متى يشعر المستلهلك المصرى أن له حقوقاً يستطيع الحصول عليها ؟ وهل ضياع هذه الحقوق حتى الآن سببه غياب القوانين أو عدم وجود العقوبات الرادعة فى القوانين الحالية ؟ وهل يمكن أن يحقق قانون حماية المستهلك الجديد الذى أقره مجلس النواب بصورة نهائية هذا الحلم للمواطن المصرى ؟ ومتى يشعر هذا المواطن أن شكواه تسمع من جانب الجهات الرقابية والرسمية المعنية بهذا الأمر ؟ أم أن الأمر سوف يظل على ما هو عليه حالياً ولن تطرأ عليه أى تغييرات بعد صدور هذا القانون بسبب انعدام الدور الرقابى للأجهزة الحكومية ؟. هذه بعض التساؤلات التى أجابت عليها دراسة مهمة صدرت مؤخراً بعنوان " قانون «حماية المستهلك» الجديد.. هل يستفيد منه المواطن ؟ " والتى أعدتها الباحثة أسماء الخولي ،والتى رصدت أهم أوجه القصور بالقانون الحالى وأهم مميزات القانون الجديد ؟ . الدراسة كشفت أن قانون حماية المستهلك الجديد ما زال في حاجة إلى تضمين مزيد من المواد العقابية كالحبس لبعض جرائم الغش التجاري كالتلاعب في تاريخ صلاحية السلع أو الاتجار في سلع غذائية مجهولة المصدر من المصانع التي تعمل دون أي تراخيص حكومية، ومن ثم تتسبب في كثير من المشكلات الصحية للمواطنين، كذلك هناك ضرورة لتضمين القانون بنود تضمن للدولة توفير سعراً عادلاً للسلع من خلال أداوتها لضبط الأسواق أو من خلال إقرار قانون هامش الربح حتى لا يُغالي التجار في أسعار منتجاتهم ومن ثم يتحمل المستهلك دفع ما يقرب من ضعف ثمن المنتج. وتحت عنوان " أوجه القصور بالقانون الحالي " كشفت الدراسة أن السلعة الواحدة لها أكثر من سعر، ومن ثم يكون هناك تباين كبير في أسعار السلعة الواحدة حيث يختلف السعر من القطاع العام إلى القطاع الخاص إلى قطاع الأعمال العام، وكذلك يختلف من منطقة لأخرى ومن سوق لآخر، برغم أن فروق الجودة تكاد تكون مُنعدمة في الكثير من الحالات، وكذلك هناك قصور في إيجاد عدد مناسب من مراكز الخدمة والصيانة للكثير من السلع المعمرة، المنتجة في الداخل أو في الخارج، ما يخلق الكثير من المشكلات بالنسبة لمستعمل تلك السلع في حالة تعطلها أو عند الحاجة لاستبدال قطعة غيار تالف، وهو أمر ينتهي عادةً بشروع المستهلك في شراء مُنتج جديد حيث أنه قد يتكلف الكثير في إصلاح القطعة التالفة وفي النهاية لن تعود كما كانت بالسابق. ومن المشكلات أيضاً التي تفاقمت لعدم التطبيق الصحيح للقانون الحالي، وجود بعض الشركات التي لا تلتزم بتعاقداتها مع المستهلكين، حيث يتعاقد المستهلك على شراء مُنتج مُعين نظير نسبة من ثمن السلعة وينتظر مُدة قد تكون شهر أو أكثر لاستلام المُنتج، وفي النهاية يتعمد البائع المماطلة في مدة التسليم، أو قد يُلغي التعاقد بالكامل، كذلك هناك الكثير من السلع التي لا تكتب عليها المعلومات الأساسية كالسعر، الوزن، تاريخ الإنتاج، تاريخ انتهاء الصلاحية، وكذلك مكونات السلعة والجودة، الأمر الذي يُضلل المستهلك عند اتخاذه قرار شراء سلعة معينة. كذلك فشل القانون الحالي في حل كثير من القضايا المُتعلقة بصيانة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، التي تتعرض للتلف خلال السنة الأولى من الشراء، بسبب رفض البائع الاعتراف بعيب صناعة المُنتج ومن ثم يُلزم المُستهلك بدفع ثمن الصيانة لسبب سوء الاستخدام، ومن ثم أصبح المواطن في حاجة لقانون جديد رادع في تطبيقه وتنفيذه بشكل متكامل من خلال السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. ويمكن أن يكون أهم مميزات القانون الجديد، تضمنه إخضاع السيارات لمفهوم السلع الاستراتيجية، بما يعني خضوع عملية بيعها لجهاز حماية المستهلك، حيث يتضمن القانون الجديد عدة لوائح تحكم عملية بيع السيارات. وحسب القانون، تلتزم كافة شركات السيارات من وكلاء وموزعين وتجار بإعلان أسعار السلع والخدمات التي يقدمها من بيع سيارات وخدمات ما بعد البيع بشكل واضح للمستهلك على أن يتضمن السعر الضرائب وأي رسوم مالية أخرى، ومن ثم في حالة ضم السيارات للسلع الاستراتيجية، فسيكون لجهاز حماية المستهلك سلطة ضبط أسعار السيارات، ولكن حتى الآن لم تُحدد تلك الآلية التي يمكن أن يقوم الجهاز من خلالها بالتحكم في عمليات البيع والشراء الخاصة بالسيارات. كذلك يتضمن القانون الجديد عقوبات رادعة كالحبس مدة لا تقل عن عام لكل من قام بتخزين سلعة استراتيجية يكون صادر بها قرار مسبق من رئيس مجلس الوزراء، والسجن وغرامة مالية لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تجاوز المليون جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة محل الجريمة أو أيهما أكبر إذا نتج إصابة شخص بعاهة مستديمة أو مرض مزمن أو مستعصي نتيجة غش في السلعة، وحال حدوث وفاة تكون العقوبة السجن المؤبد، وغرامة مالية لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تتجاوز 2 مليون جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة محل الجريمة أيهما أكبر. ورداً على السؤال الأهم : هل ينجح القانون الجديد في ضبط الأسواق؟ كشفت الدراسة أن القانون الجديد لن يؤتى ثماره إلا بتكامل المنظومات المعنية بتطبيق القانون بداية من المراقبين على الأسواق، مروراً بالسلطة المختصة بالتحقيق في المخالفات “النيابة” ثم السلطة القضائية المعنية بتنفيذ العقوبات الواردة في القانون الجديد، فتكامل تلك الجهات من أجل تطبيق القانون ومتابعة القضايا بصورة مستمرة من شأنه أن يتحكم بصورة أكبر في المعاملات الشرائية والبيعية بين المنتج والمستهلك والوسيط، ما يجبر الجميع على احترام القانون وتنفيذ بنوده. وفى النهاية نؤكد أن قانون حماية المستهلك الجديد هو قانون من شأنه أن يُحقق نوعاً من العدالة الاجتماعية من خلال توفير المعلومات الصحيحة والدقيقة عن السلع المعروضة، وكذلك تحديد أسعارها بشكل عادل، وحتى يستفيد المواطن من مزايا القانون الجديد، فلابد وأن يتوفر المناخ الاقتصادي الجيد والقائم على أسس المنافسة الكاملة من عرض وطلب دونما أن يكون هناك نوع من التحيز لأحد الأطراف، فالأهم من القوانين هو كيفية تنفيذها، وقوة ردعها للخارجين عليها .