ما فعله أهالى قرية فى الشرقية وأخرى فى دمياط بالبلطجية، الذين يفرضون سطوتهم بقوة السلاح والترهيب، أمر متوقع فى ظل عدم رغبة الأجهزة الأمنية فى التصدى لهم، وفرض سلطان القانون عليهم. لا أستطيع اتهام طرف ثالث أو فلول وراء التقاعس الأمنى المستمر، فالمفترض أن النظام الجديد يسيطر على الأوضاع، ولم يعد هناك مجلس عسكرى، ولا رأس ثان لجسد الدولة، فقد رحل المشير وعنان، ومصر حاليا تحت قيادة مرسى لا ينازعه أحد سلطاته. إذا شئنا الشرح والتشريح يمكن القول إن الأجهزة الأمنية تعانى من مرض سرطانى أصابها خلال الثلاثين سنة الماضية، وهذا المرض استفحل لدرجة أنه يستحيل علاجه بتغيير القيادات أو بوزير جديد، وهذا ليس دعوة لليأس وإنما للتصحيح والوصول إلى التشخيص الصحيح للداء. وإحقاقًا للحق بدأت أثار هذا المرض المستفحل فى عهد النظام المخلوع. نتذكر الذبح الجماعى للأسر فى بيوتها بقرية بمدينة ملوى فى المنيا قبل عدة سنوات، وحتى الآن لم يظهر الفاعل، وكادت الأجهزة الأمنية تتخلص من المسئولية باتهام شاب "عبيط" متخلف عقليا، لكن الله قيض له المحامى الماهر طلعت السادات، عليه رحمة الله. وحتى العملية "نسر" فى سيناء.. تحوم الشكوك حول جديتها الكاملة فى مطاردة الإرهابيين والمسلحين، فبعض أهالى القبائل هناك يشتكون من أنهم يبلغون الجهات المختصة عن بؤر إرهابية لمداهمتها، لكن القوات لا تأتى إلا متأخرة، أحيانًا بعد ثلاثة أيام، يكون المجرمون خلالها قد فروا! ومن الأحاديث المثارة فى سيناء، أن المسلحين أطلقوا قذائفهم على قوة أمنية تابعة للحملة "نسر" ففرت أمامهم بدلا من أن تطوقهم وتلقى القبض عليهم وكان ذلك متيسرًا، وعندما سئل قادتهم عن السبب أجابوا بأنهم لا يريدون إراقة دماء! ولا شك أن العجب انتاب كثيرين عندما شاهدوا مطلوبًا أمنيًا يتحدث مع مراسل قناة فضائية التقاه هناك.. لقد قابله بسهولة فيما الأجهزة المختصة تبحث عنه.. أليس هذا مثيرًا للتساؤلات؟! من هنا طفح الكيل بالناس، فقام أهالى قرية بندف التابعة لمنيا القمح فى محافظة الشرقية بمطاردة 4 لصوص سيارات كانوا يمارسون سطوتهم علنا ويهددون بالقتل كل من يمتنع عن الامتثال. لم تفعل مديرية أمن الشرقية شيئًا بشأن البلاغات العديدة، التى كانت تستغيث بها.. تحركت فقط عندما نجح الأهالى فى مطاردة اللصوص وقتل اثنين منهم أثناء محاولتهم إجبار مواطن على تسليمهم سيارته، وقتلوا الاثنين الآخرين عقب فرارهما فى الزراعات، ثم جروا الجثث بواسطة السيارة، التى كان يستقلها البلطجية ومثلوا بها وعلقوها على أعمدة الكهرباء. نفرت مديرية أمن الشرقية ومدير مباحثها الجنائية فقط بعد أن أتم أهالى القرية مهمتهم بنجاح، وجلبت جنودها بدعوى التهدئة. لا أعتقد أن بلطجيا مهما بلغت حدة جرائمه سيجرؤ بعد اليوم أن يطئ بقدميه هذه القرية، التى ستبيت آمنة وستطمئن على نفسها لأنها نفذت بيديها القانون، الذى تغافلت عنه أجهزة الأمن. وفى قرية الرطمة بدمياط، حرق أهلها البلطجى حمادة مرزوق، تاجر السلاح والمخدرات، الذى أثار فيها وفى القرى المجاورة الهلع والرعب، وكان قادرًا على اقتحام أى بيت والاعتداء على حرماته فى أى لحظة وفرض إتاواته، ولم تتدخل أجهزة الأمن مرة واحدة لمنعه وحماية الناس من جرائمه. وتصف مديرية أمن دمياط هذا البلطجى بأنه أخطر تاجر سلاح ومخدرات، ومسجل شقى خطر، ومتهم فى 18 قضية خطف وقطع طريق وسلاح نارى وسرقة، ومطلوب فى 3 قضايا.. ورغم ذلك يقول مدير الأمن إن فريقا من البحث الجنائى يعمل للبحث عن المتهمين بقتل زقزوق ليأخذ القانون مجراه تجاه الجناة.. والسؤال: أين كان هذا الفريق من قبل عندما كان الأهالى يستغيثون؟! نعرف أن الدولة تسقط عندما يأخذ الناس حقهم بأيديهم وينفذون حد الحرابة على المجرمين، لكن ليس من العدل ولا من القانون أن نطلب منهم الصمت والخضوع للبلطجية وقطاع الطرق ومغتصبى الحرمات فيما أجهزة الأمن تغط فى نوم عميق وتتغاضى عن واجباتها. [email protected]