مع إعلان فوز فخامة الرئيس كانت دموع الأحرار فى أرجاء المعمورة تنهمر فى بكاء هستيرى، إنها لحظة لم نسمع بمثلها فى التاريخ، دموع غسلت كل ما فى الماضى من هم وغم، واضطهاد وكرب، واستبداد وتكبر، لقد سحت الدموع على العيون سخية، وما أكثر دموعنا، لكنها هذه المرة دموع فرح، دموع انتصار، دموع أمل فى غد مشرق، دموع عيون طالما تقلبت فى السماء ولهجت الألسنة بأن يزيح الله الغمة، وأن يفرج عن مصر ما هى فيه، لم يكن مستغربًا أن تكون أول تغريدة للداعية الإسلامى الدكتور عائض القرنى بعد إعلان فوز مرشح الثورة الدكتور محمد مرسى برئاسة مصر الحرة بقوله: "لله الأمر والتدبير يا مرسى.. من السجن والتعذيب إلى القصر والكرسى". لقد راهن الفلول على حصان أعرج، وراهنوا على ذمم الشعب الذى ردح تحت الفقر سنوات طويلة، وانطلقت أبواق مأجورة فى حرب مسعورة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً فى تشويه مرشح الرئاسة وإطلاق الإشاعات حتى صوروا الثوار قتلة للمتظاهرين، وحتى أوهموا العامة أن مرشح الفلول كان قائدًا للثورة، تغنى أصحاب المصالح بمرشحهم، وتفنن إعلام الفلول فى تشويه صورة فخامة الرئيس محمد مرسى، ولم يكن عجيبًا أن يتابع العالم عض الإصبع بين الثوار والفلول، وأن تكتم الدنيا أنفاسها وهى تراقب عن كثب ما يدور فى أرض الكنانة، أكاد أجزم أن كل أحرار العالم المشتاقين إلى الحرية قد بكوا جميعًا من الفرح والأمل، فكان انتصار مرسى الذى حررته الثورة من القيد ليصبح سيد القصر، وكان الهم والغم الذى نقل سيد القصر المخلوع إلى السجن، أليس هذا كفيلاً بأن يسيل دموعنا، لقد تعلق رفقاء الربيع العربى بهذا الأمل فى سوريا، أوقن تمام اليقين أن دعوات الثوار فى سوريا كانت قبل دعوات المصريين، وأن دعوات المرابطين على الحدود فى غزة سبقت دعوات المصريين، لقد تشبثنا بالأمل فى نصر الله فأرانا الله آية قرت بها عيوننا، واستراحت بها نفوسنا، نفضنا عن أنفسنا غبار السنين، وألقينا عن كواهلنا ظلم الحكم البائد، تذرعنا بالأمل يوم حاول الإعلام أن يشوه الثورة، ورأينا بأم أعيننا كيف تلون الكثيرون كالحرباء، وانتشينا حين شربنا نخب النصر ولم يكن محرمًا، هاتفنى صديق لى من السودان فلم أسمع له صوتاً لكثرة بكائه، وهو لا يردد غير كلمة واحدة، الله أكبر يا إيهاب، الله أكبر، انتحبنا سويًا، بكينا معًا، كانت الدموع كفيلة بأن تريحنا قليلاً، اليوم استراح ذوو الشهداء وقد رأوا آية الله فى مصر، سجين يطلق، وطليق يسجن، ألم يك نصر الله لمصر كفيلاً بأن ندرك أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء لن ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشىء لن يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك، أنفقوا الأموال وكنت أوقن بفضل الله أن ستكون عليهم حسرة، وأنهم سيغلبون، حاولوا شراء الذمم فتعالى المصريون وأثبتوا للدنيا أنهم أغلى من أن يباعوا أو يشتروا، بقيت فى الميدان أصوات هادرة، وجموع تزأر وأقسمت أن لا تترك الميدان حتى تتحقق المطالب غير منقوصة، وأن يتولى الرئيس بكامل صلاحياته، وأن يلغى الإعلان الدستورى المكبل لا المكمل، إننا اليوم نشهد عرس الوحدة، وروح الثورة، وقد سرت فى العروق من جديد، إننا نستشعر فرج الميدان الأصم برواده الذين عادوا إليه فى لحمة يشهد بها القاصى والدانى، فلتصمد الحشود حتى يسترد الشعب حريته.