حتى الساعات الأخيرة قبل استقبال أول عيد فطر بعد انتخاب أول رئيس مدنى بعد الثورة.. لم تتغير مصر كثيرًا، نفس المشاهد فى نفس اللوحة التى تعودناها فى مثل هذه المواسم، وكالعادة ظلت أزمة تذاكر القطارات تهدد آلاف العائدين لبلادهم فى الأقاليم، وأصبح المسافرون الذين يرغبون فى قضاء إجازة العيد وسط أهاليهم فى ورطة، وذهب راغبو العودة إلى بلادهم الصغيرة إلى محطات القطارات ليجدوا التذاكر نفدت من شبابيك الحجز فيما تباع جهرًا بالأسواق السوداء بأضعاف ثمنها، وتصاعدت الأزمة فى تذاكر رحلات الصعيد، حيث يواجه المتجهون إلى الوجه القبلى مشاكل كبيرة فى الحصول عليها، مما يضطرهم للإقلاع عن السفر، أو اللجوء إلى السفر بالميكروباص والرضوخ لمعاناته وطول المسافة. تشهد محطتا سكك حديد"القاهرة" و"الجيزة" زحامًا كبيرًا من جانب المواطنين للبحث عن"تذكرة" للسفر لقضاء إجازة عيد الفطر، فهى أزمة موسمية ومعاناة متكررة يتعرض لها المسافرون كل عام، فرغم زيادة عدد القطارات وإضافة درجاتها المختلفة إلا أن معظم"الصعايدة" فشلوا فى الحصول على تذكرة لقضاء إجازة العيد وسط أهلهم وذويهم، وكانت منافذ بيع التذاكر قد شهدت حدوث بعض المشادات الكلامية بين المواطنين والعاملين فى الهيئة نظرًا للزحام الشديد على منافذ بيع التذاكر التى اختفت قبل العيد ما أثار غضب المواطنين.. والتقت "المصريون" عددًا من ركاب الصعيد فى ظل معاناتهم اليومية فى رحلة البحث عن تذكرة سفر. فى البداية، يقول أشرف حسن (مواطن) حضرت من أجل حجز تذاكر سفر إلى محافظة سوهاج لقضاء العيد مع الأسرة، وتفاجأت بعدم وجود حجز حتى يوم 18 أغسطس وذلك نظرًا لنفاد الكميات، مشيرًا إلى أن موظف حجز التذاكر أخبره بأنه سيتم طرح تذاكر إضافية بشكل يومى قبل موعد القطار بساعات؛ لمواجهة الزيادة المتوقعة فى عدد الركاب، ومنع تجار السوق السوداء من الاتجار فى التذاكر. ويقول حسنين رجب "مهندس" إن ما يقوله المسئولون بهيئة سكك حديد مصر عن توافر التذاكر غير حقيقى، مشيرًا إلى أنه تواجد بالمحطة منذ الخامسة فجرًا وفوجىء بزحام كبير من المواطنين الذين يبحثون عن تذاكر للسفر إلى قراهم، ولكن تفاجأت بنفاد التذاكر بعد فتح منافذ الحجز بأقل من ساعتين. ويقول أحمد علاء الدين من "المنيا"، آتى يوميًا إلى محطتى القاهرةوالجيزة للبحث عن تذكرة للسفر إلى محافظة المنيا ولكننى فشلت فى الحصول على تذكرة، فاتجهت إلى أحد السماسرة بالقرب من المحطة وقمت بشراء تذكرة درجة ثانية بسعر 55 جنيهًا رغم أن سعرها الرسمى30 جنيهًا. وأوضح محمد مصطفى "مدرس ابتدائى" من أسيوط أن المواطن البسيط ذهب حقه، فلا يمكنه الحصول على تذكرة بالدرجة الأولى أو الثانية المكيفة فى ظل وجود السوق السوداء، ولكى يحصل على تذكرة لابد أن يدفع على الأقل 15% إلى 25% زيادة عن قيمتها الحقيقية، مضيفًا أن السبب يرجع إلى أن المشترك يمكنه سحب حتى عدد 4إلى 5 تذاكر ثم يقوم ببيعها فى السوق السوداء بأعلى من ثمنها. بينما يقول سامح الشيخ، من قنا، إن أجهزة التكييف بالدرجة الثانية معطلة باستمرار ودورات المياه غير آدمية، بالإضافة إلى عدم وجود قطارات كافية. وأكد أحمد الأزهرى، من أسوان، أنه لم ير زحامًا على تذاكر الوجه القبلى مثلما حدث هذا العام على الرغم من أنه أدى صلاة الفجر بالمحطة لكنه لم يجد أى تذاكر، متسائلاً: ما السر فى نفاد التذاكر بشكل سريع وبالتحديد أسوان؟. وأضافت هدى رجب (ربة منزل) أن تذاكر الدرجة الثانية المكيفة اختفت بشكل تام منذ عدة أيام؛ لعدم وجود حجوزات لمحافظات الوجه القبلى، كما أوضحت أنها على استعداد تام لشرائها من السوق السوداء ولكن الغريب أنها لم تجد سوقًا سوداء، ونصحها أحد العاملين فى المحطة بأن تنتظر أحد المسافرين الذين يعيدون تذاكر السفر، فتعتبر هذه رحلة أخرى صعبة لأنه من الصعب فى هذا التوقيت وجود من يعيد تذاكر السفر. ويقول محمد السيد "مواطن من المنيا" إن معاناة السفر عبر القطار تتكرر كل عام، فنحن الصعايدة نعانى الكثير من الصعوبات فى الحصول على تذكرة، وفى حال التمكن من جلب تذكرة فنعانى من عدم الحصول على مقاعد بالقطارات، وتزداد مخاوفنا هذا العام خاصة فى ظل وجود حالة الانفلات الأمنى الذى تمر بها البلاد وقطع الأهالى للسكك الحديدية، هذا إلى جانب إضراب العاملين والسائقين بالسكة الحديد عن العمل، كل ذلك يجعل من المستحيل أن يقضى المواطن الصعيدى العيد وسط أسرته، خاصة أن سيارات الأجرة والميكروباص تستغل أعطال القطارات والازدحام عليها وترفع الأجرة فمثلاً أجرة المنيا20 جنيهاً يفرض علينا سائقو الأجرة 80 جنيهًا أيام العيد، مضيفاً أن رصيف "11" هو الرصيف الوحيد التى خصصته محطة مصر لمواطنى الصعيد، فتجد فى أيام الذروة والازدحام والمواسم وخاصة عيد الفطر توافد آلاف من الصعايدة على هذا الرصيف من الأطفال وكبار السن والنساء، مما يجعل المكوث مستحيل حتى لو لمدة ساعة واحدة، فالرصيف متهالك والتدافع على القطار يسبب إصابات وسرقة المتعلقات الشخصية. ويضيف أمجد منصور، من محافظة أسيوط، أنه فشل فى الحصول على تذكرة من محطتى القاهرةوالجيزة فنصحه أحد المتواجدين فى طابور حجز التذاكر بالبحث عن السماسرة، والذى انصرف لفشله أيضاً فى الحصول على تذكرة إلى بنى مزار المنيا، والذى أكد لى أن صديقه نصحه بالذهاب إلى منطقة الفجالة برمسيس والبحث عن تذكرة لدى أصحاب المحلات الموجودة فى تلك المنطقة. واقترح سيف الدين جلال (موظف على المعاش) من قنا، تشكيل لجان شعبية للرقابة على منافذ وشبابيك حجز تذاكر قطارات الوجه القبلى ضمانًا لعدم توفر بيع التذاكر على المحاسيب،أو بيعها فى السوق السوداء. بينما أكد المسافرون للوجه البحرى توافر التذاكر ولا يوجد مشاكل بالنسبة لهم، وأرجعوها إلى قلة الأعداد المسافرة للوجه البحرى مقارنة بالقبلى وقرب المسافة بينه وبين القاهرة. التقت "المصريون" المهندس هانى حجاب، رئيس هيئة سكك حديد مصر، الذى صرح بأن الهيئة بدأت مبكرًا فى الاستعداد لإجازات العيد والاستغلال الأمثل لطاقات النقل المتاحة من خلال تشغيل عدد من القطارات المكيفة توفر 22 ألف مقعد يومياً، وترتفع إلى 27 ألف مقعد فى أوقات الذروة، وتحديدًا أيام العيد. وأضاف أن سبب الزحام هذا العام على الحجز خاصة بمنافذ الوجه القبلى، يرجع إلى تفضيل العديد من المواطنين السفر بالقطار بدلاً من سياراتهم الملاكى أو الميكروباص.. وبالنسبة للعربات العلاوة والقطارات الإضافية قال: يتم الحجز عليها فى نفس يوم السفر مع الحفاظ على تشغيل القطارات المقررة بالجداول "مكيف ومميز"، مؤكدًا أن الحجز يتم عبر الكمبيوتر المركزى، كما أن فرصة السفر بالقطار لم تضيع بمجرد انتهاء التذاكر فى الوقت الحالى؛ لأن هناك قطارات علاوة، وأنه تم تحديد عدد التذاكر المنصرفة لكل شخص إلى 4 تذاكر فقط كحد أقصى، وإذا كان لديه أسرة وطلب عددًا إضافيًا من التذاكر سيتم تسجيل بياناته من خلال بطاقة الرقم القومى مع أرقام التذاكر؛ حتى يتم كشفها حال بيعها فى السوق السوداء. وأخيرًا.. فنحن نؤكد أن قطارات الصعيد مازالت بعيدة عن المركبات الآدمية، هذا بالإضافة إلى سوء حالة القطارات المتجهة إلى صعيد مصر، وأقل ما توصف به أنها قطارات الموت، فالحشرات ترتع بين المقاعد، وهناك الباعة الجائلون الذين يهاجمون كل عربات القطارات حتى المكيفة الأولى والثانية، وذلك فى ظل غياب تام من أجهزة الأمن مما يعنى تخوفًا كبيرًا من مستقلى القطارات فى هجوم البلطجية، هذا بالإضافة إلى سوء الخدمة وانعدام النظافة وتحول القطارات إلى بؤر من القاذورات، فلا اهتمام بدورات المياه التى لا تصلح للاستخدام الآدمى، خاصة أن رحلة الصعيد طويلة ويحتاج مستقلو القطارات إلى دورات مياه.