في مبادرة هي الأولى من نوعها وفي أحدث قرارات الحكومة الأسبانية الحالية ، قررت الحكومة الشروع في تدريس الإسلام في المدارس الحكومية ابتداء من شهر أكتوبر المقبل . جاء ذلك القرار بعد سنوات عديدة من توقيع اتفاق بين الحكومة واللجنة الإسلامية الممثلة للجاليات المسلمة في أسبانيا عام 1992 ، والذي كان من بين بنوده تحديد العلاقة بين المؤسسات الإسلامية المعترف بها وبين الدولة أسوة بالديانات المسيحية الموجودة بأسبانيا ، وتعريف مفهوم أماكن العبادة وإقرار تعليم الدين الإسلامي في المدارس الأسبانية للمسلمين ولكن بشكل اختياري . يذكر أن تدريس مادة الدين الإسلامي في النظام التعليمي الأسباني معمول به فقط في مدارس مدينتي سبتة ومليلة المغربيتين الخاضعتين للاحتلال الأسباني منذ قرون ، ويقدر عدد فيهما 53 ألفا من السكان . وأعلنت الحكومة الأسبانية أن التجربة سوف تنطلق في أقاليم الأندلس وأراغون والباسك قبل أن يجرى تعميمها على باقي المدارس في الأقاليم الأخرى ؛ لأن الأقاليم الثلاثة المذكورة لم يشملها مشروع التغيير الحكومي الذي طال نظام التعليم الديني في أسبانيا الذي أطلقته الحكومة الحالية التي يقودها الحزب الاشتراكي العمالي بعد وصوله إلى الحكم في مارس 2004 . قال وزير العدل الأسباني : إن هذه التجربة سوف يتم تعميمها أيضاً على السجون الأسبانية لفائدة المعتقلين المسلمين ، أما لغة التدريس المعتمدة فهي الأسبانية إلا في الحالات التي تخص تلاوة القرآن الكريم ، وتركز المواد المقررة للتدريس على تلقين الأدبيات والأخلاق الإسلامية وحياة النبي صلى الله عليه وسلم والعلاقة بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى وحوار الحضارات . كما أكد مسئولون في اللجنة الإسلامية الأسبانية التي كانت الطرف الثاني في الاتفاق مع الحكومة بهذا الشأن على أن هذه المبادرة سوف تساعد على إدماج الجاليات المسلمة المقيمة في الجزيرة الأيبيرية بشكل أكبر ، كما أنها ستؤدي إلى توضيح الموقف الإسلامي الصحيح من الإرهاب . جاءت هذه المبادرة في ضوء شعور الحكومة الأسبانية الجديدة بأهمية المسلمين ودورهم في المجتمع الأسباني ، وأيضا لإحداث قطيعة مع السياسات السابقة التي انتهجها الحزب اليميني المتشدد إزاء العرب والمسلمين خلال السنوات الثماني الماضية التي حكم خلالها بين 1996 و2004 . وبعد تفجيرات مدريد في 11 مارس من السنة الماضية عاد الوجود الإسلامي في أسبانيا إلى الواجهة بعد سقوط اليمين في الانتخابات التي نظمت بعد تلك الأحداث بيومين وفاز فيها الاشتراكيون ، ووجدت الحكومة أن أفضل طريقة للرد على مثل تلك الأحداث هو الدفع في اتجاه إدماج المسلمين بشكل أكبر في المجتمع الأسباني .