الضرب بالجزمة بات سلوكًا سياسيًا من أشكال الاحتجاج فى مختلف البلدان العربية والغربية، وفى عهد المخلوع كان لبرلمان أحمد عز السبق فى استخدام هذا الأسلوب، حينما رفع نائب معارض الحذاء فى وجه نائب الوطنى، حسن القصاص، الذى قال إن المعارضة تعمل لصالح أعداء مصر!! وهناك اللواء مجدى أبو قمر، مدير أمن البحيرة، الذى هدد المواطنين بالضرب بالجزمة، فى مقطع فيديو شهير، متوعدا بعودة الشرطة إلى سابق عهدها فى زمن العادلى قائلا "إحنا أسياد الشعب واللى مش عاجبه يضرب بالجزمة". وفى الأردن أقدم النائب الأردنى محمد الشوابكة على ضرب النائب السابق منصور سيف الدين مراد بالحذاء، وقام بإشهار مسدس فى وجهه على الهواء مباشرة خلال حوار تليفزيونى على قناة جوسات الأردنية. وفى حلب أقدم شاب ثائر على ضرب مراسل التليفزيون السورى بالحذاء على الهواء مباشرة، قبل أن يلوذ بالفرار صارخًا "الإعلام السورى كاذب". أما النائب المصرى محمد القرشى، عضو مجلس الشعب، عن حزب المصرى الديمقراطى فقد طور الأداء فى برلمان 2012 حينما اعتدى على مصور الشروق فادى عزت، عندما كان يمارس عمله بتصوير المتظاهرين على أسوار البرلمان, حيث تفاجأ بضربه ب"الروسية" فى رأسه والنائب يقول له :"الله يخرب بيتكم.. خربتوا البلد". وفى الذكرى الأولى لثورة 25 يناير رفع عشرات المتظاهرين الأحذية فى وجه منصة الإخوان بميدان التحرير، دون أن ينكر أحد هذا السلوك، بل كان مصدر اهتمام وإبراز على صدر صفحات الفلول. ومن أشهر من نالوا "جزمتين" فى العصر الحديث الرئيس الأمريكى جورج بوش فى مؤتمر صحفى عالمى فى العاصمة بغداد على يد الصحفى العراقى منتظر الزيدى، والفريق أحمد شفيق رئيس وزراء موقعة الجمل، والذى نال علقة ساخنة على يد رجال أسوان فى انتخابات الجولة الأولى من الماراثون الرئاسى. إزاء هذا الواقع الموجود بشأن حيثيات وجود "الجزمة" على طاولة المشهد السياسى المصرى، لا أرى سببًا للضجة المفتعلة بعد الاعتداء من قلة مجهولة على الصحفى خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع، فى الوقت، الذى صمت فيه الإعلام الليبرالى والفلولى على واقعة الاعتداء على رئيس الوزراء الجديد، هشام قنديل، أثناء تشييع جنازة شهداء رفح، وبلغ الأمر حد الشماتة فيما حدث، دون أن نرى بيانات إدانة من أحد، أو وقفات احتجاجية تندد بما حدث لرئيس الوزراء الملتحى. ويبدو إزاء قراءة المشهد فى الواقعتين أن بعض الإعلاميين يظنون أن على رأسهم ريشة، وأن الضرب بالجزمة يكون لأشخاص بعينها، دون أن يمسهم أذى رغم تطاولهم ليلا ونهارا على إرادة الشعب المصرى، وتسفيه إختياراته، وشن حرب شعواء بمدفعية "التوك شو" ضد البرلمان المنتخب حتى تم حله، والجمعية التأسيسية الأولى حتى تم حلها، والآن يمارسون نفس اللعبة مع الرئيس المنتخب د. محمد مرسى وسط قصف إعلامى مكثف وصل إلى حد إباحة قتل الرجل، وإهانة حرمه وتشويه أسرته، والتقليل من جهده خلال 40 يومًا فقط مرت عليه فى سدة الحكم. اللافت أن فضائيات البيزنس والفلول تمارس أسوأ عمليات البلطجية والعهر، وتقدم كل ليلة وصلة ردح إما للرئيس المنتخب، أو لحزب الحرية والعدالة، أو للإسلاميين بشكل عام، فضلا عن سيول من البذاءات التى تصفها بعض البيانات بأنها حرية رأى وفكر، حتى أصبح "عكشة" مناضلا يدافع عنه رموز النضال اليسارى والليبرالى، متناسين أن الرجل أخرج ريحًا على الهواء بصوت مسموع فى مشهد مقزز فاضح لكنه "إبداع" من وجهة نظرهم لا يستحق الضرب بالجزمة!!