«الإفتاء» تدعو إلى تيسير الزواج «يجلب البركة» برلمانى: متعاطف مع الشباب وأرفض أسلوبهم كريمة: حملات المقاطعة مستفزة وجارحة للمشاعر صادق: تعليم البنات سبب ارتفاع العنوسة «خلي المأذون يكتب».. حملة دشنتها دار الإفتاء المصرية؛ تحث على تيسير متطلبات الزواج، ومكافحة عزوف بعض الشباب عن الزواج بسبب الظروف المادية، ومغالاة الأهالي في طلباتهم. يأتي ذلك ردًا على حملة «خليها تعنس»، التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا ردًا على مغالاة الأسر في تكاليف الزواج، والتي ردت عليها فتيات بحملة مضادة تحت عنوان: «خليك في حضن أمك»، ما فجر معارك كلامية بين الشباب والفتيات، وسط تبادل للاتهامات وتحميل كل طرف بالمسئولية على الآخر. كما تهدف دار الإفتاء من خلال حملتها التي تشجع على الزواج إلى الحد من انتشار ظاهرة الطلاق المبكر، التي انتشرت بكثرة خلال السنوات الماضية بين الشباب حديثي الزواج. واستعانت الدار بنصوص من القرآن والسنة النبوية للتوعية بشأن الزواج، وتحفيز الأسر المصرية على تيسيره. وتهدف الحملة إلى تقديم نصائح إلى المتزوجين؛ لاتّباع الأوامر الشرعية، والسنن النبوية للحفاظ على قدسية العلاقة الزوجية. وشددت دار الإفتاء على ضرورة عدم الانصياع لحملات العزوف عن الزواج، ومتابعة حملة «يسروا»، وهو ما لاقى ترحيبًا كبيرًا وسط توقعات بنجاحها. وتقول الدار، إن «التيسير في تكاليف الزواج يجلب البركة»، مدللة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة». في الوقت الذي أطلقت فيه دار الإفتاء المصرية، استطلاع رأي لمتابعيها، حول حملتي «خليها تعنس» و«خليه ينقرض»، شارك فيه أكثر من 700 ألف شخص، وعبر 84% عن رفضهم للحملة مقابل 16% أبدوا تأييدهم لها. كما حثت على المشاركة في حملة دار الإفتاء ومتابعتها، عبر هاشتاجات: "#يسروا"و"#خلي_المأذون_يكتب"،و"#خليها_تتجوز”#وحدة_الإرشاد_الأسري". وشددت دار الإفتاء على أن «للأسرة في الإسلام شأنًا عظيمًا؛ لأنها الخلية الأساسية في المجتمع وأهم جماعاته الأولية، قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا? [سورة النساء». وقالت إن «النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان دائم المدح والشكر لزوجاته، حيث كان يقول: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطَّعَامِ» متفق عليه.#يسروا #خلي_المأذون_يكتب #وحدة_الإرشاد_الأسري». فيما هاجم دعاة سلفيون حملات المقاطعة، مؤكدين أنها مخالفة للشرع، مدشنين حملة «خليها تتجوز»، اعتراضًا منهم على الحملات التي انتشرت، وطالبت بالعزوف عن الزواج. وطالب الداعية السلفي، سامح عبد الحميد حمودة، مؤسس حملة «خليها تتجوز»، أولياء الأمور بتخفيض المهور، وتيسير الزواج للشباب، وإلغاء «النيش»، وحفلات الزواج، وتقليل الذهب. وحثت، أولياء الأمور على تسهيل تزويج البنات، موضحة أن النبي صلى الله عليه وسلم زوّج بعض أصحابه، وكان المهر أن يُعلم الرجل امرأته سورًا من القرآن. وعلى الفور، استجاب العديد من المواطنين للحملة، مشاركين بتعليقات وآيات قرآنية تحت هاشتاج «#خليها تتجوز»، فكتب حساب يدعى «جبهة دعم مصر»: «يسروا ولا تعسروا في تكاليف الزواج، فكم من شباب وفتيات أعرضوا عن النكاح، بسبب الغلاء وتكاليف الزواج الباهظة لكل منهما، فبدلًا من خليها تعنس يسروا. #خليها_تتجوز». بينما علَّق آخر: «#خليها_تتجوز.. من علامات البساطة ودليل على البركة والخير في زمن مضى أن أبي تزوج في غرفة، وبعد مدة خرج منها، وتزوج عمي في نفس الغرفة يسروا ولا تعسروا». ووفق آخر تقرير أصدره، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، شهر يوليو الماضي، حول «النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق لعام 2017»، فإن عدد عقود الزواج بلغ 912606 عقدًا في عام 2017، مقابل 938526 عقدًا في عام 2016، بنسبة انخفاض قدرها 2.8%، بينما ثبت معدل الطلاق عند 2.1 في الألف عامي 2016- 2017، إذ بلغ معدل الطلاق بالحضر 2.7 في الألف، مقابل 1.6 في الألف بالريف. وثيقة تيسير الزواج وكان عام 2018 شهد حملات طالبت بتقليل تكاليف الزواج، أبرزها الوثيقة الأهلية التي تتضمن بنودًا واضحة جرى الاتفاق عليها؛ لتقليل الأعباء عن المقبلين على الزواج، بغرض محاربة التقاليد والأعراف الخاطئة. وتتضمن الوثيقة التي انتشرت في محافظة الشرقية والدقهلية 13 بندًا، من بينها التقليل من قيمة "الشبكة" المقدمة للعروس، والاقتصار على خاتم ودبلة ومحبس فقط، وإلغاء حجرة السفرة "الطعام، والنيش"، والاقتصار على الأجهزة الكهربائية الأساسية فقط. وبالتزامن مع الحملات الرسمية والأهلية التي أُطلقت لتيسير الزواج، ظهرت مطالبات برلمانية وشعبية بمراعاة الظروف الاقتصادية من أجل تقليل نسبة العنوسة المرتفعة في مصر. وقال النائب الدكتور مكرم رضوان، عضو لجنة الصحة بالبرلمان، إنه متضامن مع مطالب الشباب، وفي الوقت نفسه ذاته يرفض إطلاق حملة «خليها تعنس»، وذلك لما تمثله هذه العبارة من جرح لمشاعر الفتيات. وطالب في تصريحات إلى «المصريون»، بتوعية الشباب خاصةً المقبلين على الزواج، بأهمية الأسرة ومكانتها في المجتمع، مشيدة بحملة «خلي المأذون يكتب» التي أطلقتها دار الإفتاء، والتي تبرز الدور الفاعل الذي تمارسه في المجتمع. وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، إن «حملات المقاطعة ودعوات تيسير الزواج أثارت تساؤلات عن أسباب تأخر سن الزواج في مصر». ورأى أن «ارتفاع نسبة غير المتزوجات في مصر يرجع إلى عدة أسباب؛ أبرزها غلاء المهور بشكل مبالغ فيه، ارتفاع تكاليف الزواج الناتج عن العادات والتقاليد المتبعة، ارتفاع معدلات البطالة التي تقف عائقًا أمام قدرة عدد كبير من الشباب على الاستقرار، وتكوين أسرة، والإنفاق عليها». وأضاف ل«المصريون»، أن «ارتفاع نسبة تعليم الفتيات أصبح سببًا في تأخير سن الزواج، إذ أن كثيرًا من الفتيات يصررن على استكمال تعليمهن، وعقب التخرج يعزفن عن الزواج، بسبب انشغالهن بالعمل والوظيفة». بدوره، أشاد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، بحملة دار الإفتاء المحفزة على الزواج، واصفًا إياها ب«الأمر الطيب» الذي فيه صلاح المجتمع، مضيفًا: «أي حملة تهدف إلى فائدة المجتمع فنحن معها، لكن بشرط أن تكون مبنية على أسس وقواعد سليمة». واستند كريمة في تصريحات إلى «المصريون» بالحديث النبوي: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج»، معتبرًا الحملة التي تتخذ شعار: «خلي المأذون يكتب» مساهمة فقهية لحث أولياء الأمور على تيسير أمور الزواج، وعدم المغالاة في الطلبات، كما أنها تحد من نسبة العنوسة في مصر. وضرب أمثلة على تيسير الزواج، إذ أن بنات النبي عليه أفضل الصلاة والسلام خير دليل على ذلك، فمهر السيدة فاطمة الذي قدمه علي بن أبي طالب، كان عبارة عن درع ومرتبة حشوها ليف، وهناك كثير من الأمثلة في الإسلام التي تحض على ذلك. وطالب الأستاذ بجامعة الأزهر، «الأغنياء في زمننا بأن يكونوا قدوة لغيرهم من المجتمع، فإذا خرج رجل أعمال وزوج ابنته مقابل مهر بسيط فسيسير على دربه كثيرون، وهو ما نحن بحاجة إليه في وقتنا الراهن».