الطب هو العلم الخاص بالتداوي والعلاج وهو قديم وله أصل ونشأة ، وهو من العلوم الدنيوية التي يغلب عليها التجربة والدليل والبرهان . وقد أخبرنا الحق سبحانه وتعالى ان كل العلوم التي يهبها الله للبشر راجعة إليه سبحانه وتعالى تحت قوله تعالى (عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) العلق 5 ، أما عن كيفية تعلم الناس الطب فلم يأتي ذكرها في القرآن الكريم لأنها متغيرات والمتغير لا يذكر في الثوابت . ولكن ما أتى ذكره هو ان الله يهب لمن يشاء علما دون غيره ، ويهب لمن يشاء حكمة دون غيره، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في قصتي الخضر ولقمان فقال تعالى: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ) الكهف 64. وعن من آتاه الله الحكمة، في قصة لقمان قال تعالى : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ) لقمان 12 . أما عن المرض وطريقة علاجه فقد خص الله بها نبي من أنبيائه الصالحين ، وذلك لأهمية المرض وما يترتب عليه من صعاب وهموم قد لا يصبر عليها كثير من الناس ، وقد ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أشد الناس بلاءًا هم الأنبياء والصالحين ثم الأمثل فالأمثل. ضرب الله سبحانه وتعالى لنا المثل بالمرض والصبر عليه ثم كيفية الشفاء منه، ووجوب الأخذ بالطرائق التجريبية متمثلة في قصة سيدنا أيوب عليه السلام قال تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) الأنبياء 83 ولا يوجد ضر مثل ضر المرض ، ودعاء سيدنا أيوب عليه السلام هو دعاء المضطر . ثم نجد حكمة الخالق سبحانه يشير عليه بكيفية الوصول للعلاج والتداوي في قول تعالى (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ) ص42 ، فتم علاجه من الناحية العضوية ثم يذكرنا الحق سبحانه وتعالى كيف يعلاجه معنويا بكفارته عن قسمه وعدم الحنث فيه، بقوله تعالى: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص 44 وهذا قمة الشفاء ان يشفى المريض عضويا ومعنويا . ويجعل الله من هذه القصة ذكرى للذاكرين . والعبرة في قصة هذا النبي الكريم أن الله سبحانه وتعالى على الرغم من قدرته المطلقة في برائته وشفائه بقوله كن فيكون ، إلا أنه أمره بالركض ثم الغسل ثم الشرب ، وهذا بإختصار كل مايجري الآن و يشار به في العلاج بالطرائق التجريبية المعمول بها في كل مستشفيات العالم الحديث . وهذه سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا قال تعالى: ( فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً ) فاطر 43. محمد رسلان طبيب وباحث خريج جامعة الأزهر [email protected]