على الرغم من الجدل، الذي صاحب مشروع قانون منح الجنسية المصرية، للأجانب، قبل سنوات، لكونه يتضمن وضع مبلغ محدد، كوديعة بنكية بالعملة الصعبة لمدة 5 سنوات متتالية مقابل الحصول عليها، إلا أن مجلس النواب، وافق عليه خلال اجتماعه اليوم برئاسة الدكتور علي عبد العال. وصوت المجلس بالموافقة على المادة 20 مكرر من مشروع قانون تنظيم دخول وإقامة الأجانب داخل مصر. وكان رئيس مجلس النواب، اقترح أن يتم وضع حد أدنى لقيمة الوديعة بقيمة لا تقل عن 7 ملايين جنيه مصري أو ما يُعادلها من العملات الأجنبية، بقرار من مجلس الوزراء، وهو ما وافق عليه المستشار عمر مروان، وزير شئون مجلس النواب. وتنص المادة على أن "الأجانب ذوو الإقامة بودية هم الذين يقومون بإيداع وديعة نقدية بقيمة لا تقل عن 7 ملايين جنيه مصري أو ما يعادلها من العملات الأجنبية، بقرار يحددها مجلس الوزراء". النائب خالد عبد العزيز، عضو تكتل "25-30"، أبدى استياءه من موافقة المجلس على القانون، لكونه "يشكل خطرًا على الأمن القومي المصري، وسينتج عنه أزمات ومشكلات عديدة". وفي تصريح إلى "المصريون"، حذر عبدالعزيز من أن "لقانون يفتح الباب، لحصول أجانب وجواسيس وصهاينة على الجنسية المصرية، وليس هذا فحسب، بل إن المطرودين من بلادهم والإرهابيين وأصحاب قضايا غسيل الأموال وغيرها، من السهل أن يحصلوا علبها بموجب القانون". عضو تكتل "25-30"، قال إن "كان الهدف كما يقولون جذب المستثمرين العرب والخلايجة، فهؤلاء لا يمكن أن يحصلوا على جنسية ثانية بجانب جنسيتهم؛ لأن قانونهم يمنع ذلك، بل ومن يقوم بالحصول على جنسية أخرى، تسقط جنسيته على الفور". واستدرك: "إن كان الهدف جذب المستثمرين الأجانب فهؤلاء أيضًا لا حاجة لهم بالجنسية؛ لأنهم يستطيعون مباشرة مهامهم بسهولة ويسر داخل مصر، إذن ما فائدة القانون، وما الأسباب". وأوضح أنه لا يرى أي أهمية للقانون، "بل على العكس يُقلل من قيمة الجنسية المصرية، ويجعلها مثل السلعة التي تباع وتشترى، وذلك بالطبع مرفوض شكلًا ومضمونًا". وتساءل: "هل كل من سيطلب الجنسية ستتمكن الأجهزة من معرفة هويته الحقيقية، وكافة التفاصيل حوله، وهل ستقدر على معرفة الجواسيس والإرهابيين، أعتقد لا لأن هؤلاء يقومون بإخفاء هويتهم الحقييقة، ويخفون كافة المعلومات التي قد تعرقل حصولهم عليها". فيما اعتبر الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، أن موافقة المجلس على ذلك القانون، "يُخالف المواد 47 و48 و49 و50 من الدستور، والتي تنص على ضرورة الحفاظ على الثقافة المصرية والهوية الثقافية المصرية". وأضاف ل "المصريون": "القانون يساعد على تدمير الهوية المصرية؛ لأنه يمنح أجانب الجنسية المصرية، بغض النظر على جنسياتهم الأخرى وهوايتهم وثقافتهم، التي تخالف بالتأكيد هوية المصريين وثقافتهم". وأوضح أن "الجنسية المصرية ليست للبيع، أو لمن يدفع أكثر، وإنما هي تمنح فقط لأبناء مصر الذين ولدوا على أرضها وينتمون إليها، وكذلك لمن يقدم خدمات جليلة وقيمة للدولة، أما ما دون ذلك لا يجوز". وأشار إلى أن المادة 10 من الدستور تنص على أن الأسرة المصرية قوامها الدين والأخلاق والوطنية، متسائلًا: "كيف سيتم المحافظة على الوطنية، التي شدد عليها الدستور، القانون دمر المادة 10 أيضًا، كذلك المادة 24 تنص على أن التربية الدينية واللغة العربية مقومات أساسية من مقومات الجنسية، لكن القانون الجديد خالف أيضًا تلك المادة". وشدد الفقيه الدستوري على أن الجنسية المصرية مثلها مثل الجسد، الذي لا يمكن عرضه للبيع وجعله سلعه تباع وتشترى، واصفًا ذلك القانون بال "المحزن والمهزلة". ووافقاهما الرأي، هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، إذ شن هجومًا حادًا على القانون، قائلًا: "من وقت لآخر البعض يستخدم الاستثمار كأداة لتمرير بعض القرارات، وسبق أن وافقنا على قانون الاستثمار وبه العديد من التسهيلات بالمخالفة، ولكن استخدام بيع الجنسية تحت مسمى الاستثمار غير مقبول" وهاجم الحريري، في الجلسة العامة، كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، بعد أن أكد الأخير أن الجنسية المصرية ليست للبيع، ليرد الحريري: "ليست للبيع وإنما الحصول عليها من خلال وديعة مدتها 5 سنوات". وكان رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، قال إن إيداع وديعة نقدية بالعملة الأجنبية ليس غاية في حد ذاتها، إنما مجرد تنظيم لإجراءات النظام المستحدث للإقامة بوديعة، لافتًا إلى أن إيداع وديعة نقدية بالعملة الأجنبية في البنوك المصرية استثمار غير مباشر، ويشجع الاستثمار العربي والأجنبي للدخول في المشروعات الاقتصادية بمصر الحريري شدد على أن "من يريد التجنس بالجنسية المصرية؟، من يقبل بالحصول على جنسية في بلد لا فيها تعليم أو صحة، ولا أي شيء؟"، مشيرًا إلى أن الأوضاع في مصر غير محفزة للاستثمار أو الإقامة. غير أن الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس لنواب، اعترض على حديث الحريري، قائلاً: "هذا الكلام غير مقبول ومصر بلد جاذبة للاستثمار". وكانت الحكومة، قالت سابقًا إنها تدرس منح الجنسية المصرية للأجانب مقابل دفع مبلغ مالي في صورة وديعة بنكية بالعملة الصعبة لمدة 5 سنوات متتالية، وذلك لتشجيع الاستثمار. وأوضح شريف إسماعيل، رئيس الوزراء وقتذاك، في تصريحات صحفية، أن "منح الجنسية للأجانب أمر معمول به في كثير من دول العالم"، متابعًا: "سيكون في مصر وفقًا لضوابط أمنية محكمة لا غنى عنها، فالوديعة لا تعني الاستغناء عن استيفاء تلك الشروط".