الرئيس السيسي يشارك في احتفالات ذكرى عيد النصر بموسكو    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    ضبط تشكيل عصابي انتحلوا صفة لسرقة المواطنين بعين شمس    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    ارتفاع سعر الجنيه الذهب اليوم الجمعة 9 مايو 2025    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 9 -5 -2025 الطن ب 4000 جنيه    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    السيفيتشى ولحم الماعز .. أبرز الأطباق المفضلة لبابا الفاتيكان الجديد    المستشار الألمانى يطالب ترامب بإنهاء الحرب التجارية وإلغاء الرسوم الجمركية    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    محمد صلاح يواصل كتابة التاريخ مع ليفربول.. رقم قياسي بجائزة لاعب العام    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    حافلة الزمالك تصل إلى ستاد المقاولون العرب لمواجهة سيراميكا    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    إصابة 10 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص على طريق الواحات بالمنيا    في «دورة الأساتذة».. تكريم «حنان مطاوع ورياض والغرباوي» بالمهرجان العالمي للمسرح    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    ملتقى الثقافة والهوية الوطنية بشمال سيناء يؤكد رفض التهجير والتطبيع مع الكيان الصهيوني    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    الزمالك في جولته الأخيرة أمام المقاولون في دوري الكرة النسائية    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    مصر أكتوبر: مشاركة الرئيس السيسي في احتفالات موسكو تعكس تقدير روسيا لدور مصر    ضبط لصوص الهواتف المحمولة والمساكن في القاهرة    دون وقوع إصابات... سقوط سلك كهرباء تيار عالي على 3 منازل بكفر الشيخ والحماية المدنية تخمد الحريق    ضبط شخص بالوادي الجديد لقيامه بالترويج لبيع الأسلحة البيضاء بمواقع التواصل    إدارة شئون البيئة بالإسماعيلية تعقد حلقات حوارية للصيادين ببحيرة التمساح (صور)    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    رئيس مصلحة الضرائب: رفع نحو 1.5 مليار وثيقة إلكترونية على منظومة الفاتورة الإلكترونية حتى الآن    وزير الري يؤكد سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ دعما للمستثمرين    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز توت عنخ آمون استعدادا للافتتاح الرسمي    محمد رياض يعلن تشكيل اللجنة العليا للدورة ال18 للمهرجان القومى للمسرح    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    قصة وفاء نادرة.. كيف ردّ النبي الجميل لامرأتين في حياته؟    صادرات الصين تتخطى التوقعات قبيل محادثات مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    «الصحة» تُطلق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد والجهاز الهضمي    لطفل عمره 13 عامًا وشقيقته هي المتبرع.. نجاح أول عملية زرع نخاع بمستشفى أبوالريش المنيرة    إطلاق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد ومراكز الجهاز الهضمي باستخدام تكنولوجيا التطبيب «عن بُعد»    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    وزيرة البيئة: التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا عوامل مُمكّنة وحاسمة للعمل المناخي    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة دُسُوق وقُراها في العصر المملوكي
نشر في المصريون يوم 18 - 01 - 2018

نوقشت مؤخراً في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة – قسم التاريخ والحضارة، رسالة ماجستير بعنوان "مدينة دُسُوق وقُراها في العصر المملوكي (648-923ه / 1250-1517م) - دراسة حضارية" للباحث أحمد عبدالفتاح..المعيد بالكلية،بإشراف فضيلةِ الأستاذِ الدكتورْ مُحمد علي عبد الحفيظ -أستاذُ التاريخِ والحضارةِ في كليةِ اللغةِ العربيةِ بالقاهرةْ، ووكيلُ كليةِ الدراساتِ العُليا – جَامِعَةِ الأزهرْ.
وتُعدُّ دراسةَ الأحوالِ الحضاريةِ للمدنِ المِصْرِيةِ في العصرِ الإسلاميِ مِنَ الدراساتِ المشوقةِ والطريفةْ، وفي الوقتِ ذاتهِ هِيَ من الدراساتِ الشاقةْ، لنَدرةِ المعلوماتِ وتناثُرِها بين مُختَلَفِ المصادرِ التاريخيةِ، والدينيةِ، والجغرافيةِ، والأدبيةْ. وهيَ من الدراساتِ التي لم تَنَلْ قدرًا كَافيًا مِنَ اهتمامِ ورعايةِ الباحثينْ؛ نظرًا لاتجاهِ كثيرٍ مِنَ الباحثينَ إلى دراسةِ التاريخِ العامِ لمِصْرَ الإسلاميةْ، والتركيزِ على دراسةِالأحداثِ السياسيةْ، وقلةِ العنايةِ بالجوانبِ الحضاريةْ، ومِنَ المعروفِ أَنَ دِرَاسةَ الجوانبِ الحضاريةِ للمدنِ المِصْرِيَةِ الكبرىْ وخاصةً القاهرةَ والإسكندريةَ قد استحوَذَتْ على اهتمامِ كثيرٍ مِنَ الباحثينْ؛ مما أَدَىْ إلى إهمالِ دِرَاسَةِ بَقِيةِ المُدُنِ المحليةِ دِراسةً أكاديميةً علميةً مُتخصصَةً إلا فيما نَدَر.لذا فإن دِراسةَ حضارَةِ هذه المُدنْ، والمُنشآتِ المِعماريةِ التي تخلفَتْ فيها مِنْ عصورٍ طويلةْ، قد تُؤدِى إلى استكمالِ صورةِ المجتمعِ المصريِ من كافةِ جوانبهْ، وموضوعُ هذه الدِرَاسَةِ "مدينةُ دُسُوقٍ وقُرَاها في العصرِ المملوكِي" من هذا الصِنفْ.
وبيّن الباحثأن دافعه الرئيسِ لاختيارِ موضوعِهذه الدِرَاسَةِ،يَرجِعُ إلى الخُصُوصِيَةِ التي تَمَيَزَتْ بِهَا مدينةُ "دُسُوقٍ" طوالَ تاريخِهَا، وفي العصرِ المملوكِيِّ على وجهِ التحديدْ؛ حيثُ كانت مِنْ أَهَمِ مُدُنِ الدِلتا خلالَ هذه الفترةِ التاريخيةْ، وقد استمدَتْ شُهْرَتَهَا من ضريحِ ومسجدِ العارفِ باللهِالشيخِ إبراهيمَ الدُسُوقيْ.
وأشار إلى أنها تَمَيَّزَتْ بِأنَهَا كانت مِنَ المراكِزِ التِّجاريةِ المُهِمَةِ في وسطِ الدِلتا؛ وذلك لوقوعِها على الطريقِ المائِيّ بين ساحلِ البحرِ المتوسطْ والقاهرةْ – عبرَ فرعِ رشيدْ، فكانتْ حَلْقَةَ الوصلِ بين القاهرةِ والإسكندريةْ، فالسفنُ القادمةُ من القاهرةِ إلى الإسكندريةِ والعكسِ كانتْ تمرُّ عليها؛ ولهذا اهتمَّ بها السلاطينُ والأمراءُ المماليكْ، وبخاصةٍ في النشاطِ الاقتصاديْ، فكانتْ مركزَ نشاطٍ وجذبٍ دينيٍ، وعلميٍ، وتِجاريٍ طوالَ العصرِ المملوكِيْ.
وقد قسم الباحث هذه الدِرَاسَةِ إلى: مقدمةٍ، وتمهيدٍ،وستةِ فصولٍ، وخَاتِمَةٍ،وعددٍ من الملاحقِ، ثم ثَبَتٍ بالمصادرِ والمراجعِ، وفِهرِسٍ للموضوعاتْ.
أما المقدمةُ: فتتضمنُتعريفًا عامًا بالموضوعِ، وأهميَتِهِ، والدراساتِ السابقةِ، وأسبابِ اختيارِ الموضوعِ، والهدفِ من الدراسةِ، والمنهجِ المتبعَفي الدراسةْ، وخُطَةِ البحثِ، ثم تحليلًا لأهمِ المصادرِ والمراجعْ.
وقد جاءَ التمهيدُ تحتَ عُنوَانْ: دُسُوق (نشأتُهَا وتطوُرُهَا الإداريّْ)تَحَدَثْ فيه عن أصلِ التسميةِ، والموقعِ الجغرافيِ، والتطورِ الإداريِ للمدينةْ، مُتَتَبِعًا ذلك مُنذُ أن كانتْ "دُسُوقْ" كَورَةً تابِعَةً لأَبْرُوشِيَّةِ قسم ثاني بالوجهِ البحريّْ، والتي كانت قاعِدَتُهَا مدينةَ "كبَاسَا" قبل الفتحِ الإسلاميِّ لمِصرْ، وصولًا إلى ظُهُورِهَا كمدينةٍ تتمتعُ باستقلالٍ إداريٍ من نواحِي أعمالِ الغربيةِ في العصرِ المملوكِي.
وتَنَاوَلَ الفصلُ الأولْ: "قُرَىْ مدينةِ دُسُوقِ"، تحدث فيه عن القُرىالقديمةِ المُنْدَرسَةْ، والقُرَى القديمةِ الباقيةْ، والموقعِ الجغرافيِّ لكلِ قريةٍ، وأَعلامِهَا، وما وَرَدَ عنها في المصادرِ، والمراجعِ الجغرافيةِ والتاريخيةِ المتنوعةْ.
وجَاء الفصلُ الثَانِيْ تحت عُنوانْ: "النشاطُ الاقتصاديُ في دُسُوقٍ وقُراهَا خلالَ العصرِ المملوكِي" تحدث فيه عن الأراضيِ الزراعيةْ، والحرفِ والصناعاتْ، ثم انتقل إلى الحديثِ عن النشاطِ التِّجاريِ بالمدينةْ.
وحَمَلَ الفصلُ الثَالثُ عُنوانْ: "الحياةُ الاجتماعيةُفي دُسُوقٍ وقُرَاها خلالَ العصرِ المملوكِي" افتتحهُ بالحديثِ عن عناصرِ السكانِ المختلفةْ، كما تحدث عن رِحْلاتِ السلاطينِ الترفيهيةْ، وتَأثيرِهَا الإيجابِيِّ والسلبِيِّ على المدينِةْ، وانتقل من هذهِ النقطةِ إلى الحديثِ عن العاداتِ والتقاليدِ الاجتماعيةْ، والأعيادِ والاحتفالاتِ وأماكنِها، ثمَّ تحدث عن الأزماتِ التي حَلَتْ ب "دُسُوقٍ" وقُرَاهَا، وأَثَرِ ذلكَ على أوضاعِ المجتمعْ.
وخصص الفصلَ الرابعَ للحديثِ عن: "الحياةِ العلميةِفي دُسُوقٍ وقُرَاهَا خلالَ العصرِ المملوكِي"، تحدث فيه عن النشاطِ العلميِّ ب "دُسُوقْ"، وأشهرِ المؤسساتِ التعليميةِ بِهَا، وأهمِ العلومِ، ودَورِ علماءِ"دُسُوقْ" في هذهِ العلومْ، واستعراضِ مُؤلفَاتِهمِ وإسهَامَاتِهِمْ العِلمِيَّةْ.
وتَنَاوَلَ الفصلُ الخامسُ: "الحياةَ الدينيةَفي دُسُوقٍ وقُرَاهَا خلالَ العصرِ المملوكِي"، تحدث فيهِ عن النشاطِ الدينِيِّ ب "دُسُوقْ"، وعن التصوفِ، وانتقل إلى الحديثِ عن الحركةِ الصُوفِيَةْ، والمُتَصَوِفَةْ ب "دُسُوقْ"، ثم خَتَمالفصلَ بالحديثِ عن الأوقافِ والوظائفِ بالجامعِ والمقامِ الدُسُوقِي.
وخَصْصْ الفصلَالأخيرَ للحديثِ عن: "العُمرانِفي دُسُوقٍ وقُرَاهَا خلالَ العصرِ المملوكِي"، تحدث فيه عن العُمرانِ بمدينةِ"دُسُوقْ" في العصرِ المملوكِي بكافةِ أشكالهْ؛ باعتبارهِ أَحَدَ المظاهرِ الحضاريةِ المهمةْ.
ثم جَاءتْ الخاتمةُ؛ لتتضمنَ أهمَّ النتائجِ التي تَوَصَلَ إليها الدِرَاسَةْ، ومِنهَا:
أولًا: كانَتْ مدينةُ "دُسُوقٍ" قبل الفتحِ الإسلاميِّ لمِصرْ كَورَةً تابعةً لأَبرُوشِيَّةِ قسم ثاني بالوجهِ البحريّْ، والتي كَانت قاعدتُها مدينةَ "كبَاسَا"، ثم بعد الفتحِ الإسلاميِّ في فترةِ الكُوَرِ الصُغرَىْ أصبحتْ قريةً أو ضاحيةً تتبعُ كَورَةَ "شباس"، وفي فترةِ الكُوَرِ الكُبرَىْ كانت تابعةً لكَورَةِ "السَّنْهُورِيَّةْ"، وفي العصرِ المملوكِي ظهَرَتْ كمدينةٍ تتمتعُ باستقلالٍ إداريٍّ من نواحي أعمالِ الغربيةْ.
ثانيًا: حيازةُ الأراضيْ الزراعيةْ بمدينةِ "دُسُوقٍ" وقُرَاهَا في العصرِ المملوكِي لم تستقرَّ على نمطٍ واحدْ بل حدثَ لها العديدُ من التغيراتْ، فكانتْ معظمُ أراضيْ مدينةِ "دُسُوقٍ" في بدايةِ الدولةِ المملوكيةِ تخضعُ للديوانِ السلطانيّْ مع قلةٍ بسيطةٍ كانت للإقطاعِ والأوقافِ وبقيةِ الحيازاتِ الأخرىْ، ثم تعرضَتْ هذه الأراضيْ للضعفِ والتدهورِ بسببِ بَيعِهَا عن طريقِ بيتِ المالْ، حيثُ أصبحتْ أملاكًا وأوقافًا.
ثالثًا: مِنْ خلالِ العرضِ العامْ للطوائفِ والفئاتِ التي تكوَّنَ مِنهَا المجتمعُ في مدينةِ "دُسُوقٍ" وقُرَاهَا في عصرِ سلاطينِ المماليكْ، نَجِدُ أن هذه الطبقاتِ متميزةٌ بعضُهَا عن بعضِ في خصائِصِهَا وصفَاتِهَا ومظاهِرِهَا فضلًا عن نظرةِ الدولةِ إليهاْ، ومقدارِ ما تتمتعُ به من حقوقٍ أو تقومُ بهِ من واجباتْ.
رابعًا: كانت مدينةُ "دُسُوقٍ" من أماكنِ التنزهِ والفسحِوسرحاتِ الصيدِ للسلاطينِ والأمراءْ، حيثُ كانوا يقومونَ بالتجولِ فيها لعدةِ أيامٍ للاستجمَامِ وصيدِ الحيواناتِ البريةْ، وكان لهذه الرِحْلاتِ الترفيهيةِ دَوْرٌمُهِمٌ في الحياةِ الاقتصاديةْ.
خامسًا: الدَّوْرُ الفَاعِلُ الذي نَهَضَتْ بِهِ المُؤسساتُ التَعليمِيةُ في تطويرِ وازدهارِ النشاطِ العلميِّ بدُسُوقٍ وقُرَاهَا، ودَوْرُ الدولةِ في رصدِ الأوقافِ لإمدادِ هذه المؤسساتِ بكلِ ما تحتاجُهُ في سبيلِ نهضةِ العلمِ وتشجيعِ طلابِهْ، ويَبْرُزُ هذا الأمرُ جليًا من خلالِ درجةِ شيوعِ تلك المؤسساتِ على اختلافِهَا.
سادسًا: شهِدَتْ الحركةُ الصوفيةُ بمدينةِ "دُسُوقٍ" خلالَ عصرِ المماليكِ ازدهارًا واسعًا، ويبدو أن السلاطينَ كانوا على معرفةٍ بقدرِ هذه الحركةِ وتَأثيرِ أتباعِهَا، فنَالتْ مِنهُمْ الرعايةَ والتشجيعَ طلبًا للأجرِ والثوابْ، وربما لأغراضِ أخريْ.
سابعًا: شجعَتْ مكانةُ الشيخِ "الدُسُوقيْ" في قلوبِ الناسِ – على الرحلةِ إلى ضريحهِ وجامعهِ، للزيارةِ، والتبركِ، والاستماعِ إلى ما يُذْكَرُ من مَنَاقِبَ وكراماتِ وأقوالِ الشيخْ، مع ما يُصاحِبُ ذلِكَ، عَادَةً، من إقامةِ الشعائرِ، وخُطَبِ الجمعةِ، ودُرُوسِ الوعظِ والإرشادْ، وما يَتَخللُهَا من الآياتِ القرآنيةْ، وتفسيرِهَا، وأحاديثَ نبويةْ، حتى غَدَا الجامعُ منارةً علميةً، ومقصدًا للزيارةْ، ومُثَارَ اهتمامٍ من حكامِ البلادِ، تمَثلتْ في تجديدهِ، وتوسعتهِ في فتراتٍ متلاحقةْ، وحُبِسَ على المسجدِ الكثيرُ من الأملاكِ والعقاراتِ يُصرَفُ رِيعُهَا على الجامعِ والعاملينَ بهِ وطلابِ العلمِ، وكانت الدراسةُ تسيرُ فيهِ على منوالِالدراسةِ في الجامعِ الأزهرْ.
وأخيرًا: أظهَرَتْ الدراسةُ أنَ جامعَ الدُسُوقيّْ لم يكُنْ جامعًا لأداءِ الصلاةِ ومدفنًا للدُسُوقيِّ فحسبْ، بل كان عبارة عن مُجَمَعْ معماريِ ضخمْ، ضمَّ مجموعةً فريدةً مِنَ المبانِيْ مِنَ النادرِ أن نراهَا مُجتَمِعَةً في مبنًى واحدْ، فقد اشتمَلَتْ على مسجدٍ جَامِعْ، ومَدرَسَةٍ للعلومِ الشرعيةْ، وخَانُقاةٍ بِهَا ثمانيةٌ وعِشرُونَ من الصوفيةْ، وقبةٍ ضريحيةٍ كبيرةٍ دُفِنَفيها "الدُسُوقيّْ"، وقُبَتَيْنِ صغيرَتَينِ دُفِنَ في أحَدِهِمَا أخوهُ الشيخُ "مُوسى"، كما اشتملَ المُجَمَعُ على وحدةٍ مِعماريةٍ فَرِيدةْ عُرِفتْ باسمِ "حوشِ السماعْ"، مُخَصصةً لِسَمَاعِ الذِكْرِ والمَدَائِحِ النَبَويَةْ، ومَنَاقِبِ الدُسُوقيّْ، ومَقصُورَةٍ للنساءِ مُخصصةً لإقامةِ النساءِ الزائراتِ للمقامِ أثناءَ مُوْلِدْ "الدُسُوقيّْ"، كما أُلحِقَ بِهَذا المُجَمَعِ مَجمُوعَةٌ من الملاحقِ لخدمةِ القاطنينَ بالجامعِ والمترددينَ عليهِ مثلَ السبيلِ، والكتابِ، والمطبخِ، والبئرِ، والطاحونةِ، والفرنِ، ومخازنِ الطعامِ، وغَيرِهَا.
وقد استخدم الباحثالمنهجِالتاريخيِ التحليليِ الوصفيّْ،بجانبِ النقدِ والقياسِوالاستنتاجْ، مع استخدامِ وسائلِ الإيضاحِ من خرائطَ،وجداولَ، ولوحاتٍ، وأشكالٍ، وزياراتٍ ميدانيةْ؛ مما يُساعِدُ على فَهْمِ الدَورِ الحضاريِ للمدينةِ وقُراهَا، وبيانِ مدَىْ تأثِيرِها وتَأثُرِها في المجالاتِ المختلفةِ إبَّانَ تلكَ الفترةِ المُخصصةِ للدراسةْ.
وقد اعتَمَدَ أيضاً في هذه الدِرَاسْةُ على ما تَوَفَرَّ لها من المَصَادرِ الأصِيلةْ، وفي مُقدمَتِهَا: الوثائقُ غَيرُ المنشورةِ التي تم الحصولُ عليهَا، ومن أمثلةِ هذه الوثائقِ المرتبطةِ بِمدينةِ "دُسُوقٍ" وقُراهَا في العصرِ المملوكِي:
حُجَةُ وقفٍ رَقْمُ (809) للسلطانِ "أبي سعيدٍ خُشقَدَم" بتاريخِ (25 ذو القِعدَة سنةَ 868ه/1463م)؛ وقد تَعرَفْتُ من خلالِ هذه الحُجَةِ على الأراضيِ والعقاراتِ التي أَوقَفَهَا السلطانُ خُشقَدَم على الجامعِ، والمقامِ الدُسُوقيّْ، وعلى أسماءِ بعضِ القُرَى ب "دُسُوقْ"، كما أَفَدتُ منها في معرفةِ الوظائفِ التي رَتَبَها السلطانُ بالجامعِ والمقامِ الدُسُوقيّْ، والأعمالِ المعماريةِ التي قام بِهَا.
حُجَةُ وقفٍ رَقْمُ (810) باسمِ السلطانِ"أبي النصرِ قايتبَاي"، بتاريخِ (13 رمضانْ سنة 886ه/1481م)، وكَانَتْ هِيَ المصدرَ الرئيسَ في التعرُفِ على مظاهرِ الحياةِ الدينيةْ، والتصوفِ في "دُسُوقْ" مِن خلالِ ما وَرَدَ بِها عن الأوقافِ التي أوقفهَا السلطانُ"قايتباى" على مسجدِ وضريحِ الشيخِ إبراهيمَ الدُسُوقيْ، وعلى الصوفيةِ القاطنينَ والمترددينَ عليهِ، وعلى المَوَالِدِ التي تُقَامُ بِهِ، فضلًا عن أربابِ الوظائفِ الذين رَتَبَهُم في هذا المكانْ، كَمَا أَمَدَتنِي هذه الحُجَةُ بتفاصيلِ الأعمالِ المِعماريةِ التي قام بِها السلطانُ"قايتباى" بمسجدِ وضريحِ الدُسُوقيْ، وقَدَّمَتْ ليَ وصفًا مِعماريًا دقيقًا لكُلِ جزءٍ من أجزاءِ المسجدِ ومُلحقَاتِهْ.
وفي النهاية نوصى بطباعة هذه الرسالة في إحدي الهيئات الثقافية الحكومية تتمة للفائدة، وتشجيعاً للباحثين على تناول بقية الكور المصرية في دراسات أكاديمية أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.