لا يملك أي عربي، ومسلم، إلا الدعاء فقط لأشقائه في الغوطة الشرقية بالوطن السوري المنكوب، بأن تتوقف المجزرة الوحشية، التي يتعرضون لها منذ 18 فبراير الماضي، على أيدي نظام الأسد، وحليفه الروسي، ومعهم إسناد من الحلفاء الآخرين، دولاً، وميليشيات مسلحة، ومرتزقة. العرب والمسلمون، شعوب لا حول لها ولا قوة، مع هذه الذئاب الوحشية منعدمة الضمير والأخلاق، التي تفترس المدنيين ، 650 شهيداً، بينهم أكثر من مائة طفل حتى الآن. أن يكون العرب نظماً حاكمةً غير فعالين في سوريا، وبلا دور في إيقاف الحرب، أو التأثير على أطراف الصراع - وخاصة النظام، وداعميه الذين يستخدمون القوة بطريقة همجية - فإنهم يتحولون إلى شركاء في الجريمة، شركاء بالضعف عن التحرك، وشركاء بالجلوس ينتظرون الحل من الأجنبي، وشركاء بالتخاذل المشين، وشركاء بالصمت المهين، وشركاء بالتواطؤ اللعين، وهنا يتشكك العقل في كون هل عرب الحاضر لا يزال لديهم بقايا من نخوة المعتصم، وكل معتصم، في صفحات تاريخهم المجيدة؟!. سوريا مستباحة أرضاً وسماءً وشعباً، ولأول مرة يحتشد فيها كل هذا العدد من القواعد العسكرية لأمريكا وروسيا وإيران، كانت خالية من الوجود العسكري الأجنبي، الأسد جعل سوريا مزرعة للقواعد الأجنبية، لقد رحب باستقدام القوات والمسلحين وإقامة القواعد طالما أن الدول التي تفعل ذلك تحميه وتبقيه رئيساً، ألم يقل إن سوريا لمن يدافع عنها، أي الدفاع عن وجوده، فالقادمون من الشرق والغرب يدمرون وطناً عربياً، كما يحدث تغيير ديموجرافي، ويحل محل السوريين المهجرين والمشردين هؤلاء القادمين الغرباء الذين يتم جلبهم لحمل السلاح وتوطينهم لتغيير التركيبة السكانية طائفياً ومذهبياً، وأمريكا التي يُفترض أن الأسد في حالة عداء معها أقامت القواعد أيضاً، لديها 20 قاعدة حسب الروس، أو 8 حسب تقديرات أخرى في شمال شرق البلد المنتهك. بسبب حاكم يعيش خارج التاريخ جلب على شعبه وبلده الويلات، واستقدم الأجانب والقوات والقواعد، وصارت سوريا مرتعاً عالمياً للجيوش والعناصر المسلحة والتنظيمات الإرهابية، وحتى تعود إلى ماكانت عليه قبل انتفاضة الشعب طلباً للحرية والكرامة والعدالة فإن ذلك يحتاج إلى عشرات السنين، الاستجابة لمطالب الإصلاح لم تكن تكلف شيئاً، بينما إعادة الإعمار، إذا توقفت الحرب، فإنها ستكون بحاجة لمئات المليارات، هذا واحد من عينة مماثلة من الحكام التي اُبتليت بهم الشعوب، لهذا ستظل الأوطان تحيا في أزمات وفقر وفساد وتخلف ودمار واستبداد. سوريا فشل ذريع للعرب، والفشل شامل، في اليمن وليبيا، والعراق، ولبنان، والصومال، وفي كل بلد يواجه أزمات وصراعات داخلية، أو مع الجيران، والعرب يتوسلون الحل دوماً من الأجنبي، وكل شيء له ثمن ومقابل، وأكثر منطقة يتواجد الأجنبي فيها هي بلاد العرب، لم تنجح أمة العرب في حل أزمة واحدة تخصها، ولا توجد بقعة أخرى في العالم تتواجد فيها جيوش أجنبية استعمارية كما هي بلاد العرب شبه المحتلة. الفشل في سوريا للمجتمع الدولي أيضاً، مجتمع وهمي لا يهتم كل عضو فيه إلا بمصالحه فقط، لا الأممالمتحدة، ولا مجلس الأمن، ولا العواصم الكبرى ذات النفوذ، ترغب في الحل في سوريا، أو تسعى إليه رغم كل الدماء المنهمرة، هناك تخاذل مشين، أو كأن هناك اتفاقاً جماعياً غير مكتوب بينهم جميعاً على استمرار الاقتتال رغم ما بينهم من تناقضات سياسية واستراتيجية وتقاطعات مصالح ونفوذ. حتى القرار النادر والوحيد الذي تمت الموافقة عليه في مجلس الأمن بالإجماع، وأفلت من الفيتو الروسي الدائم الذي يغطي جرائم النظام، كان وقفاً إنسانياً للنار، ولمجرد إدخال مساعدات للسكان، ومدته 30 يوماً فقط، ومع ذلك لم تحترم روسيا القرار الذي صوتت لصالحه بعد أن راجعته كلمة كلمة، وجعلت صيغته النهائية كما أرادت، وبالتبعية لم يحترم الأسد القرار، والقصف والقتل يتواصلان، وحصار الغوطة يدخل عامه الخامس، ولم تدخل للمنطقة سيارة مساعدات واحدة حتى الساعة، ولم يستطع أي من المدنيين المغادرة وفق هدنة الساعات الخمس للرئيس بوتين، وهي هدنة دعائية، أكثر منها واقعية، حياة نحو نصف مليون إنسان يعيشون كالأموات بلا قيمة لا عند الروس، ولا عند العالم الحر المتحضر. الإنسانية والحضارة والقيم والأخلاق والقانون الدولي تتعرض هي الأخرى لمجزرة في سوريا تماماً مثل شعب هذا البلد البائس المنكوب. [email protected]