محمد مصدق (1882 1967) هو أشهر رئيس حكومة إيرانى فى العصر الحديث، شغل المنصب بين عامى 1951 و1953، ويعتبره الإيرانيون بطلاً قومياً لرفضه الامبريالية الغربية وقيامه بتأميم النفط إبان تسلمه الرئاسة، كما قام بخلع الشاه محمد رضا بهلوى، إلا أنه سرعان ما أعيد الشاه بعملية أمريكية بريطانية مشتركة سميت عملية "أجاكس"، حيث اعتقل بعدها وسجن لمدة ثلاث سنوات ثم أطلق سراحه بعدها إلا أنه استمر رهن الإقامة الجبرية حتى وفاته. جاء مصدق إلى الحكومة الإيرانية قائداً لثورة مدنية حقيقية، ولم يكن مدبراً لانقلاب يضع النياشين والرتب والأوسمة على بزته العسكرية، كما جرى ويجرى فى الكثير من دول المنطقة، قطع مصدق طريقاً طويلاً قبل أن يصل إلى مركز صنع القرار، حيث بدأ الطريق فى عمر الرابعة والعشرين إبان انتخابه نائباً عن أصفهان فى البرلمان الإيرانى عام 1906. انتخب البرلمان الإيرانى فى 28 أبريل 1951 محمد مصدق رئيساً للوزراء بأغلبية 79 صوتًا مقابل 12 فقط، وبعد يومين فقط من استلامه السلطة قام مصدق بتأميم النفط الإيرانى، تحالف رئيس الوزراء الليبرالى والتحديثى مصدق مع كتل اليسار السياسى، ليوازن ضغوطات الشاه من الداخل وإنجلترا وأمريكا من الخارج، وكانت إصلاحات مصدق الديمقراطية والاشتراكية تضرب فى الأساس الشمولى لحكم الشاه، كما أن تأميمه للنفط الإيرانى مثل ضربة كبيرة لمصالح إنجلترا وواشنطن. ادعت بريطانيا على مصدق أمام محكمة العدل الدولية بزعم انتهاك حقوقها النفطية، فسافر مصدق إلى مقر المحكمة فى لاهاى مترافعاً عن حقوق بلاده النفطية ووصف بريطانيا بأنها "دولة امبريالية تسرق أقوات الإيرانيين المحتاجين". عاد مصدق إلى بلاده ماراً فى طريق عودته بالقاهرة؛ فاستقبله مصطفى النحاس، رئيس الوزراء المصرى آنذاك، بالزينات وأقواس النصر، ورحبت به الجماهير المصرية ترحيباً حاراً على طول الطريق الممتد من المطار إلى فندق شبرد حيث أقام. قامت إنجلترا بقيادة حصار دولى على النفط الإيرانى بدعوى أن إيران انتهكت الحقوق القانونية للشركة، التى تملك لندن الشطر الأعظم من أسهمها، وساهم هذا الحصار فى تردى مستويات المعيشة للإيرانيين، وشكل المدخل الذى عاد منه الشاه بعد الانقلاب على مصدق ليتربع على عرش الطاووس مجدداً بالدعم الأمريكى والإنجليزى. وقع الانقلاب على مصدق فى مثل هذا اليوم عام 1953، بعد أن احتدم الصراع بين الشاه ومصدق فى بداية شهر أغسطس من عام 1953، وهروبه إلى إيطاليا عبر العراق، وكان قبل هروبه وقع قرارين: الأول يعزل مصدق، والثانى يعين الجنرال فضل الله زاهدى محله. قام زاهدى فى التاسع عشر من أغسطس 1953 بقصف منزل مصدق وسط مدينة طهران؛ فى حين قام كرميت روزڤلت ضابط الاستخبارات الأمريكى والقائد الفعلى للانقلاب بإخراج "تظاهرات معادية" لمصدق فى وسائل الإعلام الإيرانية والدولية. ثم حَكَمَ نظام الشاه على الدكتور مصدق بالإعدام، ثم خفف الحكم لاحقاً إلى سجن انفرادى لثلاث سنوات؛ ومن ثم إقامة جبرية لمدى الحياة.