في كتابه الرائع الأخير المعنون "ما وراء الوقاحة : حول إساءة إستخدام التاريخ وسوء إستغلال معاداة السامية" ، يقول البروفيسور اليهودي نورمان فينكلستاين "إن عقلية النخبة الأمريكية اليهودية تؤمن بالتفوق العنصري اليهودي ، وتستند في ذلك إلى مزيج قاتل من القوة السياسية والاقتصادية مع كثير من الغطرسة وإدعاء دور الضحية المزيفة ، وحصانة ضد النقد (باستدعاء الهولوكوست). هذا المزيج القاتل أدى إلى قسوة مرعبة تتسم بها نخبة اليهود الأمريكيين التي تشكل مع إسرائيل أهم أسباب معاداة السامية في العالم اليوم. والحل لا يكون بمهادنتهم ، وإنما بمواجهتهم ووضع حد لممارساتهم.. فقد تحولت معاداة السامية ، مثل الهولوكوست، إلى غطاء لصرف الانتباه عن إعتداءات صارخة على القانون الدولي وحقوق الإنسان." هوجم فينكلستاين بعنف من كافة أعضاء النخبة اليهودية في أميركا ، ومنهم إيسي ليبلر رئيس لجنة (علاقات إسرائيل بالشتات اليهودي) التابعة لمركز القدس للعلاقات العامة. يصف ليبلر الكتاب بأنه أشبه مايكون إلى "بروتوكولات حكماء صهيون" (الذي تصر إسرائيل على أنه كتاب مزيف مدسوس على اليهود من المخابرات الروسية) ، ويقول أن "اليهود الكارهين للذات كانوا يتراوحون بين مرتدين في العصور الوسطى وشيوعيين في الاتحاد السوفييتي. أما اليوم فإن خلفاءهم يلعبون أدوارا رئيسية في الحملة الدولية الهادفة لنزع الشرعية عن إسرائيل. وآخر فصل في هذه الهجمة هو كتاب (ماوراء الوقاحة) الذي يسعى لشيطنة إسرائيل وإقناع القارئ بأنها أكثر دول العالم شرا.. إن فينكلستاين ينقل في كتابه فقرات من تقارير منظمات حقوق الإنسان ، مثل مرصد حقوق الإنسان وبتسيليم ومنظمة العفو وأطباء من أجل حقوق الإنسان واللجنة العامة لمناهضة التعذيب ، وكلها لها سجلات طويلة من التحيز ضد إسرائيل وإلتزام معايير مزدوجة في التعامل معها. لقد تحول فينكلستاين إلى بطل في أوساط الكارهين لإسرائيل والمعادين للسامية. لوكنا نتعامل مع عالم متزن سياسيا لكان مصير هذا الهراء قد إنتهى به إلى القمامة. ولكن ليس في مناخ اليوم المسمم ضد إسرائيل الذي يدفع صف طويل من الأكاديميين اليهود إلى إمتداح هذيان فينكلستاين وأكاذيبه ووصف تحريفاته وتشويهه للحقائق بأنها "علمية ومنهجية". من أمثلة هؤلاء اليهود الذين امتدحوا كتاب فينكلستاين نرى دانييل بويارين من جامعة كاليفورنيا وآفي شلايم من جامعة أكسفورد وبالطبع نوام تشومسكي. هناك أيضا باروخ كيمرلينج أستاذ علم الاجتماع في الجامعة العبرية بالقدس الذي وصف الكتاب بكونه "أفضل الكتب شمولية ومنهجية وتوثيقا في موضوع الممارسات اليومية للاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية." كما كتب نيف جوردون من جامعة بن جوريون عرضا للكتاب في نشرة (التقرير الكاثوليكي) يؤيد فيه فكرة إنشاء محكمة جرائم حرب دولية لمحاكمة الضباط والجنود الإسرائيليين ، ويقول عن كتاب فينكلستاين أنه " فضح العناصر الأكاديمية التي عمدت للتغطية على جرائم إسرائيل.. ردودها المحمومة على هذا الكتاب تقدم مثالا لإساءة إستخدام تهمة معاداة السامية بهدف تشويه كل من يحاول كشف إنتهاكات إسرائيل البشعة للقانون الدولي." وينتهي إيسي ليبلر في مقاله بالجيروزاليم بوست إلى التحذير من تدمير هذا الكتاب لسمعة إسرائيل ، ومن تأثير "المناخ المسموم" على الرأي العام الأمريكي بعد تأثر الأوربيين به إلى درجة إقتناعهم بأن إسرائيل تمثل أخطر تهديد للسلام العالمي ، ويقول " نحن لا نتحمل عواقب وصول هذا الأمر إلى الولاياتالمتحدة. إن معركة الأفكار حتمية لتأمين مستقبلنا. هناك الآلاف من الموالين لإسرائيل حول العالم .. على الحكومة أن تستعين بهم لشن حملة مضادة ورد المد إلى الأتجاه المضاد." [email protected]