بلغت الدهشة مداها عند آلاف المصريين الذين اطلعوا على مقال الكاتب الصحفي صلاح منتصر ، والذي وجه فيه النصائح التربوية للاعب الدولي والعالمي محمد صلاح ، وهي نصائح كانت مبطنة بنوع من التهديد ، حيث أشار إلى أن لحيته التي طالبه بحلقها ربما تضعه في زاوية الإرهاب والتشبه بالإرهابيين ، كما لم ينس أن ينصحه بأن يهذب شعر رأسه وأن يحلقه بطريقة جيدة ، ولم يوضح الكاتب المعروف التسريحة التي يراها مناسبة بالضبط ، لكنه اكتفى بإبداء القرف والضيق من شعر محمد صلاح المنفوش حسب تعبيره . لا أحد في العالم كله ، شرقه وغربه ، اهتم بلحية اللاعب الموهوب محمد صلاح ، الجميع يتحدثون عن موهبته وعن تألقه وعن إصراره على النجاح وعلى الأندية التي تتربع على قمة هرم كرة القدم العالمية وتبحث جديا عملية انتقاله إليها ، مثل ريال مدريد الإسباني وباريس سان جرمان الفرنسي ، كما أن بعض الصحف العالمية اهتمت بالبعد الإنساني عند محمد صلاح ، واهتمامه بالإنفاق على قريته التي نشأ فيها قرب طنطا وتجهيزها بالملاعب المتطورة وغير ذلك ، وكذلك تبرعه بشراء جهاز غالي الثمن ومنحه هديه لمستشفى خيري في القاهرة ، ويبلغ سعره حوالي اثني عشر مليون جنيه ، دفعهم من حر ماله . صلاح منتصر ، والمشهور بدفاعه عن التطبيع مع "إسرائيل" ، لم يتعرض بشكل صريح ومباشر لمظاهر تدين محمد صلاح ، اكتفى بتهديده بموضوع اللحية ، وأنها يمكن أن تجعله شبيها بالإرهابيين ، ولم يعلق على سجوده للشكر بعد إحرازه للأهداف ، ولكن غيره كان قد فعلها من قبل عندما أعلن بعض المحسوبين على "إعلام السلطة" ضيقهم من ظاهرة سجود اللاعبين المصريين جماعيا عند الفوز أو عند إحراز الأهداف ، واستشاط بعضهم غضبا من لقب "منتخب الساجدين" الذي أطلقه الإعلام على المنتخب المصري بسبب هذا السجود ، صلاح منتصر لم يعلق على سجوده ، واكتفى بالسخرية من اللحية وأنها تشبهه بالإرهابيين ، وهو سلوك غير لائق من الكاتب بطبيعة الحال ، يقترب من "الابتزاز" القيمي ، أو التهديد بالوشاية به أنه يشبه الإرهابيين ، أو التحرش باللاعب لسبب غير مفهوم وغير منطقي ، ولا أدري إن كان صلاح منتصر يستطيع أن يسحب رؤيته للحية تلك على ضيوف مصر من كبار الشخصيات والملوك والأمراء والوزراء والسفراء ، الملتحين ، أم أنه يلزم حدود الأدب عند التعرض لهم ، ولا يجرؤ أو لا يملك الشجاعة أن يفتح هذا الكلام من حيث الأصل ، ولكنه استأسد به على اللاعب الطيب الموهوب محمد صلاح ، كما أنه غريب أن يتوقف عند لحية محمد صلاح دون غيره من اللاعبين ، وهناك في ملاعب مصر نفسها أكثر من لاعب مشهور وغير مشهور ملتحون ، ولكنه لم يقصد إلا محمد صلاح . تعرض محمد صلاح خلال العامين الماضيين لعدد من "التحرشات" من إعلام النظام ، ليس لأنه معارض ، فهو غير مهتم بالسياسة من بابها ، مثله مثل كثير من نجوم الفن والكرة ، هو مهموم بمشواره الرياضي الذي يحسنه ، والفرصة التاريخية التي منحت له ولوطنه أيضا ، باعتبار أن أي توهج إعلامي له في الخارج هو توهج لاسم بلده أيضا ، ولكن بعض "المطبلين" في إعلام السلطة لا يرون محمد صلاح "مطبلا" ، وكأن التطبيل أصبح شعيرة وطنية ، هم يريدون ابتزاز شهرته لكي توظف سياسيا في دعم النظام أو شخص الرئيس تحديدا ، كما أن علاقة الصداقة والود العميقة التي تربطه ببعض اللاعبين الكبار المغضوب عليهم ، مثل محمد أبو تريكة ، تضايق كثيرين هنا من "المطبلاتية" ، ولذلك تعرض محمد صلاح لإشارات غير لائقة أكثر من مرة من الأصوات الزاعقة في إعلام النظام ، وتحرش به بعضهم أكثر من مرة ، غير أن توهجه العالمي وحديث الدنيا كلها عنه منع "التافهين" هنا من التعرض له أو زيادة العيار ، لأنها ستأتي بنتائج عكسية عليهم وعلى النظام نفسه ، ولولا هذا التوهج العالمي للاعب لتعرض لما تعرض له غيره من تشهير وربما "تأديب" . هل مقالة صلاح منتصر مجرد حالة "فضا" وفراغ بال ، دفعته لكي يخوض في هذا الكلام السطحي والذي يثير الشفقة لو كتبه كاتب مبتدئ ، فكيف وهو كاتب يعمل قرابة نصف قرن في عالم الصحافة ، أم أنه "رسالة" من بعض الأطراف أو الأجهزة قصد بعضهم أن يرسلها إلى محمد صلاح ، لا أستطيع أن أؤكد شيئا من ذلك ، ولكن الخلاصة أن الأجواء "المكارثية" الحالية في مصر ، والتي اجتاحت بعض من كنا نظنهم من شيوخ الفكر والصحافة والطب ، مدمرة بالفعل لأي موهبة في أي مجال ، وطاردة للتفوق ، وخانقة لأي جهد شريف يبحث عن رفع اسم بلاده بالطريقة التي يحسنها . [email protected] https://www.facebook.com/gamalsoultan1/ twitter: @GamalSultan1