ترقبت مع أهالى قطاع غزة بفارغ الصبر أول لقاء بين رئيس حكومة غزة إسماعيل هنية والرئيس المصرى محمد مرسى، وبلغ تلهفنا أن أخذنا نعد الساعات والدقائق فى انتظار أخبار مفرحة يخرج بها اللقاء.. منبع الاهتمام الغزاوى بلقاء مرسى - هنية جاء من كونه لقاء بين رئيس حكومة غزة المحاصرة هى وشعبها منذ أكثر من ستة أعوام، وبين رئيس الدولة التى كان يحاصر نظامها قطاع غزة طوال هذه الأعوام، وفى ضوء رياح التغيير التى هبت على مصر انبعثت آمال الفلسطينيين بطى صفحة الحصار اللا إنسانى إلى الأبد.. علق الفلسطينيون فى قطاع غزة آمالهم على الرئيس مرسى منذ أول يوم، فبمجرد أن نطق المستشار فاروق سلطان باسم الفائز فى انتخابات الرئاسة خرج الآلاف فى شوارع غزة فى مسيرات عفوية يحملون الأعلام المصرية وصور الرئيس الفائز، ووزعت الحلوى ابتهاجاً كما لم يحدث فى مناسبات فلسطينية خالصة متمنين أن يكون هذا الفوز إعلاناً رسمياً عن طى صفحة سوداء فى تاريخ العلاقات المصرية الفلسطينية، وبدء صفحة جديدة يحيون فيها بكرامة. لكن هذه الآمال تراجعت بشكل حاد عقب إعلان النتائج التى تمخض عنها لقاء مرسى هنية، ولمست عبر متابعتى للردود عبر المواقع التفاعلية شعوراً بخيبة الأمل فى نفوس الغزاويين وبأنهم سيبقون طرفاً منسياً فى المعادلة لا يلتفت أحد إلى معاناتهم. ما نتج عنه لقاء مرسى هنية، هو وعود بتسهيلات وتحسينات على معبر رفح، مع بقاء القضايا الحياتية الكبرى مثل أزمة الكهرباء ومنع إدخال البضائع قائمة. المدقق فى "الوعود بالتسهيلات" التى خرج بها الاجتماع يلاحظ أنها نفس سياسة العهد البائد - لسنا متأكدين إن كان بالفعل بائداً أم أنه لا يزال يمسك بمفاصل الأمور- فمن المثير للسخرية أن يصرح مصدر مطلع بأن هنية حصل على وعود مصرية بزيادة ضخ كميات الوقود القطرى الموجود فى السويس لتقليص أزمة الكهرباء. هذا الوعد مثير للسخرية وباعث على القهر وهو يعنى تجزىء المجزأ، فقضية الكهرباء ما ينبغى أن تكون قضية غزة الأساسية، ومن حق سكانها مثلهم مثل الآدميين فى أى مكان فى العالم أن ينعموا بوجود الكهرباء على مدار الساعة، وقد كان الغزاويون يأملون بقرار مصرى سيادى بإنهاء هذه الأزمة جملةً واحدةً دون إبطاء أو تدرج، لكن أن يتم الحديث عن زيادة كمية الوقود القطرى المدخل إلى غزة فهذه إهانة لعقولنا لأن هذا الوقود القطرى حتى لو دخل دفعةً واحدةً، فهو حل تسكينى يكفى لزمن محدود، أقصاه شهران، وما كان ينتظره الفلسطينيون فى هذا الصدد أن يتم الإعلان عن بدء خطوات لربط كهرباء غزة بشبكة الربط الإقليمى - حتى لا يظن البعض أننا نتسول فنحن نطالب بشراء الكهرباء ودفع ثمنها ولا نريدها بالمجان - وحتى لو تطلبت هذه الخطوات وقتاً فقد كان الإعلان عنها سيعطى إشارة تطمين بأننا دخلنا عهداً جديداً فيه حلول جذرية بخلاف العهد السابق الذى كان يعتمد على المماطلة والتسويف والحلول التسكينية. كذلك فإن الحديث عن زيادة عدد ساعات عمل المعبر لا يعبر عن انفراجة حقيقية، وكان الفلسطينيون يأملون بإنشاء طريق للتبادل التجارى، وكذلك الإعلان عن إلغاء تأشيرات الدخول بشكل كامل للأراضى المصرية، وإلغاء قوائم الممنوعين من السفر منذ العهد البائد. فى الوقت الذى نقدر فيه صعوبة الأوضاع الداخلية المصرية، ونتفهم حجم العراقيل التى يواجهها الرئيس محمد مرسى إلا أنه ما ينبغى أن تظل أبسط حقوق الإنسان فى غزة ضائعةً بحجة الانشغال بملفات أخرى، وكما ساندنا الرئيس مرسى ولا نزال نسانده بكل قوة ودون انتظار ثمن هذه المساندة فى وجه محاولات إعادة إنتاج النظام السابق فإننا نرجو منه أن يتفهم غضبة مواطن مقهور فى غزة أنهكته سنوات الحصار اللا إنسانى، وكما يقال فإن "الزعل على قدر المحبة".. والله المستعان.. [email protected]