«موازنة البرلمان»: التعليم فى مصر مسألة حياة أو موت.. والبنود الاحتياطية هي الحل.. وخبير يطالب ببيع المنشآت الحكومية لتوفير الاعتمادات اللازمة أثارت تصريحات الدكتور طارق شوقي، وزير التربية التعليم، بشأن عدم قدرته على استكمال تطبيق المنظومة التعليمية الجديدة في ظل الميزانية الحالية، جدلًا واسعًا بين المعنيين بالعملية التعليمية في مصر، خاصة أن الوزارة طالبت بتخصيص 138 مليار جنيه في موازنة العام المالي الجديد، إلا أن وزارة المالية اعتمدت 99 مليارًا فقط. ويخشى المتحمسون للمنظومة التي يهدف وزير التربية والتعليم إلى تطبيقها من أن يؤدي ضعف المخصصات المالية إلى إفشالها، وعدم إنجاحها بالصورة المأمولة، فيما لا يبدو آخرون مقتنعين بالأفكار التي يطرحها لتطوير المنظومة التعليمة، خاصة وأن المؤشرات التي ظهرت في تطبيق فكرة الامتحان عن طريق "التابلت" لطلاب الصف الأول الثانوي واجهت الكثير من الانتقادات، مع تعطل عمل الأجهزة في بعض الأحيان، وعدم قدرة البعض على مواكبة هذا التطور في ظل الافتقاد لبنية تعليمية تساعد على إنجاح التجربة. وخلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب الإثنين الماضي، صرح وزير التعليم قائلاً: "علينا استغلال وجود قيادة سياسية مؤمنة تمامًا بتطوير التعليم، فلو لم نكن كذلك لواجهنا مشكلات مضاعفة، فحاليًا وزارة المالية لا تمنحنا "مليمًا واحدًا إلا بطلوع الروح". وأضاف: "لو مخدناش اللى عايزينه المرة دى مشروع تطوير التعليم هيقف، ودا مش تهديد، عايزين 11 مليار جنيه فوق المعتمد من المالية، مش هكمل من غيرهم، والوزارة هتقفل، عايزين 110 مليارات جنيه دون زيادة مرتبات المعلمين، وليس لدينا رفاهية الحوار". وأوضح، أن الوزارة طلبت 138 مليار جنيه في مشروع الموازنة الجديدة، إلا أن وزارة المالية قررت تخصيص مبلغ 99 مليار جنيه فقط، دون استشارة وزارة التربية التعليم، قائلًا: "إحنا مش بنفاصل، وأنا محتاج على الأقل 110 مليارات من غير زيادة مرتبات المعلمين". من جانبه، قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية: "الاهتمام بالتعليم والصحة يحتل أولوية قصوى من القيادة السياسية والحكومة حيث يتم تدبير الاعتمادات اللازمة لموازنة هذين القطاعين"، مؤكدًا "الاهتمام بتقديم الدعم لقطاع التعليم، وأنه يتم التنسيق مع وزارة التربية والتعليم بشأن تدبير الاعتمادات المالية اللازمة لهذا القطاع". وأضاف: "نحن حكومة واحدة وسنوفر كل التمويل الذي يحتاجه قطاع التعليم لأن تطوير هذا القطاع ضمن أولويات الحكومة". وعلى الرغم من اعتراضاته على ضعف الموارد المالية المخصصة للوزارة، إلا أن وزير التربية والتعليم، يبدو متمسكًا بتطبيق فكرة تطوير المنظومة التعليمية، مؤكدًا أن "مشروع تطوير التعليم المصري يسير إلى الأمام بخطى ثابتة". وقال عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "مشروع تطوير التعليم المصري يسير إلى الأمام بخطى ثابتة، وامتحانات الصف الأول الثانوي تتم بنظام الامتحانات الجديد وبنظام الكتاب المفتوح". وتابع: "تتم امتحانات الصف الأول الثانوي إلكترونيًا لطلاب المدارس الحكومية والخاصة حسب الجدول المعلن وفي لجان تم تجهيزها في المدارس الحكومية". وأشار إلى أن "امتحانات الصف الأول الثانوي تتم ورقيًا لطلاب المنازل والخدمات والمستشفيات والسجون، وحسب الجدول المعلن وبالتأمين الكافي كالأعوام السابقة"، لافتًا إلى أنه "لا توجد خلافات بين وزارات الدولة بل عمل تكاملي فريد نفخر به جميعًا". وأوضح أن وزارة الاتصالات تساعد في استكمال البنية التحتية في جميع مدارس الجمهورية، مشيرًا إلى أن "سيستم" الامتحانات الإلكترونية في مايو سوف يعتمد على نظامين منفصلين لضمان كفاءته. بينما أوضح الدكتور محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني لشئون المعلمين، أنه "لابد من أن يكون المعلمون مقتنعين بمنظومة التعليم الجديدة وبأهمية التغيير، وهذا أكبر تحدٍ، ولابد من وجود ثقة متبادلة بين الوزارة والمعلمين". وأكد أن "الدكتور طارق شوقي عضو بالمجلس الأعلى للجامعات، وبالتالي فهو يشارك ويرسم السياسة التعليمية مع الجامعات، وهناك تواصل مستمر بين وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي لتحقيق الهدف المرجو من التغيير في التعليم". وأشار إلى أن التعليم هو مشروع الدولة المصرية وليس مشروع وزارة أو هيئة بعينها والدولة هي التي تعمل بجميع مؤسساتها على مشروع التعليم لتحقيق حلم بناء الإنسان المصري وتأهيل النشء. من جانبه، قال ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن اللجنة تؤيد تمامًا للمنظومة التعليمة الحديثة، موضحًا أنهم يسعون بكل الطرق لتوفير مصادر تمويل غير تقليدية وخارج الصندوق للإنفاق على منظومة التعليم الجديدة، كما حدث مع قانون التأمين الصحي، من أجل الارتقاء والتطوير المنظومة. وأضاف ل"المصريون"، أنه "يمكن توفير 11 مليار جنيه من البنود الاحتياطية في الموازنة العامة للدولة لدعم منظومة التعليم الجديدة"، موضحًا أن "اللجنة ستقوم بدراسة طلبات وزير التربية والتعليم، وستعقد لقاء بالوزير، من أجل بحث توفير المبلغ الذي يطالب به، وإعادة ترتيب الأولويات". وأشار إلى أن "اللجنة ستحارب من أجل زيادة موازنة التعليم، لأن في حال التقصير ستتحمل الحكومة بالكامل مسئولية فشل خطة تطوير التعليم". وقال وكيل لجنة الخطة والموازنة، إن "الموازنة الجديدة لوزارة التربية والتعليم غير كافية، لأن الثلثين منها يصب في الرواتب والأجور، ونصيب التطوير منها لا يتعدى 15 مليار جنيه". وأضاف أن "هناك اقتراحًا من قبل اللجنة بأن يتم تخصيص 120 مليار جنيه ل التعليم، بعيدًا عن زيادات الرواتب والتعاقدات الجديدة للمدرسين، وفي حال عدم توافرها خلال السنة الحالية، فإنه سيكون من الضروري توفير 10 مليارات هذا العام، و10 أخرى العام المقبل". وقال الدكتور كمال مغيث، الخبير في المركز القومي للبحوث التربوية، إنه "لا مانع من الاقتراض لتطوير منظومة التعليم، لاسيما أن النتيجة ستكون مجدية، ولابد من توفير الاعتمادات المالية اللازمة فورًا، وتحت أي بند من البنود". واقترح مغيث، أن "تبيع الدولة المنشآت الحكومية التي تقع في نطاق وسط القاهرة، بعد نقلها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، من أجل تطوير المنظومة التعليمية". وتابع ل"المصريون": "لابد من الوعي بأن الدولة في كارثة تعليمية منذ 30 عامًا، والنهوض بالتعليم يحتاج إلى وقت وإمكانيات جبارة". ورأى أنه "كان من الأفضل أن يؤجل وزير التعليم الحالي تطبيق المنظومة في الوقت الراهن لمدة 5 سنوات على الأقل، فهو أنفق 4 مليارات جنيه على "التابلت"، بتوصيات من البنك الدولي، دون أن يعلم هل سيتم استخدامه أم لا، ودون وجود خطة مدروسة". وأكد الخبير التربوي، أن "تطبيق المنظومة التعليمية الحديثة يحتاج منا جميعًا إلى الوقف بجانبها ودعمها، للارتقاء بها ومن ثم النهوض بالدولة ككل".