أكد خبراء ومهندسو هيئة الطرق والكبارى أن الهيئة لديها مشاريع متوقفة فى مصر تكلفتها تصل إلى مليار جنيه منذ اندلاع ثورة 25 يناير حتى الآن، موضحين أن السبب الرئيسى لذلك هو رفض تسليم الأهالى لأراضيهم التى تم نزعها بقانون المنفعة العامة لأنهم لم يحصلوا على التعويضات المناسبة منذ أكثر من 12 عاماً. وطالب خبراء التخطيط العمرانى بضرورة تعديل قانون نزع الملكية، مؤكدين أن هذا القانون كان سبباً رئيسياً فى إهدار المال العام وتعطيل التنمية فى المجتمعات الجنوبية، مبينين فى الوقت نفسه أن التعويضات التى تدفعها الدولة للمواطنين غير عادلة. فى البداية، أكد المهندس حسين سعد وحيد رئيس الإدارة المركزية للهيئة العامة للطرق والكبارى للمنطقة التابعة لمحافظتى أسيوطوالمنيا، على أن مديرية المساحة تقوم بحصر جميع الأراضى التى يتم نزعها من المواطنين من أجل تنفيذ مشروعات الطرق والكبارى، موضحًا أن قرار تنفيذ نزع الملكية من اختصاص رئيس مجلس الوزراء وعلى أساسه يتم تقدير حجم التعويضات لملاك الأراضى التى سيتم نزع ملكيتها من قبل المؤسسة العامة المصرية للمساحة. وأشار وحيد إلى أن هيئة الطرق والكبارى تقوم بسداد قيمة التعويضات التى حددتها مديرية المساحة، قبل أن يتم البدء فى تنفيذ المشروعات لمديرية المساحة، مبيناً أن المشكلة الآن متمثلة فى أن المواطنين يرفضون تسليم الأراضى حتى يحصلوا على التعويضات بشكل كامل، ومديرية المساحة ترفض دفع التعويضات لحين انتهاء المشروع بالكامل طبقاً للقانون. وطالب وحيد بضرورة إجراء تعديل تشريعى حتى يتم تعويض المواطنين فور نزع الأمراض منهم بدلاً من الانتظار لإنهاء المشروع، موضحاً أن جميع المسببات التى جعلت المشرع المصرى يصدر هذا القانون قد تغيرت، خصوصاً بعد ثورة 25 يناير التى تعقدت بعدها الظروف الأمنية. وقال إن لدى الهيئة مشروعات متوقفة فى محافظة المنيا تقارب مليار جنيه مثل مشروع كوبرى بنى مزار على النيل والذى توقف العمل به منذ أكثر من عام، بالإضافة إلى توقف مشروعات طريق مغاغة والعدوة، لرفض الملاك تسليم الأراضى التى قمنا بالاستيلاء عليها، مشيراً إلى أن هيئة المساحة لم تستطع حل هذه المشكلة حتى الآن، فى ظل محاولات مؤسسة الطرق والكبارى مع المحافظين والمسئول العسكرى للمحافظة، خاصة أن الأمن لا يريد أن يتصدى للناس. من ناحية أخرى أوضح سامى فرج مدير الإدارة المركزية بهيئة الطرق والكبارى أن المشاريع توقفت بسبب تطبيق القانون، ولذلك ترغب هيئة الطرق فى تعديل القانون بحيث يكون هناك مرونة فى العمل، حتى تستطيع الهيئة تعويض المزارعين مباشرة وفوراً دون الرجوع لهيئة المساحة، مضيفاً أن أموال التعويضات التى تقدرها مديرية المساحة تغضب ملاك الأراضى لأنها لا تناسب الأسعار الحقيقية لأراضيهم. وأشار سعد إلى أن لدى الهيئة بعض المشاريع المتوقفة، ولكن الهيئة لا تستطيع فعل أى شىء، خاصة أن هيئة الطرق والكبارى تدفع الأموال للمساحة، والمساحة هى التى تتعامل مع الفلاحين، والفلاحين يريدوا أن يحصلوا على تعويضاتهم من هيئة الطرق والكبارى قبل بداية المشروع. ويرى الدكتور أسامة عقيل أستاذ الطرق والكبارى بجامعة عين شمس، أن القانون الموجود الخاص بالمنفعة العامة ونزع الملكية غير قابل للتطبيق ولا يتم تطبيقه، مبيناً أن قانون المنفعة العامة ينص على أنه عندما يكون هناك أرض سيتم استغلالها للمنفعة العامة فإن الدولة من حقها أن تضع يدها على أى أرض فى مقابل تعويض أصحاب الأراضى، لكن الذى يحدث أن الدولة نتيجة أنها تتأخر فى صرف تعويضات المشاريع وبالتالى يرفض الملاك تسليم الأرض، فهيئة المساحة تحتفظ بأموال التعويضات كوديعة فى البنوك وتستفيد من عائد ربحها. وأضاف أن الدولة لا تنفذ القانون بالقوة، وأن نزع الملكية يجب أن يتم بالقوة الجبرية عند وجود اعتراض، لكن الأن بعد الثورة تستطيع الدولة استخدام القوة، وحتى قبل الثورة لم تكن الدولة تستطيع أن تستخدم القوة فى نزع الأراضى إذا كان مالكها شخصية ذات نفوذ. وقال عقيل إن الحكومة إذا كانت تريد أن تحل هذه المشكلة فإنها ستحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء ولكن الحكومة الحالية غير فاعلة ولا قيمة لها وهى حكومة ضعيفة غير قادرة على التنفيذ، والخاسر الوحيد فى كل هذا هو الاقتصاد المصرى لأن تأخير المشروعات تعتبر خسائر ضخمة وإهدار للمال العام يجب أن يحاسب عليه المتسبب فيه. أما الدكتور محمد عبد الباقى إبراهيم رئيس مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية بجامعة القاهرة فيؤكد على أن من يتم نزع ملكية أرضهم توطنوا فى أراضيهم منذ مئات السنين، أى أن ظروفهم المالية والاقتصادية ضعيفة، لذلك يجب أن تكون التعويضات عادلة وفورية لأنهم يعانون فترة من الزمن من قلة الموارد، مضيفاً أن القيام بالمشروعات دون الأخذ فى الاعتبار، الانتهاء من نزع الملكية يؤدى إلى إهدار الاستثمارات وتجميدها، لأنهم يشرعون بالبدء فى مشروعات ولا يستكملونها وهذا التأخير فى تنفيذ المشروع يزيد من الأعباء المالية ويزيد من تكلفة المشروع للزيادة المستمرة فى الأسعار، لذلك فإن حسن إدارة المشروع وموارده أهم من المشروع فى حد ذاته. وطالب عبد الباقى بضرورة تدخل البنوك كضامن لهيئة المساحة من خلال إصدار مجموعة من الشيكات آجلة الدفع حسب مدة المشروع بحيث يضمن السكان وأصحاب العقارات مستحقاتهم منذ البداية. فى حين يرى الدكتور عماد عبد العظيم استشارى الطرق والكبارى بجامعة عين شمس أن الجزء الذى تم تنفيذه يعتبر أنفاقاً معطلة لم يتم الاستفادة منها وهذا يؤثر على المواطنين، مشيراً إلى أن المشكلة الحقيقية هى تأخر صرف التعويضات العادلة لأن اللجان التى تقدر أسعار الأراضى هى نفسها التى تقدر سعر أراضى الدولة. المهندس حمدى الطحان رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب السابق قال إنه قدم مشروع قانون لحل هذه المشكلة بمجلس الشعب فى 2005 ولكنه لم يتم عرضه فى المجلس، مضيفاً أن المعوقات فى نزع الملكية كثيرة تتمثل فى أن الملكيات ليست ثابتة الملكيات كلها بعقود بيضاء والمساحة تشترط لكى تقوم بدفع التعويضات أن تكون ملكيات ثابتة عندما يحدد المسار، بالإضافة إلى تأخر المبالغ الأراضى التى تم نزع ملكيتها، فمديرية المساحة تضع الأموال فى حساباتها لاستثمارها، لدرجة أن هناك مواطنين لم يحصلوا على تعويضاتهم رغم أنه تم نزع الأراضى الخاصة بهم منذ 12 عاماً فى طريق دفرة بكفر الزيات. وأشار الطحان إلى أن مشروع القانون الذى قدمه كان يتفادى كل هذه المشاكل الموجودة لأنه يدفع قيمة إجارية عالية تزداد سنوياً 10%، كما أنه سيقوم بإرسال أى نزع ملكية للسجل العينى حتى يتحقق من الأملاك، بالإضافة إلى أنه سيتم تحقيق مبدأ استيلاء مؤقت من المحافظات بحيث يصدر المحافظ قراراً باستيلاء مؤقت على مسار الطرق. وقال الطحان إنه قام بإدراج كل هذه الحلول فى مشروع القانون على المجلس ولكنه حتى الآن لم ينظر فيه، مطالباً بحق استعادته لإعادة النظر فيه بالتطوير وإضافة أو حتى حذف بعض البنود حسب رؤيته على المجلس القائم أن يبحث عن هذا المشروع وهو موجود فى اللجنة التشريعية ولجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب.