إن العلاقات السعودية والمصرية لا تحددها المصالح، ولا تتأثر بالأزمات، بل كشفت لنا الوجه الحقيقى للعلاقات الجسيمة بين البلدين عندما يلوح فى أفقها الضباب، الذى سرعان ما يذوب، وتهطل أمطار الحب وأصالة روح الشهامة وعزة النفس، التى تميز البلدين حكومة وشعبًا. هذه العلاقات التى اتصفت بالمتانة والقوة وأصبحت نموذجًا يضرب بها المثل الأعلى لنجاح العلاقات بين الدول؛ لأنها لا تخضع للمعايير المتعارف عليها التى تجسد مستوى العلاقات بين الحكومات والتى قد تتأثر فور سقوط معيار واحد وتذهب تلك العلاقات فى مهب الريح, ومن هنا فإن أجمل ما يميز العلاقات السعودية المصرية إذا شابها نوع من التحسس لا تتوقف الأعمال المشتركة بين البلدين, والتى نتمنى أن يستمر تميزها على مدى العصور مهما تغيرت الأسماء التى تتربع على كرسى الرئاسة.. تلك العلاقات التى تعد ركيزة أساسية للم الشمل العربى واحتضان المشكلات التى تتعرض لها الساحة العربية بصفة عامة ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص وتعمل على تعزيز علاقات الدول العربية والإسلامية مع الدول العظمى؛ لخلق مناخ استصلاح لتلك العلاقات وتعميق مفهوم تبادل المنافع وتسخير المقومات المتوفرة؛ لتنشيط التعاون المشترك فى المجالات المختلفة، وفتح باب الاستفادة من المعونات الدولية التى تلبى حاجة تلك الدول. إن السعودية ومصر لا تعملان من أجل مصالحهما المشتركة بعيدًا عن مصالح الدول العربية والصديقة بل حملتا على عاتقهما قضايا الأمة، وأصبحت الهاجس، الذى يطغى على أجندات اللقاءات المستمرة بين البلدين؛ لأنهما قادرتان على احتوائها بمنظورهما الحضارى وفق السياسات الدولية التى من خلالها يتم خلق فرص النجاح ودعمها حتى تصبح على أرض الواقع الملموس. لقد تولدت العلاقات بين البلدين منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله، على مبدأ احترام السيادة، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية وبنيت على أسس متينة منذ ولادتها، فمن الصعب أن يؤثر عليها حسد الحاسدين وعبث العابثين؛ لأنها أشبه فى صلابتها بقوة الحجر الصلد فلا يستطيع منقار العصفور خرق الصخر أبدًا.. ولن أشير إلى التعاون الدائم والمستمر بين البلدين فى شتى المجالات والوقوف صفًا واحدًا أثناء الأزمات التى أصابت المنطقة فى الماضى القريب، ولن أحسب إطار التعاون من معايير متانة وقوة العلاقات بين البلدين الشقيقين بل يندرج ذلك تحت مفهوم الواجب الأخوى المحتوم فى استراتيجية يقف خلفها رجال يتمتعون بالحكمة والرأى السديد، ينظرون إلى مصالح شعوب الأمة العربية والإسلامية بروح العطاء والتفانى؛ لتعميق وتيرة العلاقات الحميمة للوصول إلى سلام شامل عادل يضمن للشعوب الحياة الكريمة وتعميم مفهوم التعايش السلمى بين أتباع الأديان السماوية والثقافات الأخرى، والتى تم لها وضع اللبنات الأولى لتحقيق ذلك، بل حظى هذا المفهوم بخطوات جيدة من خلال مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان، والتى استحق على إثرها لقب رجل السلام الأول, وندعو الله أن يؤلف بين الشعوب التى تعيش تحت سماء واحدة تحيطها رعاية الله من كل اتجاه يشربون الماء ويتنفسون الهواء لا تمييز لعربى على عجمى إلا بالتقوى، هذه الأمم التى تجمعهم قواسم مشتركة لا يستغنى بعضهم عن بعض.. تأملوا لو زرعت بساتين الإخاء، ونثرت ورود المحبة بين أفراد الشعوب كيف يكون حالنا اليوم؟ وقارنوا هذا الأمل بما يحل بالعالم من صيحات وويلات هلك فيها الحرث والنسل وكان سببها الإنسان. وعلى الخير دائمًا الرايات مرفوعة والرءوس شامخة لا تنحنى إلا لخالقها الذى يستحق الحمد والشكر على كل حال, ودوام الحال من المحال.. وإن شاء عن قريب بإذنه تعالى سيبدل حال المحروسة إلى حالٍ يفخر به شعبها. [email protected]