وكيل تعليم الغربية: منع استخدام العصا في الفصول الدراسية    الضبعة مستقبل الطاقة.. كيف يعيد الحلم النووي رسم ملامح الصناعة؟    استقرار سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري ختام اليوم 14 أكتوبر 2025    "الرئيس السيسي أنقذ القضية الفلسطينية".. هاشتاج يتصدر منصة "إكس"    منتخب مصر للهوكي يواصل الصدارة رغم التعادل مع جنوب أفريقيا    تشكيل منتخب إسبانيا لمواجهة بلغاريا في تصفيات المونديال    قمة شرم الشيخ للسلام    إصابة 11 شخصًا في تصادم سيارتين بقنا    السجن المشدد 3 سنوات ل متهمين بالتزوير في المنيا    إنستجرام: حماية المراهقين بقصر مشاهداتهم على المحتوى بي جي-13    عمرو سلامة يقرر مقاضاة إحدي شركات الإنتاج    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    أكثر من شرب الماء.. 5 عادات تحافظ على صحة الكلى وتقوّيها    عضو "النهضة" الفرنسي: ماكرون مقتنع بأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لترسيخ السلام    من «اللايف» لقفص الاتهام.. سوزي الأردنية تواجه المحاكمة لنشرها محتوى فاضح (القصة الكاملة)    سعر مواد البناء مساء اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    مدير مكتب تأهيل الخصوص في تزوير كروت ذوي الإعاقة: «طلعتها لناس مكنش ليهم محل إقامة عندي» (نص التحقيقات)    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    طريقة عمل شيبسي صحي في المنزل.. بدون أضرار    في هذا الموعد.. محمد فؤاد يستعد لإحياء حفل غنائي ضخم في بغداد    خبر في الجول - الزمالك يعتذر عن عدم المشاركة في البطولة العربية لسيدات الطائرة    تضامن الشرقية: استمرار متابعة مشروعات التمكين الاقتصادى بقرى جزيرة سعود    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل أسيوط ل5 أطفال    مواصفة امتحان مادة الدين فى اختبارات الشهر للمرحلة الابتدائية    تناولت مادة مجهولة.. مصرع طالبة في الصعايدة بقنا    أرقام تفصيلية.. إطلاق سراح 3985 أسيرا فلسطينيا خلال صفقات التبادل    السويد تقيل مدربها جون دال توماسون بعد هزيمة كوسوفو    نادي أدب البادية يواصل فعالياته في بئر العبد في شمال سيناء    ميريهان حسين: «أصور فيلم جديد مع هاني سلامة.. واسمه الحارس»| خاص    نقابة الموسيقيين: مصر راعية السلام فى المنطقة ودرع منيع للحق والعدالة    لطيفة: شكرا للقائد الحكيم فخر الأمة الرئيس السيسى فى إنجاز هذا الحدث التاريخى    عاهل الأردن يبحث تعزيز التعاون مع إيطاليا وهنغاريا وسلوفينيا خلال جولة أوروبية    برشلونة يعلن إصابة ليفاندوفسكي وغيابه لمدة 6 أسابيع    وكيل شباب ورياضة الجيزة يتابع تطوير مركز شباب الديسمي لخدمة المتضررين من السيول    زيادة ربع مليون نسمة في تعداد سكان مصر خلال 60 يومًا    موقف البنك الأهلي من رحيل أسامة فيصل للقلعة الحمراء    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 يبدأ يوم 23 الشهر الجاري    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    احتفالا بذكرى انتصارات أكتوبر.. الرقابة الإدارية تنظم ندوة حول مكافحة الفساد ببورسعيد    «تحيا مصر».. «دكان الفرحة» يفتح أبوابه ل5000 طالب وطالبة بجامعة المنصورة (صور)    دار الإفتاء توضح حكم ارتداء الأساور للرجال.. متى يكون جائزًا ومتى يُمنع؟    كامل الوزير يسلم شهادات التحقق من تقارير البصمة الكربونية ل6 شركات محلية    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    ماكرون: الأسابيع والأشهر المقبلة ستشهد هجمات إرهابية وزعزعة للاستقرار    المدرب العام للمنتخب: شريف ليس في حساباتنا.. ونحتاج للاعب يخلق الفرص لنفسه    مدرب المنتخب: وارد انضمام السعيد لأمم أفريقيا.. ولا توجد أزمة مع إمام عاشور    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    وكيل صحة المنيا يفاجئ وحدة أبو عزيز ويحيل طبيبة للتحقيق بسبب الغياب    القائمة الوطنية تتقدم بأوراق ترشحها لانتخابات النواب اليوم    الحركة الوطنية: قمة شرم الشيخ نقطة تحول استراتيجية.. وتأكيد على ريادة مصر    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة دُسُوق وقُراها في العصر المملوكي
نشر في المصريون يوم 18 - 01 - 2018

نوقشت مؤخراً في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة – قسم التاريخ والحضارة، رسالة ماجستير بعنوان "مدينة دُسُوق وقُراها في العصر المملوكي (648-923ه / 1250-1517م) - دراسة حضارية" للباحث أحمد عبدالفتاح..المعيد بالكلية،بإشراف فضيلةِ الأستاذِ الدكتورْ مُحمد علي عبد الحفيظ -أستاذُ التاريخِ والحضارةِ في كليةِ اللغةِ العربيةِ بالقاهرةْ، ووكيلُ كليةِ الدراساتِ العُليا – جَامِعَةِ الأزهرْ.
وتُعدُّ دراسةَ الأحوالِ الحضاريةِ للمدنِ المِصْرِيةِ في العصرِ الإسلاميِ مِنَ الدراساتِ المشوقةِ والطريفةْ، وفي الوقتِ ذاتهِ هِيَ من الدراساتِ الشاقةْ، لنَدرةِ المعلوماتِ وتناثُرِها بين مُختَلَفِ المصادرِ التاريخيةِ، والدينيةِ، والجغرافيةِ، والأدبيةْ. وهيَ من الدراساتِ التي لم تَنَلْ قدرًا كَافيًا مِنَ اهتمامِ ورعايةِ الباحثينْ؛ نظرًا لاتجاهِ كثيرٍ مِنَ الباحثينَ إلى دراسةِ التاريخِ العامِ لمِصْرَ الإسلاميةْ، والتركيزِ على دراسةِالأحداثِ السياسيةْ، وقلةِ العنايةِ بالجوانبِ الحضاريةْ، ومِنَ المعروفِ أَنَ دِرَاسةَ الجوانبِ الحضاريةِ للمدنِ المِصْرِيَةِ الكبرىْ وخاصةً القاهرةَ والإسكندريةَ قد استحوَذَتْ على اهتمامِ كثيرٍ مِنَ الباحثينْ؛ مما أَدَىْ إلى إهمالِ دِرَاسَةِ بَقِيةِ المُدُنِ المحليةِ دِراسةً أكاديميةً علميةً مُتخصصَةً إلا فيما نَدَر.لذا فإن دِراسةَ حضارَةِ هذه المُدنْ، والمُنشآتِ المِعماريةِ التي تخلفَتْ فيها مِنْ عصورٍ طويلةْ، قد تُؤدِى إلى استكمالِ صورةِ المجتمعِ المصريِ من كافةِ جوانبهْ، وموضوعُ هذه الدِرَاسَةِ "مدينةُ دُسُوقٍ وقُرَاها في العصرِ المملوكِي" من هذا الصِنفْ.
وبيّن الباحثأن دافعه الرئيسِ لاختيارِ موضوعِهذه الدِرَاسَةِ،يَرجِعُ إلى الخُصُوصِيَةِ التي تَمَيَزَتْ بِهَا مدينةُ "دُسُوقٍ" طوالَ تاريخِهَا، وفي العصرِ المملوكِيِّ على وجهِ التحديدْ؛ حيثُ كانت مِنْ أَهَمِ مُدُنِ الدِلتا خلالَ هذه الفترةِ التاريخيةْ، وقد استمدَتْ شُهْرَتَهَا من ضريحِ ومسجدِ العارفِ باللهِالشيخِ إبراهيمَ الدُسُوقيْ.
وأشار إلى أنها تَمَيَّزَتْ بِأنَهَا كانت مِنَ المراكِزِ التِّجاريةِ المُهِمَةِ في وسطِ الدِلتا؛ وذلك لوقوعِها على الطريقِ المائِيّ بين ساحلِ البحرِ المتوسطْ والقاهرةْ – عبرَ فرعِ رشيدْ، فكانتْ حَلْقَةَ الوصلِ بين القاهرةِ والإسكندريةْ، فالسفنُ القادمةُ من القاهرةِ إلى الإسكندريةِ والعكسِ كانتْ تمرُّ عليها؛ ولهذا اهتمَّ بها السلاطينُ والأمراءُ المماليكْ، وبخاصةٍ في النشاطِ الاقتصاديْ، فكانتْ مركزَ نشاطٍ وجذبٍ دينيٍ، وعلميٍ، وتِجاريٍ طوالَ العصرِ المملوكِيْ.
وقد قسم الباحث هذه الدِرَاسَةِ إلى: مقدمةٍ، وتمهيدٍ،وستةِ فصولٍ، وخَاتِمَةٍ،وعددٍ من الملاحقِ، ثم ثَبَتٍ بالمصادرِ والمراجعِ، وفِهرِسٍ للموضوعاتْ.
أما المقدمةُ: فتتضمنُتعريفًا عامًا بالموضوعِ، وأهميَتِهِ، والدراساتِ السابقةِ، وأسبابِ اختيارِ الموضوعِ، والهدفِ من الدراسةِ، والمنهجِ المتبعَفي الدراسةْ، وخُطَةِ البحثِ، ثم تحليلًا لأهمِ المصادرِ والمراجعْ.
وقد جاءَ التمهيدُ تحتَ عُنوَانْ: دُسُوق (نشأتُهَا وتطوُرُهَا الإداريّْ)تَحَدَثْ فيه عن أصلِ التسميةِ، والموقعِ الجغرافيِ، والتطورِ الإداريِ للمدينةْ، مُتَتَبِعًا ذلك مُنذُ أن كانتْ "دُسُوقْ" كَورَةً تابِعَةً لأَبْرُوشِيَّةِ قسم ثاني بالوجهِ البحريّْ، والتي كانت قاعِدَتُهَا مدينةَ "كبَاسَا" قبل الفتحِ الإسلاميِّ لمِصرْ، وصولًا إلى ظُهُورِهَا كمدينةٍ تتمتعُ باستقلالٍ إداريٍ من نواحِي أعمالِ الغربيةِ في العصرِ المملوكِي.
وتَنَاوَلَ الفصلُ الأولْ: "قُرَىْ مدينةِ دُسُوقِ"، تحدث فيه عن القُرىالقديمةِ المُنْدَرسَةْ، والقُرَى القديمةِ الباقيةْ، والموقعِ الجغرافيِّ لكلِ قريةٍ، وأَعلامِهَا، وما وَرَدَ عنها في المصادرِ، والمراجعِ الجغرافيةِ والتاريخيةِ المتنوعةْ.
وجَاء الفصلُ الثَانِيْ تحت عُنوانْ: "النشاطُ الاقتصاديُ في دُسُوقٍ وقُراهَا خلالَ العصرِ المملوكِي" تحدث فيه عن الأراضيِ الزراعيةْ، والحرفِ والصناعاتْ، ثم انتقل إلى الحديثِ عن النشاطِ التِّجاريِ بالمدينةْ.
وحَمَلَ الفصلُ الثَالثُ عُنوانْ: "الحياةُ الاجتماعيةُفي دُسُوقٍ وقُرَاها خلالَ العصرِ المملوكِي" افتتحهُ بالحديثِ عن عناصرِ السكانِ المختلفةْ، كما تحدث عن رِحْلاتِ السلاطينِ الترفيهيةْ، وتَأثيرِهَا الإيجابِيِّ والسلبِيِّ على المدينِةْ، وانتقل من هذهِ النقطةِ إلى الحديثِ عن العاداتِ والتقاليدِ الاجتماعيةْ، والأعيادِ والاحتفالاتِ وأماكنِها، ثمَّ تحدث عن الأزماتِ التي حَلَتْ ب "دُسُوقٍ" وقُرَاهَا، وأَثَرِ ذلكَ على أوضاعِ المجتمعْ.
وخصص الفصلَ الرابعَ للحديثِ عن: "الحياةِ العلميةِفي دُسُوقٍ وقُرَاهَا خلالَ العصرِ المملوكِي"، تحدث فيه عن النشاطِ العلميِّ ب "دُسُوقْ"، وأشهرِ المؤسساتِ التعليميةِ بِهَا، وأهمِ العلومِ، ودَورِ علماءِ"دُسُوقْ" في هذهِ العلومْ، واستعراضِ مُؤلفَاتِهمِ وإسهَامَاتِهِمْ العِلمِيَّةْ.
وتَنَاوَلَ الفصلُ الخامسُ: "الحياةَ الدينيةَفي دُسُوقٍ وقُرَاهَا خلالَ العصرِ المملوكِي"، تحدث فيهِ عن النشاطِ الدينِيِّ ب "دُسُوقْ"، وعن التصوفِ، وانتقل إلى الحديثِ عن الحركةِ الصُوفِيَةْ، والمُتَصَوِفَةْ ب "دُسُوقْ"، ثم خَتَمالفصلَ بالحديثِ عن الأوقافِ والوظائفِ بالجامعِ والمقامِ الدُسُوقِي.
وخَصْصْ الفصلَالأخيرَ للحديثِ عن: "العُمرانِفي دُسُوقٍ وقُرَاهَا خلالَ العصرِ المملوكِي"، تحدث فيه عن العُمرانِ بمدينةِ"دُسُوقْ" في العصرِ المملوكِي بكافةِ أشكالهْ؛ باعتبارهِ أَحَدَ المظاهرِ الحضاريةِ المهمةْ.
ثم جَاءتْ الخاتمةُ؛ لتتضمنَ أهمَّ النتائجِ التي تَوَصَلَ إليها الدِرَاسَةْ، ومِنهَا:
أولًا: كانَتْ مدينةُ "دُسُوقٍ" قبل الفتحِ الإسلاميِّ لمِصرْ كَورَةً تابعةً لأَبرُوشِيَّةِ قسم ثاني بالوجهِ البحريّْ، والتي كَانت قاعدتُها مدينةَ "كبَاسَا"، ثم بعد الفتحِ الإسلاميِّ في فترةِ الكُوَرِ الصُغرَىْ أصبحتْ قريةً أو ضاحيةً تتبعُ كَورَةَ "شباس"، وفي فترةِ الكُوَرِ الكُبرَىْ كانت تابعةً لكَورَةِ "السَّنْهُورِيَّةْ"، وفي العصرِ المملوكِي ظهَرَتْ كمدينةٍ تتمتعُ باستقلالٍ إداريٍّ من نواحي أعمالِ الغربيةْ.
ثانيًا: حيازةُ الأراضيْ الزراعيةْ بمدينةِ "دُسُوقٍ" وقُرَاهَا في العصرِ المملوكِي لم تستقرَّ على نمطٍ واحدْ بل حدثَ لها العديدُ من التغيراتْ، فكانتْ معظمُ أراضيْ مدينةِ "دُسُوقٍ" في بدايةِ الدولةِ المملوكيةِ تخضعُ للديوانِ السلطانيّْ مع قلةٍ بسيطةٍ كانت للإقطاعِ والأوقافِ وبقيةِ الحيازاتِ الأخرىْ، ثم تعرضَتْ هذه الأراضيْ للضعفِ والتدهورِ بسببِ بَيعِهَا عن طريقِ بيتِ المالْ، حيثُ أصبحتْ أملاكًا وأوقافًا.
ثالثًا: مِنْ خلالِ العرضِ العامْ للطوائفِ والفئاتِ التي تكوَّنَ مِنهَا المجتمعُ في مدينةِ "دُسُوقٍ" وقُرَاهَا في عصرِ سلاطينِ المماليكْ، نَجِدُ أن هذه الطبقاتِ متميزةٌ بعضُهَا عن بعضِ في خصائِصِهَا وصفَاتِهَا ومظاهِرِهَا فضلًا عن نظرةِ الدولةِ إليهاْ، ومقدارِ ما تتمتعُ به من حقوقٍ أو تقومُ بهِ من واجباتْ.
رابعًا: كانت مدينةُ "دُسُوقٍ" من أماكنِ التنزهِ والفسحِوسرحاتِ الصيدِ للسلاطينِ والأمراءْ، حيثُ كانوا يقومونَ بالتجولِ فيها لعدةِ أيامٍ للاستجمَامِ وصيدِ الحيواناتِ البريةْ، وكان لهذه الرِحْلاتِ الترفيهيةِ دَوْرٌمُهِمٌ في الحياةِ الاقتصاديةْ.
خامسًا: الدَّوْرُ الفَاعِلُ الذي نَهَضَتْ بِهِ المُؤسساتُ التَعليمِيةُ في تطويرِ وازدهارِ النشاطِ العلميِّ بدُسُوقٍ وقُرَاهَا، ودَوْرُ الدولةِ في رصدِ الأوقافِ لإمدادِ هذه المؤسساتِ بكلِ ما تحتاجُهُ في سبيلِ نهضةِ العلمِ وتشجيعِ طلابِهْ، ويَبْرُزُ هذا الأمرُ جليًا من خلالِ درجةِ شيوعِ تلك المؤسساتِ على اختلافِهَا.
سادسًا: شهِدَتْ الحركةُ الصوفيةُ بمدينةِ "دُسُوقٍ" خلالَ عصرِ المماليكِ ازدهارًا واسعًا، ويبدو أن السلاطينَ كانوا على معرفةٍ بقدرِ هذه الحركةِ وتَأثيرِ أتباعِهَا، فنَالتْ مِنهُمْ الرعايةَ والتشجيعَ طلبًا للأجرِ والثوابْ، وربما لأغراضِ أخريْ.
سابعًا: شجعَتْ مكانةُ الشيخِ "الدُسُوقيْ" في قلوبِ الناسِ – على الرحلةِ إلى ضريحهِ وجامعهِ، للزيارةِ، والتبركِ، والاستماعِ إلى ما يُذْكَرُ من مَنَاقِبَ وكراماتِ وأقوالِ الشيخْ، مع ما يُصاحِبُ ذلِكَ، عَادَةً، من إقامةِ الشعائرِ، وخُطَبِ الجمعةِ، ودُرُوسِ الوعظِ والإرشادْ، وما يَتَخللُهَا من الآياتِ القرآنيةْ، وتفسيرِهَا، وأحاديثَ نبويةْ، حتى غَدَا الجامعُ منارةً علميةً، ومقصدًا للزيارةْ، ومُثَارَ اهتمامٍ من حكامِ البلادِ، تمَثلتْ في تجديدهِ، وتوسعتهِ في فتراتٍ متلاحقةْ، وحُبِسَ على المسجدِ الكثيرُ من الأملاكِ والعقاراتِ يُصرَفُ رِيعُهَا على الجامعِ والعاملينَ بهِ وطلابِ العلمِ، وكانت الدراسةُ تسيرُ فيهِ على منوالِالدراسةِ في الجامعِ الأزهرْ.
وأخيرًا: أظهَرَتْ الدراسةُ أنَ جامعَ الدُسُوقيّْ لم يكُنْ جامعًا لأداءِ الصلاةِ ومدفنًا للدُسُوقيِّ فحسبْ، بل كان عبارة عن مُجَمَعْ معماريِ ضخمْ، ضمَّ مجموعةً فريدةً مِنَ المبانِيْ مِنَ النادرِ أن نراهَا مُجتَمِعَةً في مبنًى واحدْ، فقد اشتمَلَتْ على مسجدٍ جَامِعْ، ومَدرَسَةٍ للعلومِ الشرعيةْ، وخَانُقاةٍ بِهَا ثمانيةٌ وعِشرُونَ من الصوفيةْ، وقبةٍ ضريحيةٍ كبيرةٍ دُفِنَفيها "الدُسُوقيّْ"، وقُبَتَيْنِ صغيرَتَينِ دُفِنَ في أحَدِهِمَا أخوهُ الشيخُ "مُوسى"، كما اشتملَ المُجَمَعُ على وحدةٍ مِعماريةٍ فَرِيدةْ عُرِفتْ باسمِ "حوشِ السماعْ"، مُخَصصةً لِسَمَاعِ الذِكْرِ والمَدَائِحِ النَبَويَةْ، ومَنَاقِبِ الدُسُوقيّْ، ومَقصُورَةٍ للنساءِ مُخصصةً لإقامةِ النساءِ الزائراتِ للمقامِ أثناءَ مُوْلِدْ "الدُسُوقيّْ"، كما أُلحِقَ بِهَذا المُجَمَعِ مَجمُوعَةٌ من الملاحقِ لخدمةِ القاطنينَ بالجامعِ والمترددينَ عليهِ مثلَ السبيلِ، والكتابِ، والمطبخِ، والبئرِ، والطاحونةِ، والفرنِ، ومخازنِ الطعامِ، وغَيرِهَا.
وقد استخدم الباحثالمنهجِالتاريخيِ التحليليِ الوصفيّْ،بجانبِ النقدِ والقياسِوالاستنتاجْ، مع استخدامِ وسائلِ الإيضاحِ من خرائطَ،وجداولَ، ولوحاتٍ، وأشكالٍ، وزياراتٍ ميدانيةْ؛ مما يُساعِدُ على فَهْمِ الدَورِ الحضاريِ للمدينةِ وقُراهَا، وبيانِ مدَىْ تأثِيرِها وتَأثُرِها في المجالاتِ المختلفةِ إبَّانَ تلكَ الفترةِ المُخصصةِ للدراسةْ.
وقد اعتَمَدَ أيضاً في هذه الدِرَاسْةُ على ما تَوَفَرَّ لها من المَصَادرِ الأصِيلةْ، وفي مُقدمَتِهَا: الوثائقُ غَيرُ المنشورةِ التي تم الحصولُ عليهَا، ومن أمثلةِ هذه الوثائقِ المرتبطةِ بِمدينةِ "دُسُوقٍ" وقُراهَا في العصرِ المملوكِي:
حُجَةُ وقفٍ رَقْمُ (809) للسلطانِ "أبي سعيدٍ خُشقَدَم" بتاريخِ (25 ذو القِعدَة سنةَ 868ه/1463م)؛ وقد تَعرَفْتُ من خلالِ هذه الحُجَةِ على الأراضيِ والعقاراتِ التي أَوقَفَهَا السلطانُ خُشقَدَم على الجامعِ، والمقامِ الدُسُوقيّْ، وعلى أسماءِ بعضِ القُرَى ب "دُسُوقْ"، كما أَفَدتُ منها في معرفةِ الوظائفِ التي رَتَبَها السلطانُ بالجامعِ والمقامِ الدُسُوقيّْ، والأعمالِ المعماريةِ التي قام بِهَا.
حُجَةُ وقفٍ رَقْمُ (810) باسمِ السلطانِ"أبي النصرِ قايتبَاي"، بتاريخِ (13 رمضانْ سنة 886ه/1481م)، وكَانَتْ هِيَ المصدرَ الرئيسَ في التعرُفِ على مظاهرِ الحياةِ الدينيةْ، والتصوفِ في "دُسُوقْ" مِن خلالِ ما وَرَدَ بِها عن الأوقافِ التي أوقفهَا السلطانُ"قايتباى" على مسجدِ وضريحِ الشيخِ إبراهيمَ الدُسُوقيْ، وعلى الصوفيةِ القاطنينَ والمترددينَ عليهِ، وعلى المَوَالِدِ التي تُقَامُ بِهِ، فضلًا عن أربابِ الوظائفِ الذين رَتَبَهُم في هذا المكانْ، كَمَا أَمَدَتنِي هذه الحُجَةُ بتفاصيلِ الأعمالِ المِعماريةِ التي قام بِها السلطانُ"قايتباى" بمسجدِ وضريحِ الدُسُوقيْ، وقَدَّمَتْ ليَ وصفًا مِعماريًا دقيقًا لكُلِ جزءٍ من أجزاءِ المسجدِ ومُلحقَاتِهْ.
وفي النهاية نوصى بطباعة هذه الرسالة في إحدي الهيئات الثقافية الحكومية تتمة للفائدة، وتشجيعاً للباحثين على تناول بقية الكور المصرية في دراسات أكاديمية أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.