لم ينجح في جولة الإعادة في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية من مرشحي حركة "كفاية" أحد إذ1 خسر كمال أبو غيطة و كمال خليل و محمد الأشقر ! تجمع المعارضة حقق نتائج هزيلة و ربما تكون مضحكة و فضائحية : مقعدين للوفد و مثلهما للتجمع ومقعد للكرامة و مثله لمرشح الحركة المصرية للتحول الديمقراطي و مقعد لناصري مستقل و آخر ل"شرفاء الغد" المنشقين عن د. أيمن نور !. في المقابل حصد مرشحو الإخوان المسلمين 34 مقعدا ، و كان بإمكانها أن تحصل على أكثر من ذلك بكثير لولا عمليات التزوير الفاجر الذي لجأ إليه النظام ، بلا خجل أو حياء ، حتى أن في إحدى الدوائر ، ماطل رئيس اللجنة في الاعلان عن نتيجة الفرز ، و عندما سئل عن ذلك قال :" ننتظر حتى يستيقظ الرئيس ..!" نتائج الانتخابات أكدت أن المعارضة الرسمية ، هي في واقع الحال "معارضة ديكورية" ، أو جزء من الاكسسوارات السياسية التي يستخدمها النظام لتجميل ترهله ، و اخفاء القبح في قسمات وجهه القمعي و الديكتاتوري. فالمعارضة منذ نشأتها على يد النظام .. و النظام لا يريد لها إلا القيام بمثل هذا الدور ، نظير مقعد أو مقعدين يتيمين بالبرلمان أو بتعيين أكثرهم خدمة في بلاطه في مجلس الشورى ، لزوم القيام بهذا "الدور الديكوري" أو البهلواني إن شئت الدقة ! وكانت مشاركة "كفاية" في الانتخابات خطأ كبيرا ، فهي ليست في وزن الإخوان التاريخي و الجماهيري و لا مثل تلك الأحزاب الديكورية التي أوجدها النظام للمزايدة عليها . فضلا عن أنها بدخولها الانتخابات فإنها تكون قد قبلت بشروط اللعبة التي وضعها النظام الذي تأسست الحركة أصلا من أجل تغييره بالكامل لا من أجل اصلاحه و التعايش معه ، فقبولها الانخراط في الانتخابات كان قرارا متعارضا و متناقضا مع أجندتها التي تستقي منها شرعية وجودها . ينبغي أن نفهم أن النتائج كانت تعني أن الناس رفضت الحزب الوطني ، و رفضت كذلك كل تجلياته من أبنائه الشرعيين وعلى رأسها الأحزاب المصرية الشرعية .. فالأخيرة تنتمي إلى ذات نطفة الوطني .. فهو الذي أسسها و صنعها ووزعها ك "هبات" على من رضى عنهم و رضوا عنه!. درس فوز الإخوان ينبغي أن نتعلمه ، فليس رفع شعار "الإسلام هو الحل" هو وحده الذي نقل الإخوان من مربع التهميش السياسي الرسمي إلى مربع الأضواء السياسية تحت قبة البرلمان . المعركة كانت شرسة .. و لم ينتزع الإخوان مقاعدهم بسهولة . إنهم كانوا في مواجهة الدولة بكل إمكانياتها و أجهزتها القمعية العاتية .. ينبغي أن نقدر وزن الإخوان و ننزلهم منزلتهم التي يستحقونها ، و لا ينبغي أن نتعامل معهم بخفة أو أن ننساق وراء الأكاذيب التي ترى أن الاخوان يدغدغون مشاعر الناس الدينية و "يستغفلونهم" ! صحيح أن المرجعية الدينية بالغة الأهمية في أي تكوين سياسي في العالم الإسلامي على وجه التحديد ، إلا أن ذلك وحده لا يكفي .. فحركة الجهاد بفلسطين أكثر تدينا من حركة حماس ، و مع ذلك لا تحقق الجهاد انتصارات كبيرة في الانتخابات البلدية الفلسطينية في حجم الانتصارات التي تحققها عادة حركة حماس ! الدين و السياسة و التربيطات العائلية و القبلية كلها مهمة غير أن الحضور وسط الناس و التماس مع مشاكلهم و مشاطرتهم حلوهم و مرهم هو الأهم . الملاحظة المهمة أيضا في هذا الإطار ،اكتساح الإخوان لدوائر الصعيد ، و في بعضها فازوا بنسبة مائة في المائة ، و هو فوز يؤكد سلامة و استقامة البنية الاجتماعية الطائفية بالصعيد . خاصة و أن الإخوان فازوا في الدوائر التي يتواجد فيها الإخوة الأقباط بكثافة ، ما يعني أن الأقباط ادلوا بأصواتهم لصالح إخوانهم المسلمين ، و هي دلالة على أن ما يجمعهما معا هو حب مصر و كراهية فساد الحزب الوطني و ديكتاتورية ، بقدر أنها كانت بحق رسالة إلى أقباط المهجر ، تقول لهم "موتوا بغيظكم " [email protected]