تشهد العديد من القرى في محافظة سوهاج، حملات اجتماعية مختلفة أطلقها الشباب لتخفيف أعباء وتكاليف الزواج، في ظل الارتفاع الشديد في الأسعار والتي طالت كل شىء. ففي مركز المراغة شمال المحافظة، وبالتحديد قرية بني هلال دائرة المركز، رفع المواطنون سن الزواج للفتيات لسن 30 عامًا، بعد أن كانت الفتاة تتزوج على سن 18 عامًا، وذلك بسبب عدم مقدرة الأسر على تجهيز البناته. يقول "عويس.م" مزارع: "بنتي مخطوبة من 4 سنين ومش قادر أجهزها وهي عندها دلوقتي 24 سنة، وعشان تتجهز عايزة 90 ألف جنيه وأنا لا أملك هذا المبلغ". وأضاف أنه اضطر أن يشترط على العريس أن يمد فترة الخطوبة لمدة عامين أو ثلاثة حتى يتمكن من تجهيزها. عدد كبير من الشباب بمركز البلينا، أطلق جنوب المحافظة حملة أخرى تحت مسمى "بلاها فرح" وتم بالفعل تنفيذ الفكرة لتوفير نفقات ومصاريف الفرح والتي تصل في أغلب الأحيان إلى أكثر من 20 ألف جنيه. يقول "خالد عز الدين"، مدرس، إنه تم بالفعل الاتفاق بين الأهالي على عدم عمل فرح والاكتفاء ب"قعدة عائلية" توفيرًا للنفقات، مشيرًا إلى أن تكاليف الفرح قبل 5 سنوات كانت لا تتعدى 5 آلاف جنيه لكنها تخطت هذه الأيام حتى تجاوزت تكاليف الفرح فوق ال20 ألف جنيه، ما جعل الأهالي يلجأون إلى فكرة إلغاء الفرح. وأوضح محمود الزعيم صاحب قاعة أفراح، أن البعض ابتعد عن الأفراح في الفترة الأخيرة لتوفير النفقات، والبعض الآخر فضل إقامتها أمام المنزل بسبب ارتفاع أسعار القاعات بشكل مبالغ فيه، وهو ما جعل عدد من القاعات أغلقت أبوابها نتيجة امتناع الكثير من المواطنين عن إقامة أفراح. وأوضحت (مها.م) أنها كانت تحلم بفرح كبير يقام لها لكن بسبب الغلاء الفاحش وارتفاع التكاليف فقد قررت هى وعريسها إلغاء الفرح والاكتفاء بليلة حنة داخل المنزل، مشيرة إلى أن غالبية فتيات قريتها ممن أقدمن على الزواج فعلن نفس الشيء بسبب الغلاء. أما جمال عبده، فيقول: "صرفت كل تحويشة العمر على مصاريف الزواج ومفضلش معايا فلوس للفرح فقررت إني أتزوج بدون فرح وعملنا كتب كتاب في البيت مع إن كان نفسي اعمل فرح وأعيش فرحة الزواج". وأكد الحاج زكي عبد المجيد، مزارع، أنه زوج ابنته في سن 27 عامًا، وتم تجهيزها على مدار 4 سنوات، ولم يشترط على العريس شراء ذهب واكتفى بهدية عبارة عن خاتم ذهبي فقط، مشيرًا إلى أن الظروف الحالية تسببت في انتشار العنوسة بشكل واضح بين الفتيات. كما لجأت عدة قرى بالمحافظة مثل قرية (بنجا- نيدة- السلام) إلى التخلي عن طلب شراء الذهب كشرط أساسي للزواج من بناتهن، ووصل الأمر في بعض القرى إلى شراء 20 جرامًا فقط بدلًا من 100 جرام كانت لابد منها كشرطٍ أساسي للزواج. وأوضحت الحاجة سعاد بخيت علي، بمركز طما شمال المحافظة أنها اضطرت إلى اقتراض مبلغ 5 آلاف جنيه لتجهيز ابنتها الوحيدة، لافتة إلى أنها لم تتمكن من شراء جميع مستلزمات ابنتها كما تم إلغاء النيش من الجهاز لأنه حسب قولها يحتاج إلى 4 آلاف جنيه وهى لا تمتلك هذا المبلغ. فيما أشار خالد عثمان، مدرس، إلى أن الشباب المقبل على الزواج أولى بأي مصاريف، في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها، مشيرًا إلى أن تكاليف الزواج أصبحت مرتفعة ولا يستطيع الشباب توفيرها. أما الحاج مختار عبيد فأكد أنه قرر تزويج ابنته بدون فرح أو شبكة اقتصادًا للنفقات وتم الاتفاق على ذلك بينه وبين العريس. من جانبه أكد الدكتور جمال مهران، أستاذ علم الاجتماع بجامعة سوهاج، أنه تم عمل إحصائية كشفت عن وجود أكثر من نصف مليون شاب وفتاة في سن الزواج لم يتزوجوا، حتى الآن بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة وعدم مقدرة رب الأسرة على تجهيز بناته وعدم استطاعة الشاب تكوين نفسه. وأوضح مهران، أن الأهالي يضطرون إلى التخلي عن الكثير من عادات وشروط الزواج المتبعة في الماضى مثل (المهر - الشبكة - الفرح) من أجل "سترة" بناتهم.