الأهالى: الزوجة بريئة من قتلهم.. والزوج يتعاطى المخدرات واعتاد ضربها جيهان: «كانت بتستلف الخضار عشان تأكل عيالها» أم إبراهيم: «ضربها وقطع فخذها بالمطواة» الهدوء والحذر النسبى يكسو أرجاء المكان، روايات متضاربة وقصص غامضة، لا أحد يعرف الحقيقة وتفاصيل ما حدث الكل يتساءل.. جميع الجيران مصابون بالذهول، باحثين عن إجابة السؤال، هل تجرّد الأب من مشاعر الإنسانية، وأقدم على قتل فلذات كبده الأربعة؟ هل تخلصت الزوجة من الأب والأبناء بسبب المشاكل الدائمة بينهما بسبب الظروف المعيشية الصعبة؟ أم كان لزوجة الأب دور فى الحادث؟ أم أن الضحايا فارقوا الحياة بسبب وجبة مسممة؟! على بُعد 150 مترًا من شارع المعهد الدينى بقرية الرملة التابعة لمركز بنها بمحافظة القليوبية، بدأ انبعاث رائحة كريهة تزداد بشدة مع مرور الوقت تخرج من شقة فى الطابق الرابع متواجدة بأحد المنازل الكبرى المتواجدة بالمنطقة، تفاجأ أهالى القرية أثناء توافدهم على مخبز مقابل للمنزل الشاهد على الحادث المروع، أن هذه الرائحة فاحت نتيجة تحلل خمس جثث لأب و4 أبناء، وجُدوا قتلى داخل شقة مغلقة، ولا يوجد أثر لربة الأسرة التى تركتهم قبل أن يتم القبض عليها. على الفور انتقلت "المصريون" لمسرح الجريمة لفك طلاسم الحادث البشع، وبالفحص والتحقيق تبين أن الجثث لأب ويدعى "محمد.أ"، 39 سنة، عامل، وأبنائه الأربعة (يوسف- 15عامًا – بالصف الأول الثانوى)، و(عمرو- 12عامًا - بالصف الأول الإعدادى)، و(سماح- 8 أعوام - بالصف الثانى الابتدائى)، و(سما - تبلغ عامين). فى البداية أكدت الحاجة "عزيزة" زوجة "سعد حسن نصار"، صاحب المنزل، الذى وقع به الحادث، أن الضحية وأسرته ليسوا من أهل القرية الأساسيين، ولكن سكن بها منذ خمس سنوات فقط، مضيفة أنهم كانوا غير مختلطين بهم، ولا مع أهل القرية، ويتعاملون بحدود شديد. وتواصل السيدة المسنة، حديثها قائلةً: "الأب كان يعمل بأحد المطاعم الموجودة على الطريق الرئيسى للقرية، وعُرف عنه أنه يشرب المخدرات باستمرار، منوهة بأن ضيق حالته المالية والمشاكل التى تحيط به وإدمانه للمخدرات هو ما دفعه للانتحار وقتل أبنائه الأربعة، مضيفة أن الزوجة الأولى "هبة" كانت تعمل خادمة فى جميع منازل القرية والقرى المجاورة لتتمكن من الإنفاق على أبنائها ومساعدة زوجها الذى اعتاد على التشاجر معها دائمًا والاعتداء عليها بالضرب المبرح أمام قاطنى القرية فى الشارع. وأشارت إلى أنها تركت المنزل، قبل وقوع الحادث، ب4 أيام من اكتشاف الجثث، لافتةً إلى أن زوجته الثانية ليست موجودة بالقرية ولا يعرفها أحد. وأردفت السيدة: أن الشائعات المترددة حول موتهم فى القرية كثيرة ومنتشرة، وتوجد روايات مختلفة ما بين موتهم بالسم، أو انتحار الأب بعد قتل الأبناء، أو قتل الأم لهم جميعًا، مؤكدة أن أهالى القرية اكتشفوا موتهم بعد خروج رائحة الجثث المتعفنة ولم يستطيعوا تحملها. ويلتقط "محمد سعد"، نجل صاحب البيت، طرف الحديث راويًا ما شاهده، مؤكدًا أنه تم اكتشاف الحادث مساء يوم الأربعاء، الموافق 5 سبتمبر؛ بعدما انبعثت رائحة كريهة من داخل الشقة. "كان فى قماش محشور تحت باب الشقة.. خبطنا كتير على الباب مفيش حد بيرد". هكذا يصف الرجل الأربعينى، المشهد الذى رآه هو والجيران؛ بعدما تلقت الشرطة منهم اتصالًا هاتفيًا، وتم إرسال دورية أمنية، قامت بكسر باب الشقة ليتم اكتشاف الحادث، والعثور على الجثث داخل الشقة، وإصابة الجميع بالذهول. وأشار "سعد"، إلى أن رجال الشرطة لم يتمكنوا فى بداية الأمر من التعامل مع الجثث؛ بسبب رائحتها شديدة الكراهية، واستعانوا برجال آخرين من الأهالى، وتم حملها فى ثلاثة أكياس بلاستيكية سوداء اللون، مؤكدًا أنهم كانوا فى حالة تعفن منذ أربعة أيام على حسب ما ذكر له أحد رجال المباحث. أما "شحتة محمد عبد الحميد"، الخفير المتواجد لتأمين العقار والأهالى يقول: "الجيران اشتكوا من الرائحة الكريهة، وهذا ما جعلهم يطلبون من صاحب المنزل إبلاغ الشرطة؛ لتعثر على الجثث فى حالة تحلل، وتم نقلها داخل أكياس سوداء، موضحًا أن الزوجة لم تكن من بين الضحايا". وأكد أن جميع الشائعات التى روجت بأن الزوجة قامت بتسميم زوجها وأطفالها الأربعة كاذبة، لافتًا إلى أن روايات الأهالى الكثيرة عن سماعهم مشاجرات بين السيدة وزوجها وصراخًا بشكل متكرر ودعوات استنجادها بسبب ضربه المبرح لها تثبت براءتها". وفى تلك اللحظة تقتحم السيدة "جيهان بيومى"، بائعة خضراوات، الحديث: "كانت بتشترى منى الخضار عشان تأكل أولادها.. كان بيضربها دايمًا وكانت بتجيلى وهى بتعيط وإحنا كنا بنشوفه"، متابعة: "مرة ضربها وقطع فخدها بالمطواة ونزلت الشارع تستنجد بينا.. كافحت واتبهدلت عشان تربي ولادها وهو راجل كان ظالم". وأوضحت "جيهان"، أن الزوجة كانت تساعد زوجها فى المعيشة، وكانت تلجأ لأى أعمال تدر لها أى دخل تنفق منه على أبنائها الأربعة، وكانت تلجأ لشراء أجولة الأرز للتربح من عملية بيعه لسكان المنطقة، كما أن حالتها المادية كانت صعبة للغاية، مردفة "كانت بتستلف منى خضار علشان عيالها وجوزها اللى كان قاعد فى البيت مش شغال"، واتفق عدد من نسوة أهالى المنطقة اللواتى كن يعرفن ربة الأسرة، وما تعانيه على أنها بعيدة عن الشائعة المنتشرة بأنها سممت أولادها. وأكدت صديقة الزوجة، أنها غادرت المنزل قبل اكتشاف الحادث ب6 أيام.. وأن زوجها باع جهاز الكمبيوتر بعد رحيلها مقابل مبلغ 500 جنيه. وتعلق سيدة أخرى من أهالى القرية تُدعى "منال حسين"، قائلةً: "ما كناش بنتعامل معاهم لأنهم أغراب، ودي طبيعتنا الغريب مش بنتعامل معاه ولا بنكلمه، ممكن يكون عامل مصيبة وجاي يستخبي عندنا، إحنا مسمعناش صويت أو حد بيتألم خالص عشان نتحرك وننقذهم". وتتابع الجارة: "عايشين حالة رعب ومش بنام وأطفالنا خايفين ينزلوا الشارع لأن الريحة حتى بتخوفهم، مش عارفين ننام، وكل ما نطلع نبص من البلكونة نشوف بلكونتهم نفتكر المنظر وهما نازلين فى الأكياس، بقينا خايفين من البيت ده، لأن فيه جثث". ولفتت إلى أن أولادها فى حالة ذعر ويخشون النزول إلى الشارع أو الاطلاع من النوافذ والشرفات، خشية من شقة الضحايا التى حملت لهم ذكرى لن ينسوها طوال عمرهم بعدما شاهدوا الأطفال الذين كانوا يلعبون معهم فى الشارع جثثًا متحللة تخرج منها الرائحة العفنة داخل أكياس سوداء. وتقول "هدى عبد القادر"، عاملة، بإحدى الصيدليات المتواجدة بالقرية، إن الزوجة كانت تسقط أمام عينيها دائمًا وتُصاب بالإغماء؛ بسبب اعتداء زوجها عليها بالضرب بشكل مستمر. وتستطرد "عبد القادر"، "تعاطفت معها وطلبت منها أن تترك المنزل وتأخذ ابنتيها وتترك له الولدين، إلا أنها كانت ترفض ترك أولادها معه، خاصة أنها لم تكن ترتاح إلى الذهاب لبيت أسرتها المتواجد بمنطقة شبرا الخيمة. وتتابع: "كان بيهينها.. بيبقى نايم ويقول لها انزلي اتصرفى هاتى لى فلوس، وكمان اتجوز عليها وكان بيجيب مراته فى الشقة دى ويخليها تشتغل وتخدم عليها". وبالتحدث مع سيدة أخرى تدعى "أم إبراهيم"، صاحبة محل بقالة متواجد على بُعد 10 أمتار من الشارع الشاهد على الواقعة، أوضحت أن الزوجة كانت على خلافات مع زوجها نتج عنها تركها للمنزل والذهاب إلى أسرتها فى حى شبرا الخيمة، خاصةً بعد إنجاب أبنائها؛ مما دفع الزوج إلى الزواج من أخرى. وتستكمل: "تعرضت الزوجة للاتهام بسرقة الذهب الخاص بشقيقتها ثم أثبتت أن شقيقتها باعته واتهمتها بسرقته، وبعدها تركت منزل والدتها ورفضت البقاء فيه، وعادت إليه وتحملت سوء المعيشة مع زوجها"، لافتةً إلى أنها لم ترتدِ النقاب إلا من عام واحد؛ لإخفاء آثار الضرب والتعذيب على وجهها. وأشارت "أم إبراهيم"، إلى أن فى عدد من المرات اعتدى الزوج عليها بالسكين حتى سبب لها جرحًا فى فخذها، وكانت تمشى كأنها "تعرج"، حتى أنها فى إحدى المرات القريبة أفصحت لها عن رغبتها فى الانتحار، وأنها كانت تعمل فى خدمة المنازل، وتنظيف الدجاج بعد ذبحه فى أحد محال بيع الدواجن، إلى جانب عملها كمصففة شعر متجولة، وكانت كل هذه المهن محاولة منها لمساعدة أسرتها، حيث كان زوجها يعمل فى شركة لإنتاج الزيوت ثم عمل بعدها فى مطعم "فول وطعمية"، وكان متكاسلًا فى عمله ويجبرها على مساعدته.