115 ألف طن أرز أبيض تم التعاقد على استيرادها لتعويض النقص فى الإنتاج المحلى.. والمواطنون: «البلدى لا يُعلى عليه» نقيب الفلاحين: ليس هناك حل إلا الاستيراد لمواجهة أزمة المياه.. و«زراعة البرلمان»: على الحكومة الإجابة على هذه التساؤلات يعد الأرز من المحاصيل الشعبية في مصر، وخاصة في محافظات الوجه البحري، وهو يمثل أهمية كبرى لدى المصريين، ربما لا تقل أهمية عن رغيف الخبز، فلا يمكن لبيت في مصر أن يستغني عنه ضمن الوجبات اليومية الأساسية، ربما ذلك مرتبط برخص ثمنه مقارنة بأسعار سلع أخرى، فضلاً عن دخوله في كثير من المأكولات التي تمثل وجبات أساسية على مائدة المصريين. لكن التطورات التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، فيما يتعلق بحصتها من نهر النيل، وسط مخاوف من تراجع حصتها التاريخية البالغة 55 مليار متر مكعب، في ظل بناء إثيوبيا لسد النهضة، كان سببًا رئيسيًا في دفع الحكومة إلى اتخاذ قرار بتقليص الرقعة الزراعية المخصصة لزراعة الأرز، بغرض توفير المياه، نظرًا لأن الأرز يستهلك مياهًا كثيرة. من هنا، بدأت الحكومة ممثلة في هيئة السلع التموينية مصر في اللجوء إلى حلول بديلة لتعويض التراجع في محصول الأرز، عبر الاستيراد من الخارج. وقال أحمد كمال المتحدث باسم وزارة التموين، إن الوزارة تعاقدت على شراء 47 ألف طن أرز أبيض، إضافةً إلى استيراد 68 ألف طن أرز أبيض طبيعى تام الضرب من الهند والصين، وذلك لأول مرة، لافتًا إلى أن الكميات التى تم التعاقد عليها متوافقة فى اختبار الطهى مع مذاق المستهلك المصري، حيث تم إجراء الاختبار فى معهد تكنولوجيا الغذاء التابع لمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة بالتنسيق معها. وأوضح، أن الأسعار ستكون في متناول الجميع بعد ضخ الكميات المستوردة في الأسواق، وستتراوح بين 25 و30 بانتظام حسب السلع المتوافرة بالمخازن، ويحق لهم صرف "المكرونة" بأنواعها بديلًا عن الأرز على التموين؛ لأن بعض المحافظات لا توجد بها كميات كافية منه، وكذلك سلع الصابون والمسلى والصلصة والشاي إلى جانب سلع السكر والزيت الأساسية. التجار والمواطنون وتقول سيدة تصرف مقرر تموينها من منفذ "نيو ماركت" بشارع أحمد عرابى بالمهندسين، إن الأرز الهندى متواجد فى الأسواق، ويباع بسعر 30 جنيهًا، لكن عند طهيه ليس له مذاق مقبول مثل الأرز البلدى، "فعلى الرغم من أن المصرى يحتاج إلى كميات مياه كثيرة لتسويته، إلا أنه أفضل من الأرز المستورد في الطعم". وعلق مواطن – فضل عدم نشر اسمه – مبديًا اعتراضه على استيراد الأرز من الخارج، قائلاً: "لا تحدثونى عن أرز صينى ولا أمريكى، أريد أرز بلدنا، الذي لا يُعلى عليه، فليس معقولاً أنه يتم استيراد كل شيء حتى الأرز أيضًا؟ هذا لا يرضى أحدًا". وتساءل عن سر عدم صرف الأرز بشكل شهري على بطاقات التموين، "لماذا انتظرنا على المشكلة حتى وقعت؟ لماذا لا نبحث عن حلول قبل وقوعها؟ والفلاح من أين سيكون له دخل بعد أن يُمنع من زراعة الأرز؟". فى شارع الحرية بمنطقة إمبابة، تقف تريزا زكى، صاحبة منفذ لبيع المنتجات التموينية لتوزيع الحصص المقررة للمواطنين، معبرة عن رفضها القاطع لاستيراد الأرز من الخارج. وقالت: "لن أوافق على ضم منتج الأرز المستورد الصينى والهندى إلى السلع التى أبيعها للمواطنين؛ لأنه لا يوجد إقبال عليه وبشكل خاص الهندى؛ لأنه متواجد فى الأسواق منذ فترة، وعلى الحكومة البحث عن حلول عادلة لعودة زراعة الأرز كما كان في السابق، مع وضع إرشادات إجبارية للفلاحين فى الزراعة". ويقول "أبو مصطفى"، صاحب متجر آخر: "توفير السلع الأساسية بالتموين هى من مسئولية الحكومة كاملة؛ لأنه حال وجود قصور فى إحدى السلع من أين سيحصل عليها المواطنون؟ خاصة بعد الأزمة الأخيرة للسكر التى أحدثت خللًا كبيرًا فى الأسعار، حتى وصل سعر كيلو السكر لما يقرب من ضِعف السعر؛ ولا نتمنى أن تتكرر هذه الأزمة مع الأرز، نريد حلولًا واقعية ووفق دراسة علمية". نقيب الفلاحين وقال محمد العقارى، نقيب الفلاحين، إنه يؤيد فكرة استيراد الأرز الصينى والهندى بكميات كبيرة خلال الفترة المقبلة، بعد تقليل مساحة الأرز البلدى المزروع في مصر؛ لتقليل هدر المياه في عملية الرى، ومن أجل ترشيد المياه عمومًا. وأضاف ل "المصريون"، أنه "لا خلاف على مصدر الاستيراد سواء من أمريكا أو أوروبا، لكن لابد من مواجهة العجز أو النقص قبل حدوثه لأن الأرز مثل الخبز لدى المواطنين". وأوضح أن "الاستيراد لابد أن تكون له آليات محددة وتخصيص ميزانية له، على أن يشارك القطاعان الحكومي والخاص في استيراد الأرز؛ على أن يتم تحديد الأسعار، بحسب جودة الأنواع المستوردة". وعن المقترحات لمواجهة تقليص نسب الأراضي المزروعة بالأرز، قال نقيب الفلاحين، إنه "لابد من إبرام اتفاقيات جديدة مع دول نهر النيل، لضمان حفاظ مصر على حصتها بالمياه، فضلاً عن أنه من الممكن أن نلجأ لعملية تحلية مياه البحر، وهذا الأمر من بين المقترحات التي تدرسها الحكومة لتحسين موارد الرى خلال الفترة القادمة". «زراعة النواب» من جهته، قال رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب، ل"المصريون"، إن "هناك كميات فائضة من مياه البحر الأبيض المتوسط لماذا لا يتم استغلالها في زراعة محصول الأرز، وهل الأراضى المواجهة للبحر، التى تعتمد على زراعة الأرز ككفر الشيخ والبحيرة، هل استعاضت الحكومة بمحصول آخر لزراعته بدلاً من الأرز؟". وأضاف: "إذا توجهنا إلى استيراد الأرز، علينا تحديد محاصيل بديلة لزراعتها مكانه في المحافظات التي كانت تعتمد على الأزر، ومعرفة المخصصات المالية من موارد النقد الأجنبي لعملية الاستيراد". وتابع: "يهمنى فى المقام الأول الفلاح اليوم، خاصة أن هذه الأراضى لا تصلكح إلا لزراعة الأرز فقط، فبأى وسيلة سيتم تعويض الفلاحين؟ وحتى القطن الذي كان من الممكن أن يكون بديلاً للأرز، حددت الحكومة سعر بيعه فى الوجه البحرى ب2700 جنيه، و2500 جنيه للوجه القبلى، وهي أسعار لا ترضى الفلاحين؛ لذلك سيخالف الفلاح تعليمات وزارة الزراعة بعدم زراعة الأرز، فإذا كانت الحكومة لا تلتزم بما تقول فلماذا تطالبنى بالالتزام بنوع المحصول؟ ودفع الضرائب؟". واستطرد قائلاً: "الفلاحون يزرعون حوالى 700 ألف فدان أرز، ومتوسط إنتاجية الفدان من 2 إلى 3 أطنان أرز موزعة بين محافظاتالإسماعيلية والشرقية والبحيرة وبورسعيد ودمياط وكفر الشيخ المواجهة للبحر الأبيض المتوسط". وأردف: "نطالب الحكومة بإجراء مزيد من الدراسات حول مساحات زراعة الأرز وتوفير كميات أكبر من المياه، مع إجراء دراسات حول عملية الاستيراد". وأيَّده الرأي النائب محمود شعلان، عضو لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، متسائلًا عن الأسباب الأساسية وراء الاستيراد؟ هل بسبب المياه أم لتوفير نفقات أم لأسباب أخرى؟. وقال: "مصر منذ فترة قريبة جدًا كانت من أولى الدول فى تصدير الأرز، وكان موردًا هامًا جدًا لها"، متابعًا: "العام الماضى تم زراعة كميات كبيرة من الأرز، هل حققت الاكتفاء الذاتى أم لم تكف الاستهلاك المحلي؟ وما هي مساحة الأراضي التي خصصت للزراعة؟ وماذا عن الري؟". وأضاف: "لابد من التنسيق بين كل الوزارات المعنية، وهي الزراعة والرى والتموين، على أن يتولى وزير الزراعة تحديد مساحة الأراضى المنزرعة، بينما تتولى الرى تحديد كمية المياه المخصصة للري، فيما تقوم وزارة التموين بتحديد الأسعار، والكميات التى تحتاجها السوق المحلية". وتابع عضو لجنة الزراعة: "اللجنة ستعمل على تحقيق ذلك، والأهم التنسيق مع الفلاحين بخصوص المحاصيل المطلوبة، وطرق الري، وطرق تسويقها، وأسعار شرائها، حتى يستطيعوا أن يحددوا المكسب والخسارة".