أرجعت الهيئة العامة للاستعلامات، انحصار الإرهاب وتراجعه خلال 2018 إلى عدة نقاط اولها فشل خطة الإرهاب الرامية إلى خلق حالة من الخوف والهلع والاضطراب المجتمعي بين المصريين، إذ يلاحظ أن العمليات الإرهابية خلقت الأثر العكسي تمامًا، والذي تمثل في ردود أفعال المواطنين الإيجابية في مواجهته، مثل دعم أسر شهداء جريمة مسجد الروضة ببئر العبد، ومواجهة منفذ عملية كنيسة مارمينا بحلوان، وإلقاء القبض عليه، بما يلفت الانتباه لدخول أفراد الشعب البسطاء والعزل على خط المواجهة مع الإرهاب والتصدى له بلا خوف من سلاحه أو وجل من فتكه. وأضافت الهيئة فى بيان لها، أجبرت العملية الشاملة التي يقودها الجيش المصري ضد التنظيمات والجماعات الإرهابية على التراجع الكبير في نشاطاتها، وبالتالي في عدد عملياتها الإرهابية، فالحصيلة النهائية لها في عام 2018 كانت الأقل طوال السنوات الخمس السابقة، فقد وقعت خلال 2018 ثماني عمليات إرهابية فقط، جاءت خمس منها بعبوات ناسفة غير متطورة الصنع، وفشل عدد منها في تحقيق أهدافه الدنيئة، ويظهر هذا مدى التراجع الكبير لعدد العمليات الإرهابية عام 2018 مقارنة بالأعوام الماضية. وشهد 2014 ما يقرب من 222 عملية إرهابية، تراجعت إلى 199 عملية عام 2016، في حين لم تتجاوز ال 50 عملية إرهابية في 2017. وبالتالي لم يكن عدد ضحايا العمليات الإرهابية كبيرًا خلال عام 2018 (مع التأكيد على أن استشهاد أو إصابة فرد واحد هو في حد ذاته أمر يستوجب الرفض والإدانة) الأمر الذي يثبت نجاح العملية الشاملة التي يقودها جيشنا العظيم، نجاحًا هائلًا. ثالثًا: أجبرت العملية الشاملة (سيناء 2018) المجموعات الإرهابية على إحداث تغييرات رئيسية في كيفية تنفيذ عملياتها الإرهابية وفى طبيعة أهدافها، وبدت عملياتها تنم عن ضعف ووهن شديدين. فمن ناحية التنفيذ اضطرت هذه المجموعات الإرهابية في عام 2017 إلى اللجوء للعمليات الانتحارية، مما يعطي مؤشرًا على مدى النجاح الأمني في مواجهتهم مما دفع بهم للتضحية بأرواحهم في سبيل عمليات تثبت فقط أنهم مازالوا موجودين. وفى عام 2018 عادت هذه التنظيمات في عملياتها القليلة لاستخدام العبوات الناسفة ضعيفة التأثير والأثر، فضلًا عن فشلها في تنفيذ عمليتين من العمليات الثماني التي قامت بها في 2018. رابعًا: نجحت العملية العسكرية الشاملة (سيناء 2018) ، فى تدمير البنية التحتية للعناصر الإرهابية من الأوكار والخنادق والأنفاق ومخازن الأسلحة والذخائر والعبوات الناسفة والاحتياجات الإدارية والمراكز الإعلامية ومراكز الإرسال، واكتشاف وضبط وتدمير أعداد كبيرة من العربات والدراجات النارية وكميات كبيرة من المواد المتفجرة، والأسلحة، والذخائر، والقنابل، والعبوات الناسفة، والقضاء على أكثر من (500) إرهابي، وإلقاء القبض على أعداد كبيرة من الأفراد ما بين عناصر إرهابية وداعمة للإرهاب أو مشتبه فيها ، وعناصر جنائية هاربة من تنفيذ أحكام صادرة عليها، وتم إحالة العناصر الأولى لجهات التحقيق القضائية المسئولة بينما سلمت العناصر الثانية لجهات تنفيذ الأحكام القضائية. كما تم تدمير العديد من الأوكار والمخابئ التي تستخدمها عناصر الإرهاب للاختباء بها وإخفاء أسلحتهم، واكتشاف وتدمير أكثر من (1200) عبوة ناسفة وأكثر من (1086) عربة و(1000) دراجة نارية و(420) مزرعة للنباتات المخدرة و(120) طنًا من المواد المخدرة و(25) مليون قرص مخدر، فضلًا عن اكتشاف وتدمير أكثر من (16) فتحة نفق على الشريط الحدودي بشمال سيناء، فضلًا عن الحد من محاولات التسلل والهجرة غير الشرعية. وقد شملت عملية سيناء الشاملة (سيناء 2018) ليس فقط سيناء، ولكنها امتدت إلى المحاور الثلاثة الاستراتيجية على الحدود الشرقيةوالغربية والجنوبية للبلاد. وعلى مدار عشرة اشهر من بدء العملية العسكرية الشاملة سيناء 2018 تمكنت القوات المسلحة من تحقيق العديد من الاهداف الاستراتيجية والتي لها علاقة بالمحاور الثلاثة الخاصة باستراتيجية مكافحة الإرهاب، وذلك على النحو التالي:- 1- على مستوى الرصد والقضاء علي قيادات التنظيمات الإرهابية: تمكنت العملية الشاملة من استهداف العديد من قيادات الصف الاول والثاني بتنظيم بيت المقدس الإرهابي منذ بدئها في فبراير 2018، وكان اخر نجاح لها في هذا المجال القضاء علي قائد التنظيم أبو أسامة المصري والعديد من قيادات الصف الاول منهم خيرت سامي السبكي المسئول الاداري بتنظيم بيت المقدس، والإرهابي محمد جمال مسئول الهيئة الاعلامية للتنظيم، والإرهابي إسلام وئام مسئول جهاز الحسبة، بجانب العديد من العناصر الإرهابية بالتنظيم، وهو ما أثر بشكل مباشر علي بنية التنظيم الارهابي من حيث الفاعلية والقدرة علي تنفيذ عمليات إرهابية. 2- تأمين الحدود وتجفيف منابع التمويل المادي والدعم اللوجستي:تتشكل العملية الشاملة (سيناء 2018) من كافة الأسلحة الرئيسية والافرع العاملة بالقوات المسلحة مع جهاز الشرطة المصرية، وهو ما جعل من تلك العملية تشمل أبعادًا مختلفة بجانب عملية المواجهة المباشرة مع العناصر والتنظيمات الإرهابية، حيث تمكنت قوات حرس الحدود والبحرية المصرية من إحكام السيطرة على الحدود البرية والبحرية سواء المرتبطة بنطاق العملية شرقي البلاد أو على الحدود الغربية والجنوبية لها، مما أدى إلى إغلاق مسارات نقل الأموال والأسلحة والمعدات والأفراد للمجموعات الإرهابية بشمال سيناء. 3- تعاون أهالي سيناء مع القوات المسلحة والشرطة:كشفت مذبحة مسجد الروضة ببئر العبد التي قام بها تنظيم ولاية سيناء في نوفمبر 2017 وأسفرت عن سقوط ما يزيد عن 300 شهيد، عن حماس كبير في تعاون المواطنين مع أجهزة الأمن المصرية في مواجهة العناصر الارهابية في سيناء، مما ساعد وبشكل كبير في تمكن هذه الأجهزة من تحقيق ضربات كبيرة في بنية التنظيم الارهابي والعناصر المتطرفة، ليس فقط على مستوى قتل قيادات وعناصر من التنظيم، بل التمكن من إفقاد التنظيم والعناصر الارهابية القدرة على التحرك السهل بالمنطقة. في المجمل وبتحليل مسار العمليات الارهابية في سيناء ونتائج العملية العسكرية الشاملة (سيناء 2018) يمكن استنتاج ملمحين رئيسيين لنجاحها هناك:- أ- حدوث انخفاض كبير في عدد العمليات الإرهابية في سيناء خلال عام 2018 مقارنة مع الأعوام الأربعة السابقة عليه، بجانب تراجع كبير في العمليات الإرهابية الكبرى من حيث الكيف والتي كانت تشهدها سيناء خلال الأعوام السابقة وخصوصًا خلال عامي (2015/2016). ب- تزامن مع تراجع العمليات الارهابية تراجع واضح في عدد الشهداء من قوات الجيش والشرطة في سيناء خلال عام 2018 مقارنة مع الأعوام الأربعة السابقة عليه. خامسًا: تمكنت الأجهزة العسكرية والأمنية، وخصوصًا القوات الشرطية، في العمق المصري (الوادي والدلتا) خلال عام 2018 من تحجيم وإضعاف بنية التنظيمات الارهابية الجديدة التابعة لجماعة الإخوان والمتمثلة في تنظيمي حسم ولواء الثورة، نتيجة الضربات الاستباقية التي قامت بها سواء من حيث القبض على عناصرها أو استهداف أماكن تجمعها ونقاط ارتكازها وخصوصا في الظهير الصحراوي الغربي وبعض المدن الجديدة على أطراف القاهرة. وعلى الجانب الآخر أتى الحد من تمويل هذه التنظيمات بتمكن البنك المركزي والجهات الأخرى المعنية من وضع العديد من الإجراءات والسياسات المالية التي أحكمت الرقابة على تحويلات الأموال من الخارج إلى الداخل المصري، بجانب تحفظ الدولة المصرية على أغلب المنشآت الاقتصادية والتجارية التابعة لجماعة الاخوان المسلمين، وهو ما قلل بشكل كبير من الموارد المالية اللازمة للقيام بعمليات ارهابية بما أدى إلى انخفاض معدلاتها في مصر خلال عام 2018 مقارنة بالأعوام الاربع السابقة عليه. وقد أدى هذا إلى جعل آخر عملية ارهابية قام بها تنظيم حسم هي استهداف سيارة شرطة على طريق الاوتوستراد بالمعادي في منتصف عام 2017، وقد اعترف المتحدث باسم التنظيم الإخواني الإرهابي في الخامس من سبتمبر 2018 بأن الحركة تعرضت لضربات أمنية تسببت في شل قدرتها على الحركة. كذلك فقد اختفى أيضًا في عام 2018 تنظيم لواء الثورة، والذي أعلن عن نفسه في شهر أكتوبر عام 2016 بعد قيامه بعملية اغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي، ولم ينفذ في عام 2017 سوى عملية واحدة أخرى، وذلك بعد تلقيه ضربات موجعة قتل فيها أغلب قادته وتم القبض على آخرين منهم ومن أعضائه. سادسًا: انعدام استهداف بنية الدولة مثل شبكات الكهرباء والمياه والمنشآت الاقتصادية خلال عام 2018 وخصوصا فى العمق المصري (الوادي والدلتا)، كما كان يحدث من قبل التنظيمات الارهابية خلال الاعوام السابقة عليه. سابعًا: اعتمدت أغلب العمليات الإرهابية في عام 2018 على العناصر العشوائية أو ما يطلق عليه (الذئاب المنفردة)، حيث ظهرت ملامح هذا المسار خلال بعض العمليات الارهابية التى حدثت نهاية عام 2017 مثل الهجوم على محل لبيع الخمور بمنطقة العمرانية بمحافظة الجيزة، والتى أسفرت عن سقوط ضحيتين من المدنيين ثم العملية الأخيرة في المريوطية. ثامنًا: ضمن التأثير القوى والمباشر للعملية الشاملة (سيناء 2018)، فقد شهد عام 2018 قيام وزارة الداخلية، بتنفيذ سلسلة من العمليات الأمنية الناجحة، قام خلالها رجال الشرطة بعمليات استباقية أجهضت مخططات الإرهابيين في مهدها استنادا إلى كفاءة عالية فى التتبع والملاحقة وجمع المعلومات: - ففي أبريل 2018 تمكنت أجهزة الأمن من قتل 7 من عناصر داعش بالظهير الصحراوي الشرقي بأبنوب. - وفى 22 يونيو تم استهداف وكر للإرهابيين، مما أسفر عن مقتل سبعة عناصر إرهابية متورطة في استهداف دور العبادة المسيحية. - وفي 28 يونيو من تمكنت القوات من قتل 6 إرهابيين متورطين في محاولة اغتيال مدير أمن الإسكندرية. - تم مداهمة وكر إرهابي في يوليو 2018، مما أسفر عن مقتل 6 عناصر إرهابية في ديروط بمحافظة أسيوط. - وفي 27 أكتوبر تمكنت قوات الأمن من قتل 13 إرهابيًا في الكيلو 74 بطريق أسيوط الخارجة. - وفي 4 نوفمبر أسفرت المواجهات الأمنية عن مقتل 19 إرهابيا فى محافظة المنيا قبل تنفيذهم أعمالًا تخريبية. - وفي 28 نوفمبر أسقطت أجهزة الأمن خلية إرهابية في سيناء، حيث أسفرت هذه العملية عن مقتل 11 إرهابيا وضبط 6 آخرين، وضبط أجهزة لاسلكي. - وفي 8 ديسمبر أسقطت الشرطة الخلية المسئولة عن الهجوم الإرهابي على حافلة الأقباط المتوجهة لدير الانبا صموئيل في بداية نوفمبر السابق، وأسفر ذلك عن مقتل 19 إرهابيًا متورطين في استهداف الحافلة اختبأوا في الظهير الصحراوي الغربي لمحافظة المنيا. - فى 23 ديسمبر تمكن قطاع الأمن الوطني من رصد بؤرة إرهابية تخطط لتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية ضد المنشآت الهامة والحيوية ورجال القوات المسلحة والشرطة بإحدى المناطق النائية بمدينة العريش. وبمداهمة تلك البؤرة حدث اشتباك بإطلاق النيران مع العناصر الإرهابية لبضعة ساعات أسفر عن مقتل 14 من العناصر الإرهابية، وعثر بحوزتهم على العديد من الأسلحة النارية والذخائر والعبوات الناسفة. - وفى 29 ديسمبر، وبعد ساعات من حادث المريوطية الإرهابي، داهمت وزارة الداخلية، عددًا من الأوكار الإرهابية بمحافظتي شمال سيناءوالجيزة، ووجهت عدة ضربات أمنية لعناصر إرهابية كانت تجهز لتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية، تستهدف مؤسسات الدولة خاصة الاقتصادية ومقومات صناعة السياحة، ورجال القوات المسلحة والشرطة ودور العبادة المسيحية، مما أسفر عن مصرع 40 إرهابيًا في تبادل لإطلاق النار. وتضاعفت جهود مكافحة الإرهاب فى مصر، وحققت نتائج كبيرة ومؤثرة قصمت ظهر الارهابيين وأجهضت مخططاتهم، فتراجع عدد العمليات الارهابية وعدد ضحاياها وآثارها في عام 2018 إلى أقل مستو منذ نحو 5 سنوات، وهو نفس العام (2018) الذي شهد فيه عدد كبيرمن دول العالم عمليات إرهابية متنوعة المصادر والضحايا.