تعكف جامعة الأزهر على إعداد كتاب موحد يدرّس على جميع الأقسام المناظرة في مختلف كليات الجامعة، ضمانًا للحيادية وتكافؤ الفرص، وكذلك لظهور الكتاب الجامعي بشكل يُعبر عن تعاون وتكامل أكثر من أستاذ في إعداده ومراجعته. الجامعة كلفت رؤساء الأقسام في جميع الكليات النظرية، بعقد اجتماعات مكثفة مع أعضاء هيئة التدريس بالقسم، وذلك للوقوف على إعداد مقرر دراسي واحد. ورأت الجامعة في تجربة تطبيق الكتاب الموحد، محاولة للسيطرة على كل الأفكار التي تطرح بالمناهج للحد من انتشار الأفكار المتطرفة، بحسب بيانها. القرار فجر جدلًا دخل أروقة الجامعة، فبينما أبدى البعض، إعجابه بالفكرة، باعتبارها ستسهم في الحد من الأزمات والمشكلات والأفكار المتطرفة، قابلها آخرون بالرفض، قائلين إن الفكرة لا تليق بحجم جامعة مثل الأزهر. الدكتورة محمود مزروعة، رئيس قسم العقائد والأديان بكلية أصول الدين، جامعة الأزهر، رأى أنه "من الصعب تنفيذ القرار، وأنه سيثير أزمات ومشكلات عديدة، لا حاجة للدولة بها". وأضاف مزروعة ل "المصريون": "كل أستاذ جامعي يدرس مادة ما، لديه كتاب ومنهج خاص به، ومن ثم لا حاجة له بكتب أساتذة أخرى، أو مناهج وضعها آخرون، بل من الأولى والأفضل أن يدرس الأستاذ الجامعي المنهج الذي وضعه بنفسه لأنه سيكون أجدر على توصيله للطلبة". وتابع: "من الوارد أن يكون ضمن الكتاب الموحد موضوعات أو قضايا لا يؤمن بها أستاذ ما، أو رأيه مخالف لرأي الشخص الذي وضع الكتاب"، متسائلًا: "في هذه الحالة ما هو الحل، وكيف سيقنع الطلبة بوجهة نظر لا يؤمن بها، وهل سيقول لهم إن هذه وجهة نظر أستاذ آخر، أعتقد أن هذا لا يجوز". وأوضح أن "الحل يكمن في العودة للائحة الجامعة القديمة، والتي تنص على أنه لا يجوز للمدرس الذي يُعين حديثًا أن يؤلف كتابًا خاصًا به، إلا بالاشتراك مع أحد الأساتذة القدامى؛ لضمان عدم خروجه عن القواعد الصحيحة، وليكون هو المسئول أمام الجامعة والطلبة، أو أن يمر عليه ثلاث سنوات دراسية، وبعدها يتمكن من تأليف منهج خاص به". رئيس قسم العقائد والأديان، تساءل: "كيف لي أن أدرس كتاب لست مؤلفه، ولم أشارك فيه، هل من المعقول أن يؤلف شخص أو شخصين كتاب يوحد على جميع الفروع وكليات الأزهر". وشدد مزروعة على أن "توحيد الكتاب الجامعي لا يجوز"، لافتًا إلى أن "غالبية مجالس الأقسام في جميع الكليات رفضت القرار، واعتبرته غير لائق بجامعة عريقة بحجم جامعة الأزهر". فيما أبدى الدكتور سيف رجب قزامل، أستاذ الفقه المقارن، والعميد السابق لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إعجابه بالقرار، مرجعًا ترحيبه إلى كونه "سيساعد على إحداث توازن واستقرار داخل العميلة التعليمية، وسيسهم في إحداث جودة داخل الجامعة". وأضاف قزامل ل "المصريون": "غالبية رؤساء الأقسام سيشتركون في وضع الكتاب الموحد، حيث سيدلي كل برأيه في بعض الجزئيات والفقرات التي ستوضع في الكتاب، وفي النهاية سيتم الجمع بين تلك الآراء بحيث يتفق عليه الجميع، ولا ينتج عنه مشكلات عن إقراره". أستاذ الفقه المقارن رأى أن "تلك الخطوة تتفق مع الظروف الحالية، إذ أن هناك ضرورة ملحة للمناهج الموحدة ووجهة النظر الموحدة، وكذلك الكتاب الموحد، للحد من الخلافات والمشكلات المنتشرة". فيما رفض الدكتور علوي أمين، عميد كلية الشريعة والقانون السابق، فكرة الكتاب الموحد لكليات الأزهر، قائلًا: "الكتاب الموحد عودة لنظام الكُتاب، فالأستاذ الجامعي له قيمة علمية رفيعة وبهذا المقترح سيصبح مثل الموظف، فهذه المقترحات لا يعلم مداها إلا الله". وأضاف أنه "يجب أن يكون هناك توافق بين الأستاذ الجامعي والطالب، من خلال المقرر الذي يضعه الأستاذ الجامعي، وعن طريقه يستطيع إخراج أفضل ما لديه من علوم ومعارف في تخصصه". وأوضح أن نظام الكتاب الموحد "يقتل كل ما هو جديد في العملية التعليمية، ودخول المشروع طور التنفيذ ينذر بخطر شديد على العملية التعليمية ويقتل الأستاذ والطالب معًا". وفي تصريحات له، انتقد علوي، سياسات قيادات جامعة الأزهر الحالية، مضيفًا: "هناك مساعٍ لفرض السيطرة وعدم الاهتمام بالابتكار داخل الجامعة وفي حال تطبيق الكتاب الموحد سألجأ للقضاء لوقفه".