مرارًا، أكدت جماعة "الإخوان المسلمين"، التي صنفتها الحكومة المصرية كجماعة "إرهابية"، رفضها الانخراط في العنف، واللجوء إلى رفع السلاح ضد السلطة الحالية، وهو ما عبر عنه الدكتور محمد بديع، المرشد العام للجماعة على منصة اعتصام "رابعة" لأنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي، الذي تم فضه بالقوة في 14 أغسطس 2013. غير أنه ومنذ ذلك الوقت، تصاعدت عمليات العنف والإرهاب ضد قوات الجيش والشرطة، والتي تركزت بشكل خاص في شبه جزيرة سيناء, وراح ضحيتها المئات، ونسبت على وجه الخصوص إلى تنظيم الدولة، "داعش"، والذي تصاعدت فرضية وجود رابط بينه وبين "الإخوان" خلال الفترة الأخيرة. وجاء ذلك بعد نشر التنظيم يوم الأحد الماضي، تسجيلاً مصورًا حث فيه الإسلاميين على مهاجمة قوات الأمن والمسؤولين، ظهر فيه عمر الديب، نجل القيادي الإخواني إبراهيم الديب، الذي أعلن مقتله في سبتمبر الماضي عن مقتله ضمن ما عرف ب "خلية أرض اللواء". وأشار الديب إلى أنه ترك السلمية التي وصفها بالعار، وانضم إلى التنظيم، داعيًا كافة شباب الجماعة إلى اللحاق بركبهم والتخلي عن السلمية، وأمس، جرى تداول مقطع فيديو يحث فيه أيمن الظواهري، زعيم تنظيم "القاعدة"، على إسقاط السلطة، قائلاً: "أدعو الجميع إلى... العمل على اجتثاث هذا النظام المرتد الفاسد المجرم من جذوره وإلى جهاده بالسلاح والبيان والنفس والمال والقول والعمل بالاقتحامات والكمائن والإغارات والمظاهرات والإضرابات". وزج بالآلاف من أعضاء جماعة "الإخوان" وأنصارها في السجون منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي. ويقول خبراء إن السجون أوجدت بيئة مناسبة لانتشار التطرف في صفوف بعض المعتقلين، الذين كفروا بمنهج السلمية الذي تبنته الجماعة، ومنهم من انضم إلى "داعش"، و"القاعدة"، في سبيل الانتقام من النظام الحالي. وعبر إبراهيم الديب، والد عمر، عن صدمته من انضمام نجله لتنظيم "داعش" ومؤكدا علي عدم درايته بالأمر منذ اختفاء ابنه، نافيًا في الوقت ذاته إعلانه في أي من المرات عن اختفائه قسريًا كما يشاع، ورافضًا كافة الدعوات التي تطالب أعضاء الجماعة بالاتجاه إلي العنف ونبذ السلمية. وأضاف أن نجله عمر اختطف منه جسديا وفكريا، عن طريق قتله دون محاكمة حقيقة، الي جانب عدم قدرته علي الحفاظ عليه والتحاقه بالتنظيم الإرهابي والذي استطاع أن يبث فيه آراءه وأفكاره غير الصحيحة، ومتنافية تمام بما يعلمه لتلاميذه ويكتبه في كتبه طوال السنوات التي عمل فيها علي تدريس الشريعة. في هذا السياق، قال الدكتور كمال حبيب، القيادي السابق في تنظيم "الجهاد"، والخبير في شئون الجماعات الإسلامية، إن "جماعة الإخوان المسلمين تعاني من افتقار للدعاة الذين يمكنهم استخراج نتاج فكري ينأى بأعضائها عن انتهاج العنف، مثلما حدث في حقبة الخمسينيات حيث خرج كتاب "دعاة لا قضاة" للمرشد حسن الهضيبي وقتها، مشيرًا إلى أن موقف الجماعة ليس واضحًا تجاه نبذ العنف من عدمه، وهو ما يتضح من كتب المؤسس حسن البنا، ثم سيد قطب. وأضاف حبيب ل"المصريون": "استخدام الآلة القمعية من قبل النظام السياسي، إلي جانب غلق المجال العام سيؤدي إلى مزيد من التشدد من قبل شباب الجماعة للذين يعدوا بمئات الآلاف". وأوضح أن "المواجهة الأمنية لن تنجح، وإنما يجب الجلوس مع عناصر هذه الجماعات ومحاولة الاتفاق علي وقف التصعيد الإعلامي ووصمهم بالإرهاب، في مقابل إصدارهم لوثائق تأسيسية لنبذ العنف ورفض الإرهاب". بينما أشار إسلام الكتاتني، القيادي السابق بجماعة "الإخوان المسلمين"، إلى أن "النظام السياسي مسئول بشكل مباشر عن انسداد كافة الأطر في التواصل مع شباب الجماعة، خاصة مع غلق المجال، وحبس كافة القيادات سواء من التيارات المدنية أو الإسلامية المنتمية فكريًا لجماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي فقد هؤلاء الشباب السيطرة على أنفسهم، وأصبحوا صيدًا سهلاً للجماعات التكفيرية والإرهابية، والتي تكفر جماعة الإخوان المسلمين نفسها". وأضاف الكتاتني ل"المصريون": "الاستبداد أدى إلى ظهور شكري مصطفى، وأيمن الظواهري نفسه، وهي حالات تأسيسية لجماعات الفكر التكفيري، ومن المتوقع استمرار النظام السياسي في تعامله الحالي القائم على العقيدة الأمنية، وبالتالي مزيد من الإرهاب والعنف، وافتقاد الآلاف من شباب مصر، مع توجهه لممارسة العنف والعنف المضاد مع أجهزة الدولة الأمنية والسياسية".