شدنى ما قرأته عن هذه السيدة الفاضلة التى رفضت لقبًا طالما حلمت به حواء، بل تتمنى أن تكون وصيفة على أقل تعبير لهذا اللقب، لكى تحمل تصريحًا للدخول والخروج من أبواب السرايا، ولا توصد أبواب الوزراء والمسئولين أمامها، وتحظى بالحصانة الكاملة، وحفاوة الاستقبال والتوديع، وربما تنام وتصحو والتصريح على صدرها لا يخلع أبدًا, وهذه السيدة المصونة ترفض هذا اللقب "سيدة مصر الأولى"، وتفضل أن يطلق عليها (خادمة مصر الأولى).. ورفضها هذا - من وجهة نظرى- هو رد واضح وصريح وقاسى لمن يسأل عن كيفية استقبالها للضيوف من المسئولين، وهل ستقدم يدها للسلام عليهم؟ وهل سيكون نظرها إلى الأرض؟، فهذا الرد يجعل من يلتقى بها يضع عينيه تحت قدميه احترامًا وإجلالاً لهذه السيدة التى وقفت خلف زوجها حتى احتل مكانه كرئيس لأكبر دولة عربية إسلامية.. وتجردت عن لقبها المستحق بامتياز لتعود بنا إلى سيرة نساء الصحابة فى دورهن ونمط حياتهن. فيا ليت النساء يمعنّ التفكير فى تصرف هذه السيدة، ليحظين بنفحات يسيرة من أخلاقها وإيمانها، وتجردها عن الزيف، وحب الأضواء، لتكون (نجلاء) خادمة مصر الأولى، كما أطلقت على نفسها، فقد أخذت من اسمها النصيب الأوفر فكانت طعنة فى خاصرة كل من ينظر إلى شموخها بازدراء. لقد كسبت الجولة واستحقت أن يطلق عليها: (سيدة نساء الأمة فى العصر الحالى).. فجدير بسيدة لم تتلقفها المسارح ودور السينما، بل احتضنتها المنازل القرآنية ودور تحفيظ القرآن الكريم، وندوات الذكر الإيمانى، أن تنال هذه المنزلة الرفيعة إنها لم ترتدِ بنطال (الجينز والتيشيرت)، بل سترها الله بجلباب الحشمة وحجاب الشرف؛ لينير وجهها البراق بالإيمان والصفات المحمودة فمنحها الله مكانة مرموقة. ويطيب لى أن أنقل للقارئ شهادة مَن عرِف هذه الأسرة عن كثب عندما اتصلت به هاتفيًا لأبارك له فوز الرئيس محمد مرسى، فأقسم لى قائلاً: هذه الأسرة لم نسمع من أحد منهم كلمة سوء قط، بل عرفوا بالتواضع، والبذل، والعطاء، ومساعدة المحتاج.. فإن الله الذى يؤتِ الملكَ لمن يشاء قد أعطى الولاية (لمحمد مرسى) حتى يخدم مصر وشعبها الأوفياء الأبطال، الذين اتصفوا بالشجاعة والبسالة, ليس فقط لخدمة نفسه وأهله وعشيرته, قال تعالى: (قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شىء قدير)، وقد صدق الله وعده. إنى أؤكد أن القصر الجمهورى سيتشرف حين تطأ قدما (أم أحمد) العتبة الأولى للبوابة الرئيسية، بل ستتبسم جدرانه وأركانه بقدومها، ليس لأنها سيدة القصر فحسب، بل لأنها ستتخلص من الشياطين المتراكمة على مر السنين فى ذلك القصر.. فأم أحمد ستدخل القصر بذكر الله وتلاوة القرآن الكريم.. وصدقونى لو ينطق هذا القصر لزغرد فرحاً بمقدم العفاف والزهد والطهارة، ولو كان له لسان لردد أجمل وأروع عبارات الترحيب والإشادة. لقد عرفت هذه السيدة كيف تتعامل مع الإعلام من أول وهلة حين وصل زوجها إلى كرسى الرئاسة، فلم تعطِ مساحة للإعلاميين لاستغلال مكانتها فى هذه المرحلة الحساسة.. ومثلها سيادة الرئيس فعل، وهو الذى عرف كيف يكسب الشعب بخطابه التاريخى، الذى جعل المحب والكاره له يهتف ويتغنى باسمه، فقد أكد للجميع: أنه آمن بين هذا الحشد الكثيف من الشعب الأبى بعدم لبسه سترة مانعة للرصاص.. فلعلنا نرى ما قرأناه عن بعض سير الصحابة يتحقق لنا على أرض الواقع, ولعلها تتكرر مقولة المرزبان، رسول كسرى لأمير المؤمنين عمر رضى الله عنه وأرضاه, فنسمعها على أرض الكنانة مرة أخرى: (حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا مرسى)، حفظ الله مصر حكومة وشعبًا. [email protected]