من الأخطاء العظيمة التى يقع فيها بعض الكتاب التطرف لأفكارهم المنبثقة عن روح تنضح بالكراهية العمياء، مما يجعل أدواتهم متهافتة وضعيفة. من الكلمة الأولى فى مقاله بالشرق الأوسط أمس الاثنين "زفة قنبلة مرسى"، أشعر مأمون فندى قراءه بأدنى درجات التهافت والضعف والتفكك. مشكلته أنه ينطلق من إرادة شخصية عنده بتقزيم مصر التى تركها فى شبابه ابن القرية فى قنا بصعيد مصر ليدرس فى الغرب ويعمل فى بعض مؤسساته، ثم يعود لاحقا إلى القاهرة منظّرا سياسيا ومحللا إعلاميا. لسبب مجهول، يكره مأمون فندى مصر، ولسبب مجهول أيضا يحب حسنى مبارك حتى النخاع، فلم يطق ثورة 25 يناير، ولم يتفاعل مع مطالب ثوارها وانحاز للقلة التى ناصرت نظاما ضعيفا أمرض مصر وأنهكها، نتلمس ذلك فى مقاله الأخير عندما ينسب السبق إلى مبارك فى بعض أقوال مرسى بطهران، ويزيد على ذلك تقزيمه لمصر والحط من قدرها ومعايرتها بفقرها وقلة مواردها. المعارضة أمر رئيسى فى الأنظمة الديمقراطية، ولكن المعارضة المتجنية انطلاقا من كراهية تعتمل فى الصدر وتثقل المزاج تعبر عن تدنٍ فى الأسلوب والكتابة، وغياب للفكر والمنهج. مقاله الأخير من أوله إلى آخره يشى بقصوره الفكرى المزمن وتطرفه لنفسه وأفكاره المتعصبة، وإصابته بمرض التوحد الثقافى، على حد وصف أحد المثقفين، ومن هنا وقع فى إهانة "الصحابة الأربعة" أبى بكر وعمر وعثمان وعلى، وكذلك فى جملة من المغالطات الفظيعة والكارثية. يقول مأمون فندى "بدت معظم الصحف العربية والمصرية وكأنها تقود حملة مدفوعة الأجر للانتصار الوهمى الذى حققه رئيس مصر فى إيران فى قمة عدم الانحياز، بتسليمه فى كلمته التى ألقاها على الصحابة الأربعة". فندى يعتبر أن تسليم الرئيس محمد مرسى على الخلفاء الراشدين الأربعة، خصوصا أبى بكر وعمر فى قلب العاصمة الشيعية الصفوية التى نشأت دولتها على سبهما، انتصار وهمى! يقول فندى: "تسليم مرسى على الصحابة، لا يعول عليه فى العلاقات الدولية وغير مفهوم خارج إطار العالم الإسلامى". لا أعرف كيف لباحث سياسى اجتماعى هذه الرؤية المحدودة والجاهلة.. "هبلة ومسكوها طبلة"!! يضيف: "اربطوا الأحزمة، لأننا أمام كارثة من العيار الثقيل". تصوروا.. التسليم على الخلفاء الأربعة فى رأى مأمون فندى كارثة من العيار الثقيل!.. شارحاً نظريته السياسية المضحكة بأن "هذا الخطاب لن يؤدى إلى احتكاكات مع الشيعة فقط، بل مع الدول السنية الكبرى، وبذلك يكون الخطاب خراباً على علاقات مصر مع المعسكرين الشيعى والسنى إذا جاز التعبير". كل هذا سيحدث يا رجل بشأن تسليم مرسى على الصحابة؟!.. فى المقال سىء الذكر يرفض مأمون فندى خروج مصر من شرنقتها الداخلية التى صنعها حبيبه المخلوع، ويعايرها بالفقر بقوله: "قيل بعدها إن هذا رئيس فحل سوف يستعيد دور مصر الإقليمى. لكن كما يقولون: "منين يا حسرة؟!". ويستهجن مساواة مرسى ما يحدث من النظام السورى بما تفعله إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية، وغاب عنه أن مبارك لم يكن فى استطاعته أن يقول هذا بسبب تبعيته الفجة التى قزمت مصر. يقول فندى "إن مصر مقيدة الحركة بسبب ما فرضته معاهدة كامب ديفيد"، ساخرا من قدرات جيشها واقتصادها الضعيف، "فالذى يريد أن يلعب دورا إقليميا لا بد أن تكون لديه الأدوات للعب هذا الدور". يعنى بصريح العبارة، يريد مأمون فندى من مرسى ترك الحال على ما هو عليه راضيا بمصر المتقزمة التى أدت إليها أجندة مبارك مع إسرائيل والغرب. [email protected]