لم يقل الرئيس محمد مرسى للمتطاولين أكثر من "لا يغرنكم حلم الحليم" وأنه قادر على ردعهم بالقانون وحده. ومع ذلك قامت قومتهم كأنه يجب أن يستكين للتطاول ولا يستعين بالقانون لدفع حملة الشتائم المستمرة التى تستهدفه منذ توليه منصبه عبر انتخابات شعبية شهدتها مصر لأول مرة فى تاريخها. الرئيس يتعرض لحرب منظمة تشترك فيها جميع الجهات.. الإعلام الحكومى والخاص.. مؤسسات الدولة العميقة من أمن وبيروقراطية تعشش فى كل مكان. والمتسلق الإعلامى توفيق عكاشة الذى يحرض من خلال قناة مجهولة التمويل ما يسميه "الشعب الإسرائيلى" ضد مرسى، ومع ذلك يحاول أن يقنعنا بغضبه لزيارة هيلارى كيلنتون للقاهرة والتدخل الأمريكى فى الشئون الداخلية. كل ذلك يجرى يوميًا وعلى مدار الساعة، ثم يريدونه أن يتلقاه بصمت وأن يوجه إليهم الشكر والامتنان على ما يفعلونه! الرجل أعلن أنه يمكنه ردعهم بالقانون وهو أبسط حقوق المواطن العادى، لم يهددهم بإجراءات استثنائية أو بالمعتقلات كما فعل أسلافه، ومع هذا أطلقوا ضده استديوهات التحليلات وعشرات الصفحات ليؤكدوا أنه يظهر لهم العين الحمراء. رجائى عطية – مثلا – والذى لم نعرفه مرة واحدة فى حياته منتقدًا للنظام القديم بأى شكل من الأشكال، راح يبحث عن مخارج قانونية للفظ "التطاول" ثم يقول فى النهاية إنه لا يوجد فى القانون عقوبة عليه. آخرون نحوا منحى عطية فى تفسيره الغاضب من الرئيس، مع أن "التطاول" هو سب وقذف يعاقب عليهما القانون، ولا يمكن تفسيره بأنه انتقاد لرئيس الجمهورية. النقد يجب أن يستند على أسس موضوعية، لا على موجات من الأكاذيب والتدليس مغلفة بالنوايا السيئة لإفشاله والحط من قدره، وهذا تحدثت عنه وسائل الإعلام العالمية ووصفته بأنه خطة ممنهجة لإسقاط مرسى تقودها صحف ومحطات تليفزيونية مثل "الأهرام" التى لا تتوقف عن إهانة الرئيس فى مقالات كتابها، ثم مطاردته بعداد تناقصى للمائة يوم التى وعد بتحقيق إنجازات خلالها على مستوى الأمن والنظافة والاقتصاد. لنكن موضوعيين.. الرئيس وحده لا يستطيع ردع الهجوم المنظم الذى يتعرض له بدون الإسراع فى نقلة نوعية للحكم يبدأ بتشكيل حكومة قوية وأن يتولى حقائب الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والإعلام وزراء مستقلون تمامًا عن المؤسسة العسكرية والبيروقراطية الحالية، ولاؤهم للوطن أولاً وأخيرًا، يتمتعون بشجاعة التغيير والتطوير والصدمات الفاعلة والمؤثرة. وقد تمنيت وما زلت أن يرأس تلك الحكومة شخصية سياسية وليست اقتصادية من التكنوقراط، فالسياسى يتصف بالقوة فى التطبيق والقرارات ويستطيع أن يلعب بمهارة وذكاء فى ملعب موبوء بالموالين للنظام القديم وللحكم العسكرى. [email protected]