هل يعنى خطأ الثوار بتسليم البلاد للعسكر بعد خلع المخلوع أن يستمر هذا الخطأ, المحكمة الدستورية الآن تمثل أهم عناصر الثورة المضادة الداعمة لحكم العسكر بحجة الشرعية الدستورية فكيف يمكن نجاح الثورة؟؟ -الثورة تمثل عملا سلميا "غير قانونى" تقوم به الشعوب لإسقاط الحاكم والنظام الفاسد ويشمل هذا النظام قيادات الأجهزة الأمنية والقضائية والمخابراتية والإعلامية والسياسية وخلافه, فكل أعمال الثورة هى فوق القانون والدستور لأنها أعمال ضد الذين صاغوا هذا الدستور والقوانين ويقومون بتطبيقها وتسييسها لمصلحة الثورة المضادة, والخروج على الشرعية الدستورية يعتبر عملا مشروعا بامتياز لأن سلطة الشعب هى الأعلى وفقا للشريعة "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم" فأولو الأمر(وليس ولى الأمر) تعنى عملا جماعيا لإدارة شئون البلاد إدارة رشيدة بما يرضى أغلبية الشعب, وهذا العمل الجماعى تطور حديثًا لما يسمى بالمؤسسات ثم "النظام السياسى"، وكلمة "منكم" عبقرية قرآنية تعنى انتماء أولى الأمر للشعب، وليس العكس, والشعب هو فقط، الذى يحدد هل هؤلاء الحكام يمثلون "أولى الأمر منكم" أم لا؟؟ يعنى السلطة للشعب الذى يعطى البيعة والشرعية للحاكم والنظام السياسى ويسحبها ويتم إعطاء البيعة عن طريق وسائل متغيرة لم يحددها الإسلام ليؤكد (وليس فقط ليسمح)على ضرورة التطور حتى وصلت هذه الوسائل لما يسمى "بالديمقراطية", وعندما يخرج الشعب بكثافة سلميا فى يناير 2011 فى عدة مدن ويقول "الشعب يريد إسقاط النظام" يعنى ذلك أن الحاكم وكل عناصر نظام الحكم من الأجهزة والمؤسسات المذكورة كل هؤلاء لا يمثلون "أولى الأمر" ويستحيل أن يمثلوا"منكم" ولابد شرعا وعقلا أن يتركوا الحكم فورا وهو ما حدث فى كل ثورات العالم الناجحة, يتم إزاحة كل عناصر نظام الحكم فورا ويحل محلهم عناصر النظام الجديد, حدث ذلك, مثلا, فى مصر 1952 وإيران وألا تتعرض الثورة للهجوم من عناصر النظام البائد، كما يحدث بالضبط الآن. - لقد تأخرنا كثيرا فى تطهير المؤسسات خصوصا الأمن والقضاء والأسباب معروفة, يكفى أن القضاء لم يصدر أى أحكام لصالح الثورة, أكثر من 1500 شهيد أمام أعين العالم وكل القتلة والبلطجية حازوا أحكام البراءة. -هناك تناقض بين الثورة وبعض كبار القضاة (المنتمين للنظام البائد) تأكد مؤخرا, وقيام العسكر بحل كل البرلمان (وليس ثلثه فقط حسب حكم الدستورية) أمر شاذ تجاه أنزه برلمان مصرى ثم استعادة العسكر لسلطة التشريع أمر شاذ يؤكد الإصرار على الاحتفاظ بالسلطة (بدون شرعية) ولا مثيل عالمى لاحتفاظ العسكر بالتشريع فى وجود رئيس منتخب, فضلا عن إعلان دستورى مكمل يفتقر لشرعية الشعب صاحب السلطة, كل ذلك بدعم هؤلاء القضاة. -انحياز هؤلاء القضاة لصالح العسكر غير المنتخبين ضد المدنيين المنتخبين (البرلمان والرئيس) يعنى تدخل القضاء فى الصراع السياسى لصالح العسكر ضد الشعب صاحب الثورة والشرعية بموجب الشريعة, كما يعنى تدخل سلطة القضاء فى شأن السلطات الأخرى(السلطة التنفيذية الرئيس والسلطة التشريعية البرلمان) إهدارًا لمبدأ الفصل بين السلطات، وكل ذلك ضد الدستور والقوانين والشرعية بل ضد القضاء فى حد ذاته (كما أن كبار لواءات الشرطة ضد أمن البلاد وهكذا) أيضًا كل ذلك ضد الشريعة, لأن الدستور يؤكد أن "قيم ومبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع", والقضاة هم أول من يفهموا هذه البدهيات. - كل هؤلاء صراحة يحاربون قيم ومبادئ "أولو الأمر منكم" فكيف تنجح الثورة كذلك؟؟؟ -الحل الوحيد هو الاستمرار على احترام القضاء وأحكامه إقرارا بسيادة الدولة بشرط تطهير هذا القضاء "فورا" من هؤلاء القضاة, فى تونس تم فورا طرد أكثر من سبعين قاضيا!!! مطلوب حل المحكمة الدستورية فورا وإعادة تشكيلها بالانتخاب, إذا لزم الأمر, فهناك رأى محترم بعدم جدواها (راجع مقال حاتم عزام بالشروق 15يوليو بعنوان – حقائق خطيرة عن المحكمة الدستورية-) وإذا لم يحدث ذلك فسيستمر تقدم الثورة المضادة إلى أن يسيطر العسكر على الجمعية التأسيسية لصياغة دستور على هواهم يضع العسكر فوق الدولة دون شرعية ولا شريعة حتى يتم إنتاج حاكم مستبد جديد، وكأن الثورة مسرحية هزلية وانتهت على تفرق دم الشهداء بين القبائل(عناصر النظام البائد). د.حسن الحيوان رئيس جمعية المقطم للثقافة والحوار [email protected]