رجل الإخوان الغامض يدعو الإخوان في آخر رسائله لنصرة القدس قيادى إخواني يؤكد وفاته منذ خروجه من مصر.. ومحللون: التسجيل الصوتي هو الفاصل في آخر رسائله قبل أسابيع دعا الدكتور محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" إلى ضرورة وحدة الأمة؛ من أجل تحرير القدس، ما أثار تساؤلات حول مصير "الرجل القوي" داخل الجماعة. وفيما يرى مراقبون، أن عزت يتحرك بشكل سرى، ويسعى منذ عقب خروجه من مصر بعد الإطاحة بحكم "الإخوان"، لملمة الداخل الإخوانى، والعودة من جديد، يقول أعضاء من داخل الجماعة نفسها، إن القائم بأعمال المرشد تُوفى منذ فترة، وإن هناك من يكتب هذه الرسائل، وهم من يتحكمون في إدارة الجماعة من الداخل. «عزت».. الرجل الغامض فى الجماعة عقب إلقاء القبض على الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان فى أغسطس 2013، أعلنت الجماعة رسميًا عن تنصيب الدكتور محمود عزت، مرشدًا عامًا مؤقتًا للجماعة. وتم تصعيد "عزت" طبقًا للمواد 4 و5 من لائحة الجماعة، حيث تؤول أمور المرشد إلى النائب الأول، وهو خيرت الشاطر، والذى تم حبسه على ذمة بعض القضايا، فإن لم يتواجد فللنائب الثانى، فإن لم يتواجد فللأكبر سنًا من قيادات الجماعة، وهذا إجراء يتم اتخاذه لحين اجتماع مجلس الشورى الجماعة. ويعد "عزت"، واحدًا من الشخصيات الغامضة داخل الجماعة الإخوانية، ويُوصف المرشد المؤقت فى الوسائل الإعلامية تارة بأنه "الناب الأزرق"، و"ثعلب الإخوان"، و"صقر الإخوان"، و"المرشد الحقيقى". «عزت» عضوًا بمكتب الإرشاد منذ 1981 ومحمود عزت من مواليد 13 من أغسطس عام 1944، وهو أب لخمسة أولاد، وبحسب المواقع الإخوانية فإن عزت حاصل على الثانوية العامة عام 1960، وبكالوريوس الطب عام 1970، وحائز على الدكتوراه فى الطب من جامعة الزقازيق عام 1985، كما أنه يحمل دبلوم معهد الدراسات الإسلامية عام 1998، وإجازة قراءة حفص من معهد القراءات عام 1999. انتظم "عزت" فى صفوف "الإخوان المسلمين" عام 1962، وقت أن كان طالبًا بكلية الطب بالزقازيق، وتم اعتقاله 1965، وحُكِم عليه بعشر سنوات، إلى أن خرج من السجن عام 1974، ثم أكمل دراسته بالطب، وظلَّت صلتُه بالعمل الدعوى فى مصر، خصوصًا الطلابى التربوى، حتى ذهب للعمل فى جامعة صنعاء فى قسم المختبرات سنة 1981، وبعدها سافر إلى إنجلترا لعدة سنوات، وتم اختياره عضوًا بمكتب الإرشاد عام 1981. واُعتقل "عزت" عدة مرات، لعل أشهرها كان فى مايو 1993 حينها حبس على ذمة التحقيق مدة ستة أشهر فى قضية الإخوان المعروفة إعلاميًا بقضية "سلسبيل"، والتى تورّط فيها المهندس خيرت الشاطر وحسن مالك القياديين بالجماعة، وبعدها بعامين فى 1995 عُوقب بالسجن خمس سنوات، وخرج عام 2000 بقضية تتعلق بتنظيم الجماعة، والتى كانت محظورة حتى سقوط نظام مبارك عام 2011. نصرة القدس آخر رسائله وفى آخر رسالة له، أكد الدكتور محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، ضرورة وحدة الأمة والشعب الفلسطينى؛ من أجل العمل على تحرير القدس، مشيرًا إلى أن العمل الشعبى لإنقاذ القدس وتحرير الأقصى حافز على بذل التضحيات فى انتفاضة متوقعة على الاستبداد والإفساد. وقال د. عزت، فى رسالته: "كما مضت سنة التدافع فى أهل فلسطين؛ فهى ماضية فى شعوب الربيع العربى؛ فرغم الأذى الشديد الذى أصاب جماهير هذه البلدان فى سوريا ومصر وليبيا واليمن فإن ثبات المثابرين من الثوار فى هذه الأقطار أحدث تغييرًا فى موازين القوة، وبعث الأمل فى النفوس، وحافظ على القضية حية في القلوب؛ سواء قضية تحرير الشعوب، أو قضية تحرير المقدسات، واستقر فى الأعماق أن إنقاذ الأقصى وتحرير القدس هو مطلب وطنى، كما هو واجب عربى وفريضة إسلامية". ودعت الرسالة، أهل فلسطين فى الداخل والضفة وغزة، إلى الاقتداء بأهل القدس فى وحدتهم ورباطهم ونضالهم، واستكمال مسيرة المصالحة، وأن يتناسوا أحزان الفرقة، ويحتضنوا مقاومتهم التى هى سر عزتهم وقوتهم، وأن يصبروا على ظلم ذوى القربى كما يصبروا على عدوان الصهاينة، حتى ينالوا شرف الانتساب إلى الفئة الظاهرة التى بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيت المقدس وأكناف بيت المقدس. وطالبت الرسالة، الإخوان فى كل مكان بالعمل على جمع قلوب الأمة حول مقدساتها، ورفع راية الجهاد فى سبيل الله لتحرير أراضى المسلمين من كل سلطان أجنبى، وفضح مخططات أعداء الأمة وأذنابهم ممن يفرطون فى الأرض والعرض؛ من أجل مصالحهم الضيقة وأغراضهم الدنيئة، مؤكدة أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن وعد الله حق، وأن نصره للمؤمنين عقيدة، وإهلاكه للظالمين يقين. «عزت» وظهور مثير للجدل يصاحب كل ظهور للقيادى الإخوانى محمود عزت، إثارة للجدل بين صفوف الإخوان أنفسهم، والمتابعين بصفة عامة، ففى الأول من يونيو الماضى 2015، ظهر محمود عزت على الساحة؛ ليؤكد أن جماعته لن تتفاوض مع الدولة فى الوقت الحالى، وطالب أتباعه بالتصعيد. وفى رسالة أخرى خلال القمة العربية أرسل محمود عزت، رسالة قال فيها: "إلى أصحاب الفخامة والسمو ورؤساء وملوك القمة العربية، إن هذه الدورة هى دورة النهوض الداخلى"، مشددًا على ضرورة تجنب النزاعات أو الخلافات. وإبان ثورة 25 يناير كان "عزت" من أشد المطالبين بترشيح الإخوان، أحد قياداتها لمنصب رئيس الجمهورية، رغم إعلانها نيتها عدم المنافسة على هذا المنصب، كما أنه كان وراء قرارها بفصل أى عضو ينتمى إليها، وينضم لحزب غير الحرية والعدالة، أو لا يؤيد مرشحها فى الانتخابات الرئاسية. فى الفترة ما بين عزل "مرسى"، وفض اعتصام "رابعة العدوية"، اختفى "عزت" ولم يستخدم أى وسيلة اتصال أرضية أو مرتبطة بالقمر الصناعى حتى لا يتم القبض عليه، ثم نجح "عزت" فى الهروب خارج البلاد. بعد اختفاء يقترب من العامين، ظهر من جديد، عقب حدوث أزمات قوية داخل جماعة الإخوان، من خلال مقالة تحتوى على رسالة لأعضاء الجماعة تداولتها وسائل الإعلام، وتتناول تمسكه بمنصبه، نائبًا للمرشد، وعدم الاعتراف بانتخابات جرت داخل الجماعة، وتم استبعاده. وفى 12 أكتوبر 2015 أصدرت محكمة جنايات المنيا، حكمها على محمود عزت، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، و16 آخرين، فى قضية تشكيل "خلية إرهابية" بقرية الشراينة بمركز سمالوط بالمحافظة، بتهمة التضامن مع القيادى الإخوانى محمد خيرى حسين، حيث توليا قيادة جماعة إرهابية ومداها بالأسلحة والذخائر لغرض إرهابى، وأدارا على خلاف القانون جماعة الإخوان، لغرض استخدام العنف ومخالفة كل ما جاء بالباب الثانى من قانون العقوبات. وأسندت النيابة، إلى المتهمين المحالين تهمًا تتعلق ب"ارتكاب أعمال العنف والتحريض على قلب نظام الحكم، وإثارة الإضرابات، واستهداف الاقتصاد القومى، والعمل على زيادة الإضرابات والفوضى بمحيط قناة السويس". قيادى ب«الإخوان» يؤكد وفاة «عزت» فى تأكيد لوفاة الدكتور محمود عزت، قال أشرف عبد الغفار، القيادى بالجماعة والمتواجد فى تركيا، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" فى رسالة لمحمود حسين أمين عام تنظيم الإخوان: "صدق حسن البنا حين قال كم منا وليس فينا وكم فينا وليس منا، لست أنت من تحدد من الإخوان ومن غير الإخوان، وتدعى أن مؤسسات الجماعة قائمة والمكاتب الإدارية قائمة ومجلس الشورى هو صاحب القرار ف"الكذب حرام". وأضاف "عبد الغفار"، فى رسالته لمحمود حسين أمين عام الإخوان: "محمود عزت هو القائم بأعمال المرشد ولا نعلم أين هو؟ أفى عافية أم كرب لا قدر الله أفى مصر أم خارجها أحى أم ميت؟ وتتكلمون باسمه ليل نهار، وأحيانًا تنسونه وأحيانًا تتذكرونه". وأشار إلى أن قيادات الجماعة تتعامل باستعلاء وكبرياء، مطالبًا إياهم بالابتعاد تمامًا عن قيادة الجماعة، مضيفًا: "قياداتنا يرفضون النصيحة حتى أثناء الحكم، وكانوا يرفضون نصيحة الآخرين سواء كانوا فى الحكم من قبلهم أو مارسوا السياسة أكثر منهم"، مؤكدًا تصاعد الأزمات والكوارث داخل جماعة الإخوان. فى موضع آخر تأكيدًا لوفاة محمود عزت، قال أشرف عبد الغفار، "للأسف هناك ثنائية ربط فكر الإخوان ومنهج الإخوان بأشخاص أمثال محمود حسين وإبراهيم منير وحوارييهم وكذلك محمود عزت رحمه الله". «عزت» الرجل المختفى وصف الدكتور محمد حبيب، النائب الأول لمرشد الإخوان السابق، محمود عزت القائم، بأعمال المرشد والمختفى منذ فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة ب"الرجل المنكفئ الذى لا يحب الظهور". وقال "حبيب"، "محمود عزت موجود خارج مصر، ومن الممكن أن يكون يتنقل ما بين ألمانيا وبريطانيا وتركيا وفرنسا"، مبررًا عدم ظهوره فى قنوات الإخوان بأنه - أى عزت - لا يحب الظهور. وأضاف "حبيب"، "محمود عزت لا يحب الظهور وكان دائمًا منكفئًا على التنظيم، ويتحرك بين مؤسسات المختلفة للجماعة بطريقة سرية، ربما لا يعرفها حتى قيادات الإخوان"، موضحًا أهمية "عزت" داخل الجماعة الآن فى الوقت الحالى، قائلًا: "عزت هو القائم بأعمال مرشد الإخوان، وهو نائب المرشد الوحيد المتواجد، وبالتالى موكل إليه بحكم اللائحة الداخلية للإخوان ما يمس كل قرارات الجماعة". «عزت» يمتلك الكلمة الأولى داخل الجماعة من جهته أكد ثروت الخرباوى، القيادى الإخوانى المنشق، أن محمود عزت هو صاحب الكلمة الأولى فى الجماعة مع "الشاطر"، وهو إن قال شيئًا لابد من تنفيذه. وشدد "الخرباوى"، على الدور الخطير الذى يلعبه "عزت" داخل التنظيم، بأنه أكثر الشخصيات تأثيرًا فى الجماعة، وكان له دور كبير فى الإطاحة بالدكتور محمد حبيب، النائب السابق للمرشد، والمحامى مختار نوح من الجماعة. «عيد»: «عزت» ليس موجودًا فى مصر من جانبه قال سامح عيد، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، إنه لا يمكن الجزم بوفاة الدكتور محمود عزت، القيادى البارز بجماعة الإخوان المسلمين من عدمه الآن، ولكن إذا لم يظهر "عزت" فى شريط صوتى منسوب إليه فعلى الأغلب أنه قد مات. وأضاف "عيد" ل"المصريون"، أن محمود عزت شخصية مؤثرة داخل جماعة الإخوان المسلمين، ولذلك فوجوده أو اختفاؤه يثير الجدل داخل الجماعة ولا يمكن القول أيضًا بأنه داخل مصر، ويبعث برسائل لإخوان الخارج؛ لأنه لو داخل الأراضى المصرية سوف يتم القبض عليه؛ فهو فى الأغلب خارج الأراضى المصرية إذا كان مازال على قيد الحياة.