملا عن "لويس عوض" رفيقه الشيوعى، كان ذلك فى الستينيات أولا لخوفه من عبد الناصر وثانيا لأن الدكتور مندور آنذاك كان قد كشف عن أنيابه الماركسية وأصبح ينادى بدلا من الشعر المهموس بالشعر الخطابى الزاعق فيما كان يروج له من الأدب الهادف والواقعية الاشتراكية هو وأدعياء الماركسية فى مصر الذين كانوا وما يزالون يفسدون الأدب العربى.. كلمة أخيرة.. إن كتب سيد قطب قد منع طباعتها الفراعين الذين حكموا مصر ستين عاما ولكن الآن بعد ثورة 25 يناير أدعو لجمع تراث سيد قطب الشعرى والنقدى والإسلامى وإعادة نشره لتستفيد به أمتنا فى نهضتها التى كان يحلم بها المفكر الإسلامى الذى يعرفه الكثيرون والناقد والشاعر الكبير الذى لا يعرفه الكثيرون.