الكفيف والطالب المجتهد والإصابة بمرض خطير والغارمات.. وسائل للخداع غرائب المتسولين: «كفيف وبيشوف.. نفسى أعالج ابنى من السرطان.. خرجت من التعليم وبصرف على إخواتى» «أم محمد»: «ربنا زرع فى قلوبنا الرحمة».. «أحمد»: «كله لله واللى بيحاسب ربنا».. و«عرفة»: متسول زكى وشعب عاطفى من وقت لآخر، يلجأ المتسولون إلى حيل جديدة وغريبة، في محاولة لاستدرار عطف الناس، والحصول على "حسنة" منهم، ولا ينفكون في البحث عن الجديد كل يوم في أساليب التسول والشحاذة، فمن المتسول صاحب الملابسة الرثة، والجسد العاري، إلى المتسول الشيك، الذي يلجأ إليك طالبًا منك المساعدة في الحصول على تعريفة ركوب المواصلات بعد أن فقد حافظته، وهذه سيدة تحمل روشتات للعلاج تتضمن قائمة لا نهائية من الأمراض، وأخرى تحمل طفلاً تقول إنه يعاني من جملة أمراض مزمنة وبحاجة إلى من يساعدها في توفير الدواء. «كفيف وبيشوف» من أصعب الحالات التي يمكن أن تقابلك في الشارع أو في المواصلات، ولا تستطيع منع نفسك من مساعدتها، هو ذلك الكفيف الذي لا يجد من يساعده في طريقه، ويستمد إلى عصا يتكئ عليها، لكن الصدمة حين تكتشف أن "الأعمى بيشوف"، كما تأكدت بذلك محررة "المصريون"، بعد أن خاضت تجربة مع كفيف يقف في منطقة وسط البلد؛ يتكئ على عصا، ويحمل باليد الأخرى كيسًا بلاستيكيًا كبيرًا يمتلئ بعلب المناديل الصغيرة. يعرض بضاعته على المارة، هناك من يشتري بأعلى من قيمة "كيس المناديل"، ويعطيه ما تجود به نفسه، وهناك من لا يأخذ منه شيئًا مكتفيًا بمساعدته، وحين هممت المحررة بالتقاط صورة له لإرفاقها في التقرير، فوجئت به يقف يبادلها النظرات من خلف نظارته السوداء؛ ليرى ماذا ستفعل بعد أن صورته، بينما انطلقت هي في طريقها، وهي تضرب كفًا على كف، بعد أن صدمت مما رأته. «الطفل اللى بيذاكر» طفل صغير، يفترش الرصيف، جلس وأمامه عبوات مناديل على قفص خشبي صغير، وبضع جنيهات على الكتب، متظاهرًا بالانشغال بمذاكرته، وهي من الوسائل التي تنجح في استدرار عطف المارة، الذين لا يتوانون عن تقديم "حسنة" من جيوبهم له، تقديرًا لما يفعله، ومساعدته على إكمال تعليمه، وحتى لا يكون د الشارع مقرًا دائمًا له. الغريب في الأمر أنك أحيانًا ما تقابل هذه النوعية من الأطفال، وهم منكبين على المذاكرة في فصل الصيف؛ فإذا سألته يقول لك، إنه له "دور ثاني" في تلك المادة، وأحيانًا تحاول أن تعرض عليه المساعدة في استذكار تلك الدروس إلا أنه يرفض ويصمم على الرفض، والمفاجأة تكون عندما تجد أن الكتاب الذي يحمله لمرحلة أخرى غير التي قد أخبرك عنها، ولكنها حيلة جيدة لانتزاع ما في جيبك دون اعتراض بل وبمحبة وشفقة أيضًا. النقاب التستر وراء النقاب من الحيل التي تلجأ إليها كثيرات للتسول، لكن الجديد في الأمر أنه لم يعد قاصرًا على النساء كما يظن البعض، فهناك رجال ينتحلون صفة نساء ليسهل لهم التسول به. ومؤخرًا، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يكشف عن استغلال النقاب في التسول من قبل رجال، وذلك بعد أن ظهرت منتقبة وهي تشتبك مع سيدة أخرى تحمل طفلاً أثناء تسولهما في شارع سيتي بحي غرب أسيوط، وأثناء الاشتباك يسقط النقاب عن وجه إحداهما، ليظهر أنها رجل، فما كان من المارة إلا أن قاموا بتلقينه درسًا لن يتمكن من نسيانه بسهولة. «الحوض المرصود» مستشفى الحوض المرصود بالسيدة زينب هي مقصد لأصحاب الأمراض الجلدية التي لم ينجح الأطباء في العيادات الخاصة أو المستشفيات في إيجاد علاج لها، وأثناء انتظار الدور لتوقيع الكشف الطبي، تجد رجلًا يمر بين الطوابير ويخبرك "بالمحسوس.. اديني علشان تخف"، وتكون كلماته "يا شافي المتصدقين يارب.. اللي يديني عجل بشفاه يارب.. جازي المتصدقين بالشفا يارب"، فيكون رد فعلك الطبيعي أن تضع يدك في "جيبك"؛ لتعطيه رغبةً في الشفاء من ما ألمَّ بك من مرض لا يشفي. كبار السن "رجل منحني الظهر يقف بجوار حائط، وبالكاد تقوي قدماه على حمله، وعندما تمر بجواره تسمعه يقول: "أنت اللي عالم بحالي يارب قويني"، تبدو الكلمات أنها خرجت عفوية؛ لأنه لا يراك، فهو ينظر إلي الأرض أو يداري وجهه بكفيه، ويكرر الأمر ثانية، إلا أن أمره ينكشف في المرة الثالثة، حين ظهر وهو يسير بصورة جيدة، ولا يظهر عليه الضعف، فما يفعله حجة للاحتيال والاستيلاء على ما في جيبك بطريقة قانونية. سيدة أخرى كبيرة في السن تفترش الطريق، وإذا حاولت أن تساعدها تجدها غائبة عن الوعي لا تستطيع الكلام أو الحركة، إلا أنك ستقابلها كل يوم وهي نائمة على الأرض وبجوارها عبوات العصير التي منحها إياها المارة، وعندما تفيق ترفض المساعدة أو أن تذهب إلى أي مكان آخر، وإذا دققت النظر أو راقبتها من بعيد تجدها تقوم بجمع ما وضعه المارة من أموال في جيبها دون أن يشعر بها أحد. السرطان "أقسم بالله العظيم، أنا دايخة بابني من 5 سنين على المستشفيات، والأوراق معايا اهي اللي يحب يتأكد، ربنا يكفيكم شر السرطان ويارب ما تدخوش دوختي، يارب ما يتعب ولادكم زي ابني"، وغيرها من عبارات أصبحت تتردد كثيرًا على أسماع رواد المترو أو المواصلات العامة، وهي كلمات مبطنة بالتهديد بأنك إذا لم تدفع لها فقد يُصاب قريب لك به، وتطالب صاحبتها بالمساعدة المادية فإذا عرضت عليها أن تساعدها في إدخال ابنها مستشفي أو تسألها لماذا لا تلجأ للمستشفيات الحكومية المتخصصة في علاج تلك الأمراض؛ يكون ردها أن هناك بعض أنواع الأدوية غير المتوفرة بالمستشفي، وأنها لابد أن تقوم بشرائها من خارج المستشفي لخطورة حالته وصعوبتها. غارمة "يا أولادي يا حبايبي أن كنت عايزة أجوز بناتي التلاتة واضطريت أمضي شيكات علي نفسي ب80 ألف جنيه، وبعد ما اتجوزوا أبوهم مات، وأنا دلوقتي هدخل السجن، أنا سترت بناتي بس هتسجن ارجوكم، استحلفكم بالله ساعدوني بأي مبلغ استروني ربنا يستركم". تصادفك غالبًا مثل هذه السيدة في المواصلات، وإن اختلفت العبارات بعض الشيء، لكن المحصلة النهائية أن هناك دينًا كبيرًا وشيكات تم توقيعها، ولابد من سداد جزء منها وإلا دخلت السجن وبناتها "هيتفضحوا". وهناك الغارم الذي يدعي أنه العائل الوحيد لأسرته الكبيرة العدد التي ستضيع من غيره، ويجب أن ينتهي من زواج بناته، وقصص كثيرة يرويها لك لدرجة أنك قد تعطيه كل ما بجيبك إلا أنك ستجد المفاجأة عندما تحصل علي عنوانه وبياناته في محاولة لمساعدته بصورة أكبر، وعندما اتصلت محررة "المصريون" في تجربة شخصية بإحدى المؤسسات الاجتماعية لمساعدته من خلال بياناته؛ اكتشفت أنه قام بالنصب على العديد من تلك المؤسسات؛ بحجة أنه غارم ويريد أن يستر بناته، وقاموا بالتحذير من التعامل معه. «الشحات الدليفرى» "يا عاطي العباد ياااااااارب.. يا منجي عبيدك يااااارب.. ياللي في البيوت احدفو لي اكل جعان.. لله يامحسنين.. الأجر والثواب علي الله".. طريقة جديدة للتسول وهي الشحات الذي يمر أسفل منزلك ليوفر عليك عناء إخراج الزكاة أو الصدقة، أو أي هبة ترغب في منحها، فهل يستحق فعلًا أن تمنحه شيئًا؛ فحجته أنه مريض لا يقوى على العمل، فكيف به يتجول بين الأحياء دون كلل، وهو يطلق الصوت الجهوري الذي يسمعه الناس في البيوت. «العربية مفلسة» "معقولة كل العربية ما فيهاش جنيه واحد، كل اللي فيها ما عهوش جنيه".. كلمات "تقطيم" مستترة تخرج من فم سيدة متوسطة العمر، حتى تخرج من جيبك ثمن علبة المناديل أو ما تجود به إلا أن كلماتها أثارت حنق ركاب القاطرة ورفضوا منحها أي نقود. خرجت من التعليم "أنا اسمي صباح وخرجت من المدرسة واضطريت أمد أيدي وأشحت علشان أساعد أمي وأصرف علي إخواتي الصغيرين في التعليم".. كلمات كتبت على الكمبيوتر، وتم طبعها نسخًا كثيرة، وتقوم فتاة مرتدية نقابًا بتوزيعها على راكبات المترو، دون أن تتحدث بكلمة، وهناك من يعطيها وهناك من يتمنع. ربنا زرع فى قلوبنا الرحمة "ربنا زرع في قلوبنا الرحمة وبنحاول نعمل زي الرسول ما قال ونساعد المحتاج".. كلمات قالتها الحاجة "أم محمد"، مضيفة ل"المصريون": "لو شحات قال "لله"، لازم اديله علطول ده بيقولك لله، كلمة كبيرة، إحنا شعب غلابة وطيبين وبنحب نساعد بعض". وتكمل قائلةً: "فيه شحاتين كتير بيمروا تحت البيت عايزين حسنة، أو أكل لازم نساعدهم أمال مسلمين إزاي، ما ينفعش نشوف حد محتاج ونسيبه". أما "أحمد" فقال: "كله لله واللي بيحاسب العباد ربنا، في ناس بصدق كلامها وبديهم اللي فيه القسمة والنصيب وفي ناس بيبان عليها أنها بتكذب، وخصوصا اللي بصحته ويقولك تعبان، بصراحة بستخسر اديله حاجة، لكن لو راجل كبير ولا عيل بيذاكر بيصعبوا عليا". وفسرت الدكتورة فاتن عرفة، خبيرة علم النفس والاجتماع، تلك الظاهرة بأنها "ترجع إلى أننا شعب عاطفي بطبعه، نقبل على فعل الخير لأي إنسان محتاج طالما أننا نقدر على مساعدته". وأضافت ل"المصريون": "المتسول زكي في عرض حاجته أو الضائقة التي يمر بها، وفي الفترة الأخيرة تنوعت طلباتهم وطرق عرضهم لمشاكلهم بطريقة مقنعة جدًا، وهم يستغلون المواسم الدينية مثل رجب وشعبان ورمضان لينتشروا فيها جدًا بحجة أن الحسنة بعشر أمثالها، كما تجدهم أمام أماكن العبادة أو أيام الجمعة، ونحن نحاول التقرب إلى الله بالحسنات، خاصة المحتاجين".