أكد الدكتور أحمد علي سليمان، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن الكتب الدراسية في الغرب، خصوصًا كتب التاريخ، تشتمل على مغالطات عن الإسلام تم بعضها عن سوء فهم، والبعض الآخر حدث عن سوء قصد، ومما يؤسف له أنها أسهمت في نثر الخوف من الإسلام والمسلمين وزرعه في نفوس النشء والشباب بل المجتمع الغربي. وأضاف:" ان هذه الكتب أدت ايضا إلى انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، مطالبًا الغرب بضرورة تصحيح هذه المعلومات وبصورة عاجلة، بالتعاون مع الأزهر الشريف وغيره من المؤسسات المعنية. وأكد سليمان، خلال المحاضرة التي ألقاها بالمعهد السويدي بالإسكندرية بعنوان (التربية الإعلامية ودورها في بناء الحصانة الفكرية للشباب)، على هامش الندوة التي عقدها المعهد السويدي بالتعاون مع رابطة الجامعات الإسلامية تحت عنوان: (التعليم الإسلامي ودوره في تحصين الشباب من التطرف)، أن جولات فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر، الخارجية أسمهت في إذابة الجليد بين الإسلام والغرب، ورسمت معالم السلام العالمي، وعلى الغرب أن يخطوا خطوات مماثلة مع المسلمين، محذرا من الغرب يحكم على الإسلام من السلوك السلبي لبعض المسلمين الأمر الذي أسهم في عمليات التباعد بين الحضارتين. وطالب المسلمين الذي يعيشون في بلاد الشرق والغرب أن يؤدوا أداء حضاريًّا متميزًا في أعمالهم، ويسهموا في نهضة البلاد التي يعيشون فيها ويأكلون من خيراتها، بحيث يجعلوا الأنظار تصوب إليهم من سلوكهك الحضاري كما توجهت من قبل في قديم الزمان إلى أسلافهم التجار الذين نشروا الإسلام في أصقاع كثيرة بحسن أخلاقهم؛ منبها أن ذلك كفيل برسم الصورة الحقيقية عن الإسلام وعن نبي الإسلام الذي جاء لإصلاح الإنسان والكون والحياة، مؤكدا أن الإرهاب ظاهرة عالمية، ليس له جنس ولا دين ولا وطن، ولا يرتبط بزمان أو مكان، وإنما هو قديم قدم الإنسان ذاته، فمنذ أن اعتدى قابيل على أخيه هابيل بدأت بذور الشر في أرض الحياة، وأكد الدكتور/ أحمد علي سليمان أن استعراض حقائق التاريخ البشري في سياقها العلمي العادل يؤكد أن المسلمين عبر عصور طويلة وإلى هذه اللحظة كانوا وما يزالون هم أول ضحايا الإرهاب. وأشار إلى أنه قد عُقدت مئات الندوات والمؤتمرات حول العالم، وكُتبت آلاف الكتب والأبحاث والمقالات حول هذه الظاهرة الخطيرة، ولم تسفر هذه الجهود عن محاصرة ظاهرة الإرهاب أو إسكات أصواتها، بل كانت المعالجات الأمنية السريعة هي الحلول المتبعة والمسيطِرة، على تعاطي المؤسسات المعنية مع هذه الظاهرة محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، ومن ثم يجب أن تتعاضد الجهود من أجل القضاء على الإرهاب من خلال حلول ثقافية وتربوية -تتوازى جنبا إلى جنب مع الحلول الأمنية- وإيجاد تعليم حديث في بلادنا ينمي مهارات التفكير العليا ويُكوّن الحصانة الفكرية والمناعة السلوكية للمتعلم بحيث لا تنطلي عليه حجج وأفاعيل المتطرفين.. ولفت إلى كيفية تحصين شتى فئات المجتمع التعليمي ووقايتها من خلال تجويد منظومة التعليم ورفع وعي المؤسسات التعليمية بمخاطر التطرف والغلو والإرهاب؛ من أجل حماية الأجيال داخل هذه المؤسسات، لافتا إلى أن هناك اتجاها يذهب إلى استقطاب الشرائح العمرية الصغيرة واستغلال الظروف الاجتماعية والاقتصادية وعمل غسيل للمخ عن طريق تلقيها مجموعة قيم من هؤلاء المتشددين وكأنها من صميم الدين..!!. وشدد على أن التربية الإعلامية في المجتمعات العربية والإسلامية تكتسب أهمية كبرى، بعدما هيمنت وسائل الإعلام على الساحة الدولية، وأصبحت تشكل خطورة على الجمهور المتلقي، في عصر ثورة المعلومات والمعرفة التي يعيشها العالم بفضل التقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصال لاسيما الإعلام الفضائي والإعلام الجديد، حيث تزج هذه الوسائل بكل ما هو غث أو سمين أمام النشء والشباب، في ظل الفوضى السائدة في المجال الإعلامي الخارجي، بعد أن فقدت الدول السيطرة الكاملة على البث المباشر، وفقدت قدرتها على التصدي للبث الإعلامي الخارجي والاكتساح الثقافي الأجنبي، ولم يعد بإمكانها التشويش على وسائل الإعلام التقليدي والجديد غير المرغوب كما كانت تفعل بعض الحكومات في الماضي، ومن هذه المخاطر مشاهد العنف وترويج الشائعات والأفكار العنصرية، وتيسير الجرائم وتجارة الدعارة، وتسهيل الوصول إلى ممتهنيها، ونشر الأنشطة المحرمة التي تحملها الأفكار المنحرفة، والتشكيك في الثوابت الدينية والحضارية، وزعزعة الأمن الفكري والعقدي لدى الشباب المسلم، ونشر قيم أصحاب الأعمال العدوانية بفعل غريزة التقليد والمحاكاة. ونوه إلى أن أبرز القضايا المعاصرة التي تعنى بها التربية الإعلامية، هي تثقيف النشء والشباب بسبل فهم الأمور وتقديرها، وسبل التعايش مع الآخرين، واستيعاب مقتضيات العصر الحديث، وآليات التفاعل مع العولمة Globalization ، لافتا إلى أنها تُعنى بمساعدة الطلاب على فهم قيم الانتماء الصحيح وتعزيزها، واحترام الآخر، والحرية العادلة، ومواجهة الشائعات والتضليل، ومحاربة الفكر المتطرف والمنحرفين والانحرافات الفكرية والشذوذ السلوكي. وتابع: "وتستهدف التربية الإعلامية بشكل عام فئات ثلاث: الأولى: تربية الإعلاميين والعاملين في الحقل الإعلامي تربية علمية أخلاقية وسلوكية، ليكونوا قدوة في نشر القيم النبيلة وإحياء دور العقل وتكوين التفكير الناقد والتفكير التأملي لدى المتلقي والابتعاد عن بث الخرافات وغيرها، والثانية: تربية الوالدين تربية إعلامية بما يساعدهم على تنمية أولادهم في شتى الجوانب: العقلية والمعرفية والوجدانية والنفسية والسلوكية والعملية، والثالثة: تربية النشء والشباب المسلم تربية إعلامية تساعدهم على عمليات الفرز والغربلة والانتقاء والاستخدام الأمثل لوسائل الإعلام الجديد، وتمكنهم من حماية هُويتهم، وتحصنهم من الأفكار الضالة، وتشجيع الأبناء على إنتاج المضامين الإعلامية ونشرها وبثها، للتعبير عن وطنيتهم وثقافتهم وحضارتهم، واهتماماتهم...إلخ. ومن ثم تحصينهم ضد عمليات الاستقطاب من أصحاب الفكر الظلامي الذي يريد أن يعود بنا وبالعالم إلى الوراء حيث عصور الظلام". واقترح عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ضرورة ربط المسلم بهويته الدينية والثقافية والحضارية من خلال برامج عملية تطبيقية (إعلامية وثقافية وتربوية)، مع التركيز على التعليم الحديث الذي يُكَوِّن التفكير الناقد لدي الطلاب بما يمكنكهم من عمليات الفرز والغربلة، والتمكين لمنظومة القيم في المجتمع الإسلامي، والتي تتمثل في إعلاء قيمة العقل في المجتمع، وإعداد استراتيجية تربوية إعلامية تستهدف الحفاظ على معطياتنا الحضارية وتوجهاتنا التربوية، وتؤكد على عمليات التواصل الإنساني مع شتى دول العالم، وترسيخ قيم التشاركية لدى الشباب المسلم، وتفعيل التربية الإعلامية في المؤسسات التربوية، وذلك يستدعي المصالحة والمصارحة بين الإعلاميين والتربويين، وأن يعملوا في إطار مشترك؛ لمجابهة التحديات التي أشرانا إليها، وتضمين مناهج التربية الإعلامية رسائل هادفة ومن بينها قيم التقدم وغيرها من قيم العمل والإتقان في الفكر الإسلامي، وتضمين مناهج التربية الإعلامية نماذج من القدوة الحسنة، وتأثيرها في تنشئة مَن يعملون في التربية والإعلام والثقافة على السلوك القويم والثقافة الجادة والعمل المفيد. وضرورة تأهيل الكوادر الإعلامية -في جميع الميادين- تربويًّا، وتأهيل الكوادر التربوية إعلاميًّا، من خلال التدريب المستمر؛ للوصول إلى ممارسات إعلامية وتربوية سليمة، والتخطيط للتربية الإعلامية، وتأسيس أقسام لها بكليات التربية في مجتمعاتنا، وتصميم برامج التربية الإعلامية لتسهم في علاج المشكلات النفسية والسلوكية والثقافية والاجتماعية التي يعاني منها الطلاب كمشكلة الأمية الحضارية والتكنولوجية والسياسية، ووضع تصور علمي للمعلومات والمعارف التي ينبغي أن يُلمَّ بها الإنسان العربي المعاصر، وتطوير التعليم في بلادنا وتحويله من تعليم يعتمد على الحفظ والتعلقين إلى تعليم حديث يعتمد على تكوين وترسيخ التفكير الناقد لدى الشباب، بما يبني الحصانة الفكرية لديهم ويجعل كل واحد منهم عصيا على عمليات الاستقطاب من المتطرفين، وبما ينمي قدرات الشباب ومهاراتهم التواصلية والتقنية لنشر دعوة الحق في كل مكان.