لقطر طعم ومذاق وعبق خاص، شعب طيب ومسالم وبسيط شفاف بمعنى الكلمة وحب لكل ما هو عربى إسلامى، وحب مصر وشعب مصر خصيصًا فحدث ولا حرج، كما أنك لا يمكن أن تفرق بين حكومته وشعبه، تتحدث مع ممثلى كليهما فلا تجد خلافًا فى الرؤى والأهداف والاهتمامات، حتى فى نمط العيش لو دعوت على مائدة شيخ أو مسئول كبير فى الدولة قد لا تجد اختلافًا عن أخ وزميل قطرى من عامة الشعب، بالتأكيد قد يستغرب البعض حديثى ولكن هذا ما عايشته فى قطر على مدار ما يقارب العقد من عمرى بقطر الحبيبة. الشكر كل الشكر لقطر، التى قدمت نموذجًا متميزًا فى الاجتهاد فى تحمل المسئولية وسد الكثير من ثغور الأمة العربية فى مرحلة من أصعب المراحل التاريخية التى مرت بها أمتنا العربية والإسلامية. فى سياق رؤية واقعية لحقيقة الأوضاع الإقليمية والعالمية، ودراسة وحساب ما هو متاح من ممكنات فى ظل توازن القوى الدولية تمكنت قطر من صناعة إستراتيجية خاصة لعلاقاتها الخارجية بهدف تقديم ما يمكن تقديمه لدعم وإصلاح ما يمكن إصلاحه فى أوضاعنا العربية، فى وقت تم إبعاد العديد من القوى العربية الكبرى عن ساحة القرار والفعل، وتركت الساحة العربية والإقليمية عامة شبه فارغة من الدور العربى، وسلمت على طبق من فضة لأمريكا وإسرائيل وإيران وتركيا ليقرروا مصيرها. فى الملفات الساخنة فى العراق وغزة ولبنان وسوريا وليبيا تقدت قطر وبكل ما أوتيت من قوة لفعل وتقديم المتاح. فكانت أول من بادر للتدخل فى الملف العراقى لدعم التوازن والاستقرار الداخلى والحفاظ على تواجد وفاعلية السنة فى ظل توحش التدخل الإيرانى، وفى غزة كان الدعم السياسى الإعلامى والمادى حاضرًا وبقوة منذ الدقائق الأولى للأحداث، وفى جنوب لبنان تكرر حضور قطر فى المشهد وبقوة كداعم رئيسى إعلاميًا وسياسيًا وماديًا، ويتكرر الحضور القوى لقطر فى المشهد الليبى والسورى، وأخيرًا وليس بآخر تتقدم قطر بكل هدوء وحكمة لدعم التحول الايجابى فى المشهد المصرى ومن ثم أصبح وجود قطر كمناصر وداعم لكل القضايا العربية أمرًا واقعًا، ومع بداية كل مشهد تجد الجميع يسأل عن قطر. الأهم فى التجربة والمشهد القطرى ليس مشهد سياساتها الخارجية فقط، إنما هو الإصرار على الإتقان والإبداع الداخلى فى تقديم نموذج للمجتمع الحضارى والدولة الحديثة التى تنفتح وتتواصل مع العالم الخارجى وفى الوقت نفسه تحافظ على هويتها العربية والإسلامية الخالصة. من أهم الملفات التى عايشتها وشاركت فى بعضها بحكم عملى فى قطر ملف التراث والهوية ووجدت إصرارًا كبيرًا من الحكومة والشعب على ضرورة المحافظة على التراث والهوية القطرية العربية الإسلامية مترجمًا إلى خطط ومؤسسات ومتاحف ومراكز وفعاليات. كما الأمر متميز جدا فى تجربة تطوير التعليم القطرى والتواصل مع نظم ومعايير التعليم الدولية عبر مبادرة تطوير التعليم ممثلة فى المجلس الأعلى للتعليم، ومؤسسة قطر للعلوم والتنمية والتى أحسب أنها ستكون رافعة كبيرة ومهمة لتطوير التعليم فى عالمنا العربى كله خاصة بعدما يكتمل نضجها ونجاحها خلال السنوات القليلة المقبلة عندها سنكون أمام تجربة وقصة نجاح كاملة يمكن استنساخها فى كافة دول العالم العربى. وبالتأكيد قدمت الجزيرة إضافة ونقلة نوعية كبيرة للإعلام العربى والعالمى ساهمت فى توعية ونضج الشعوب العربية، ولا أبالغ حين أقول أن الجزيرة هى العامل المشترك فى ربيعنا العربى الذى أبهر العالم ويؤشر على مفتتح عصر جديد وصفحة عربية وإسلامية مقبلة من صفحات التاريخ الإنسانى. كذلك الأمر فى ملف البحث العلمى خاصة فى مجال الغاز وأبحاث سرطان الأطفال ويسعد القلب ويستبشر كثيرًا إذا ما عاينت مشهد وزارة الأوقاف القطرية وعاينت حجم الاهتمام والدعم والجهد والمال المبذول للمحافظة على التراث الإسلامى ونشره فى كافة قارات العالم الست، كما النموذج غير المسبوق فى إدارة ورعاية وتطوير المساجد، وبالتأكيد ستبهر إذا ما زرت مركز التعريف بالإسلام والاهتمام والرعاية القطرية بالمقبلين على الإسلام، كما تتكرر قصة النجاح فى مؤسسة راف والعمل المؤسسى المتكامل للعمل الخيرى الإسلامى التى ما تغرب على فروعها الشمس فى أرض الله تعالى. أضف إلى ذلك ما تعاينه فى وزارة الداخلية القطرية وجهاز الأمن القطرى الذى يتمتع بأحدث أساليب وتكنولوجيا الأمن والحكومة الإلكترونية التى تسهل على المواطنين إجراءاتهم وحياتهم، وأشهد الله على جمال وروعة قيم وأخلاق وسلوك رجال الشرطة القطرية. بالتأكيد قطر الحديثة قيمة مضافة لكل ما هو عربى إسلامى ولا ننسى الإعجاب والثناء على الموقف القطرى فى التعامل مع الحملات الإعلامية والإساءات المتكررة المتعمدة لتشويه صورة قطر، والتى تتعامل معها بسياسات الصفح والكف عن الرد النظرى، والإصرار على تقديم المزيد من العمل الواعى لخدمة قضايا ومصالح العالم العربى. والله لم أتعود أبدًا الكتابة والثناء بهذا الشكل لأحد كائنًا ما كان ولكنه واجب أحسست بضرورة القيام به ليس شكرًا لقطر فقطر لا تحتاج لشكرى، ولكن لتعريف العالم العربى حكومات وشعوبًا بأن الجماهير العربية ذكية وواعية وتعرف وتقدر وتشكر من يعمل لصالحها، وفى المقابل ترفض وتنتفض وتلفظ من يعمل ويتآمر عليها. فيزداد المحسن إحسانًا، وينتبه ويكف المسىء عن فعله وغيه. وصدقت سيدى رسول الله صلى الله عليك وسلم حين علمتنا أنه من لم يشكر الناس لا يشكر الله