كفى بالمرء خسة أن يكون كذابا,فالكذاب لا مروءة له ولا كرامة, يقول الباحثون ان التحذير من العاقبة الوخيمة للكذب ورد فى القرأن 280 مرة على حين ورد الصدق وتكريمه 153 اسما وفعلا(الصدق/يصدق),ومشهور جدا حديث الرسول الكريم عن استحالة أن يكون المؤمن كذابا,رغم انه من الممكن أن يكون له صفات أخرى ليست جميلة كالبخل والخوف مثلا, أخر أية فى صورة المائدة تقطع أن يوم القيامة لا ينفع فيه إلا الصدق(قَالَ اللَّهُ هَ?ذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ?...) وحين تخالط ثقافتك وفكرك ثقافة وفكر الإسلام ستجد أن مفهوم الصدق فيه ..مفهوم مركزى واساسى وجوهرى, وأن مفهوم الكذب فيه..مفهوم نهائى لا كلام بعده ,أو كما يقول الشباب (خلصت)فليس هناك أعبط من التواصل والتعامل مع إنسان (كذاب). يقولون أن للكذب سبعة ألوان(بعدد ألوان الطيف/قوس قزح!!). 1/ إخفاء الحقيقة والصمت عنها..والمشاركة فى الغطرشة والتعمية عليها وأنت تعلم أنها الحقيقة.. كذب 2/ ترديد كلام غير مؤكد وتوسيع دائرة نشره مع عدم وجود أى دليل على تأكيد حدوثه.. كذب 3/ إظهار نصف الحقيقة..البعض يقول ان نصف الحقيقة اخطر من الكذب, تماما كنصف العلم..الذى هو اخطر من الجهل..كذب 4/ التغطية والتمويه ومساعدة الكذاب فى تسهيل كذبه بل والتستر عليه وإشاعة أكاذيبه على أنها حقيقة ..كذب 5/ المبالغة والتهويل التى تكبر الصغير وتعظم القليل وتؤدى الى خداع الناس وتزييف الواقع من حولهم ..كذب 6/ تحريف المعنى والذهاب بالكلام فى اتجاه بعيد تماما عن قصده بغرض تحريض الناس مثلا وتضليلهم ..كذب 7/ التورية والإيهام والتعريض وهى السلوكيات التى قد تكون أحيانا أقذر من الكذب البواح نفسه..كذب. للأسف الشديد تاريخ البشر حافل بالكذب والكذابين والإفك والأفاكين .عدد غير قليل من الناس يقومون بالكذب لتعظيم أنفسهم أو للتستر على سلوك سيء لا يستطيعون مواجهة المجتمع به..وقد ذاع صيت هؤلاء الكذابين نظرا لما بلغته أكاذيبهم من فظاعة أو ضرر, لكن كذبهم لا يجعل منهم حالات شاذة منحرفة بالقدر الذي نتوقع..إذ إن الأكاذيب التي يستخدمها المحتالون والمخادعون والسياسيون المتبجحون ليست سوى الجزء البارز لجبل الجليد من الأكاذيب التي اتصف بها السلوك البشري عموماً منذ عصور طويلة وقد تبين للباحثين أن الكذب أمر يبرع أغلب البشر في نسج خيوطه.دراسات عديدة أوضحت أن الناس يقولون حوالى كذبه ونصف كل يوم وأن 60% من البالغين لا يستطيعون الاستمرار في الحديث لمدة 10 دقائق دون كذبة واحدة فى الحد الأدنى ..لقد غمسوا أنفسهم فى الوهم الخادع أيها الأصدقاء. يشير كثير من المفكرين إلى أن الرصيد الأخلاقى للمجتمع سيضعف جدا وينهار إذا لم يكن بمقدورنا الوثوق بما يقوله غالبية الأشخاص..وهذا شىء مرعب وبوابة كبرى للسقوط السريع للمجتمعات والأوطان كما لاحظوا أن هناك أدوات متعددة للكذب وأن الكذاب لا يشعر بتأنيب الضميرعلى الإطلاق وهو يكذب تحقيقا لأهدافه وأغراضه ومصالحه الخاصة..والسؤال الكبير هنا يكون حول الدين ومسيرة الحياة اليومية.؟ فهو ما يعزز ويدعم تصورنا وإدراكنا عن أنفسنا..كى نتبع اختياراتنا الصحيحة عندما نعثر عليها .. وإذا كان الكذب الفردى/ الخاص الذى يستهدف المصالح الخاصة وتحقيق الأغراض غير الشريفة جرثومة تتحرك بين الناس..فالكذب العام الذى تتسع دوائر تأثيره من أخطر ما يمكن أن يهدم حياة الناس ويحولها إلى جحيم لا يطاق..ومفهوم طبعا أن الكذب العام هنا مقصود به مجال السياسة ومجال الإعلام والفكر والثقافة..فهذه أخطر مجالات تتحرك حول الناس وعليهم..وللأسف تتحرك بهم أيضا..وعادة هذا النوع من الكذب يكون أنيق ومزركش إذ أن مرتكبيه أصلا ناس شيك ومزركشين ويسكنون فى الأدوار العليا للمجتمع..حتى سمعنا مثلا عن الكذب الذى يسمى(مابعد الحقيقة)حيث تكون صنعة الكذب بالغة الإتقان إلى حد ان الناس لا يعرفون إن كان ما سمعوه خداعا أم حقيقة وكل شىء يمكن التضحية به على مذبح الشعبويه الكذوبة. وأجمل عبارة قيلت حول ذلك : أن السياسيين كذبوا مرارا وتكرارا فماذا عليهم لو تخلوا عن الحقيقة تماما !؟ يقولون أن كل سياسى ما هو إلا(جوبلز) صغير..أىمثل جوزيف جوبلز وزير الإعلام والدعاية في ألمانيا /هتلر وأحد أبرز أفراد حكومتة كان ذا قدرات خطابية لا تنسى.. قدرات مهولة, ويعتبر أحد الأساطير الكبرى في مجال الحرب النفسية و أحد أبرز من برعوا فى استثمار وتوظيف الإعلام في هذه الحرب ومؤسس فن الدعاية السياسية الغامضة فقد استطاع ان يروج للفكرة النازية بقوة هائلة ويؤثر فى دماغ عشرات الملايين من الألمان ورغم العداء الغربي للفكرة النازية إلا أن جوبلز يعتبر مؤسس مدرسة إعلامية لا زالت قائمة وفاعلة فى قلب السلطة السياسية النافذة فى أغلب بلدان العالم فى أوروبا وأمريكا وأيضا عند غلمانهم وخداميهم وصبيانهم فى أنحاء المربوعة الأرضية وعلى امتداد البسيطة كلها..حيث لا يتورعون عن الكذب الفاضح في سبيل الترويج لمواقفهم وقضياهم ومصالحهم ..فالشيء الجوهرى هنا هو المحافظة على البقاء بكل الوسائل وبكل الطرق. ويٌعد ترامب الرئيس الأمريكي الأكثر كذبا والأكثر بجاحة فى تاريخ الحكام فى أمريكا وغيرها من البلدان ويعتمد أقوال تبدو جادة وتبدو صحيحة..لكنها لا أساس لها على الإطلاق..وفى الحقيقة هو لم يكن الأول فى نشر الأكاذيب ولكن كان الأبرز والأوضح ..يقول أحد الصحفيين الأمريكيين(لن تواجه وقاحته أي عقوبة لكنها ستشكل دليلا يثبت تصميمه على ضرورة الوقوف في وجه النخبة الحاكمة وترامب ليس الوحيد في ذلك) تذكروا ما قاله عن تزوير وثيقة ولادة باراك أوباما كى يخفى إسلامه !!وانه أسس تنظيم الدولة الإسلامية!! ويضيف (في الواقع كثيرا ما ساهم سعي السياسيين الديمقراطيين والديكتاتوريين إلى إبعاد أي لوم عنهم في شأن عدم كفاءتهم في التلاعب بالحقيقة..فكان الخاسرون المتألمون يتهمون دوما الطرف الآخر بالكذب..وأصبحت الحقيقة أيها الأصدقاء غير مشوهة ولا مطعون بها وأهميتها ثانوية بل غير مهمة على الإطلاق!! الكذب فى الماضى كان يهدف إلى رسم صورة خاطئة للعالم(الشيطان الأكبر والإرهاب وأسلحة الدمار الشامل ..الخ) لكن طريقة أكاذيب ترامب ومدرسته فى الكذب الفاجر فاقت كل التصورات والخيالات..وجرأت غيره فى بلدان الشرق على انتهاك كل حقيقة ومعنى..صخرة جبلية ضخمة تدحرجت لتصيب الناس بزلزال يهتز له الكيان..وأهلا بكم فى متاهة الأكاذيب..حيث المشاعر فقط هي المهمة لا الوقائع.. والحماسة لا الحقائق,هكذا هى اللغة السائدة والتى يبدو أنها ستسود طويلا انه الانتقال الخبيث من التمجيد النظرى للحرية إلى الغوص فى(العبودية) السياسة المطلقة..وللأسف الشديد ساهم تطورالإعلام فى تغذية الكذب ونشره على نطاق واسع للغاية(هل تذكرون المذيع توفيق عكاشة وأمثاله)حيث انتشار الأكاذيب والشائعات والثرثرات بسرعة هائلة.. ومتنكرة فى ثياب الحقيقة وبسهولة كاملة.. لقد أصبحت السياسة شيئا معقدا ومركبا ومليء بالتلاعبات والمؤامرات .. والأكاذيب _أو ما بعد الحقيقة_زادتها تعقيدا وتركيبا وتلعيبا وتأمرا..حيث يخدع الخبراء المحنكون الآخرين بكل سهولة. نجوم الكذب في عصر فيضان الأخبار والمعلومات يؤكدون كل يوم أن الحقيقة الموضوعية باتت بعيدة المنال فقد غرقت الحقيقة في بحار التضليل المقصود والمصنع بحرفية عالية.