ذكرت فى مقالات سابقة على صفحات هذه الجريدة الغراء، ويحضرنى منها فى هذا المقال: "تعالوا إلى كلمة سواء"، و"الدستور بين الواقع والمأمول"، و"يوم لا ينفع الندم"، و"ليس هناك شىء نقتسمه"، و"ما هو الحل".. وذكر عديد من الكتاب المحترمين ينبهون إلى خطورة الاختلاف والتناحر حول كتابة الدستور وأن الهدف من وضع دستور للبلاد هو عقد اتفاق يرضى عنه الجميع ويتوافقون حوله لأنه دستور يساوى بين الجميع فى الحقوق والواجبات ويحفظ للناس جميعا حريتهم وكرامتهم وكيانهم وحقوقهم القانونية، وهذا هو المطلوب من الدستور، وفى النهاية الشعب هو من سيقرر ما إذا كان يقبل به أو يرفضه، ولكن ما يحدث الآن من تخوين كل فصيل للآخر والتهديد الدائم لبعض ممثلى الأحزاب الورقية بالانسحاب من اللجنة التأسيسية مع أنه فى تخيلى أنه ليس لهم الحق فى التمثيل من الأساس، إذ كيف لحزب لا يملك إلا مقرا وصحيفة ولم يستطع دخول البرلمان بغرفتيه الشعب والشورى ولو حتى بمرشح واحد، أن يطالب بتمثيله فى اللجنة التأسيسية لوضع الدستور وفى كل مرة يتآمر وينسحب مع المنسحبين. أنا فى تخيلى أنه بعد تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور بعد اتفاق جميع الأطراف عليها وبرئاسة الرجل القوى صاحب الخلق والمبدأ المستشار الفاضل حسام الغريانى رئيس محكمة النقض وبالتزكية أن من ينسحب من هذه اللجنة يعد غير مسئول أو مدرك للمسئولية التى ألقيت عليه تجاه الشعب أولا، والوطن ثانيا، ويجب أن لا يسمح له بالرجوع أبدا إلى اللجنة ويدخل بدلا منه شخص آخر يتحمل ويقدر المسئولية الملقاه على عاتقه، يا سادة لابد أن نفهم وندرك أن اختيار أى شخص للمشاركة فى وضع دستور مصر هو شرف ما بعده شرف، قبل أن يكون اختيار لكفاءة قد تكون ليست فيه وقد تكون متوفرة فى عديد من الرجال المخلصين فى هذا البلد، ارحموا مصر يرحمكم الله، وإلا سيحاسبكم التاريخ حسابا عسيرا على ما تفعلوه فى حق هذا البلد المنكوب بنخبته من أشباه المثقفين أو بالأحرى مدعى الثقافة قبل أى نكبة أخرى. الناس ضجت منكم وملتكم وتريد حلا عاجلا وسريعا ولا نريد هدم ما تم إنجازه فى العام ونصف العام الماضى، وأجزم بأنه حتى لو تخلى حزبا النور والحرية والعدالة عن نسبة تمثيلهم كاملة فى التأسيسية سوف لا يعجب البعض من العلمانيين أو الليبراليين، وسيقولون عندها أنه تكتيك جديد وأنهم تركوا مواقعهم كى يدعموا تيارا بعينه فى التأسيسية ليلبى لهم مصالحهم، هذا راجع إلى أنه يوجد البعض من بنى الوطن لديهم حالة من العظمة الواهية من ناحية، ومن ناحية أخرى لديهم حالة من الشك الدائم بل التشكيك والتخوين ويؤمنون بنظرية المؤامرة إيمانا مرضيا. ومهما حاولت أن تقنعهم بأن ما يفكرون فيه ليس صحيحا دون إدراك منهم أن هذه السياسة لا هدف من ورائها إلا تقسيم الشعب إلى سلفى وإخوانى وليبرالى ومسيحى وكنبى الحزب، أليس جميعنا مواطنين مصريين ولدنا بدون اختيار منا فى هذا الوطن ويجب أن نعيش فيه متساوين فى الحقوق والواجبات، ولو عدنا إلى ما يحدث فى اللجنة التأسيسية وانسحاب البعض منها هم تقريبا نفس الأشخاص السابقين أو نفس التيارات، وواضح أنهم يدبرون لشىء ما مع أطراف داخلية وخارجية أيضا لإفشال اللجنة، فهاهم يتفقون فى المساء وينقضون الاتفاق فى الصباح تماما مثل مفاوضات الفلسطينيين مع الإسرائيليين كلما تنازلوا عن شبر بدأوا التفاوض على الشبر الذى يليه وهلم جر ولن يأخذ الفلسطينيون شيئا منذ بدء التفاوض فى أوسلو، وأنا هنا لا أقصد تشبيه فصيل من المصريين بالإسرائيليين أيا كان الاختلاف بينهم، حاشا لله ولكن المشهد يبدو لى سمة تشابه فى الطريقة. لذلك نادى الكثير من الشرفاء الغيورين على هذا البلد جميع الفرقاء إلى التنازل وإيثار بعضهم البعض وبالأخص أعضاء الحرية والعدالة والنور بصفتهم الأكثرية فى المجلسين إلى خلخلة الوضع وتقليل عددهم فى اللجنة إلى الحد الأدنى وأن يختاروا أناسا شرفاء من غير المنتمين إلى الحزبين وسيعدون دستورا ملبيا لرغبات المصريين وسيكون أفضل من أن يضعوه هم لأنهم مهما فعلوا لن يرضوا أعضاء الأحزاب المنسحبة، وبالمناسبة فإن الأحزاب المنسحبة باستثناء ثلاثة أو أربعة أحزاب كثير منهم من النظام السابق أو من حوارييه حتى بعض المستقلين وهم يحاولون وشركاؤهم فى المجلس وخارجه أن لا يتم تشكيل اللجنة وبعد أن تم تشكيل اللجنه وتوافق عليها أغلبية فئات المجتمع ما زال البعض يعول على قرار المحكمة الدستورية الذى قد يتأخر البت فيه هذه المرة، لأن موضوع الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا والتى قضت بتأجيله إلى سبتمبر القادم. إن وجود رجل قوى مثل المستشار الغريانى على رأس اللجنة ووجود رئيس جمهورية محترم مثل الدكتور محمد مرسى على رأس الدولة ومجلس أعلى للقوات المسلحة حريص على مصلحة الوطن ويعى تماما مشاكله الحدودية سيعجل بإنجاز الدستور فى أسرع وقت ممكن وستسير الأمور فى هذا البلد لما فيه خير الجميع إن شاء الله تعالى، حمى الله هذا البلد شعبا وجيشا.. اللهم آمين. [email protected]