أفرد الكاتب الصحفي الأمريكي، توماس فريدمان، مقالًا عن قرار نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، واصفًا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالأحمق، وذلك بعد إعلانه نقل سفارة بلاده إلى القدس؛ إذ إنه بذلك خسر أكبر الأوراق الرابحة في قضية الشرق الأوسط . أفكر في تأليف كتاب يتناول سياسة الرئيس ترامب الخارجية في السنة الأولى، وقد اخترت اسمًا بالفعل إلا وهو "فن الهبة"، لأنه عاش فيما يقرب من 30 عامًا من الخبرة في تغطية السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مضيفًا أنه لم ير في حياته رئيسًا أمريكيًا، خلال تغطيته للسياسة الخارجية الأمريكية لمدة 30 عامًا، يقدم الكثير من التنازلات مقابل القليل بدءًا من الصين وإسرائيل . ففي كل من المملكة الوسطى وإسرائيل بدأت احتفالات أعياد الميلاد مبكرًا هذا العام، إذ أخذ الصينيون واليهود يهمسون في آذان أطفالهم "لدنيا بالفعل سنات كلوز، واسمه دونالد ترامب" . ولكن لا أحد يستطيع لومهم، فبالنظر إلى إسرائيل فإن كل حكومة إسرائيلية منذ تأسيس إسرائيل تحاول الحصول على اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بأن القدس عاصمة لها، ولم تتجرأ أي حكومة أمريكية على هذه الخطوة، مبررين أن مثل هذه الخطوة يجب أن تأخذ بعد الوصول إلى اتفاق سلام نهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين . واليوم اعترف "ترامب" بالقدس عاصمة لإسرائيل، مجانًا، وتساءل "فريد مان" في مقاله "لماذا تعطي القدس لإسرائيل مجانًا، وحتى لا تستخدم ذلك ورقة ضغط لدفع أحد الاتفاقيات بين الإسرائيليين والفلسطينيين . وكان من الممكن على "ترامب" أن يقول لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، أمرين؛ الأول: "عزيزي.. كنت تطلب مني بإلحاح أن أعلن القدس عاصمة لإسرائيل، حسنًا، سأفعل ذلك، ولكن أريد عقد صفقة، وهذا ما أريده منك في المقابل، أريدك أن تعلن نهاية بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية خارج نطاق الاستيطان الإسرائيلي، والتي يتوقع أن تكون جزءًا من الدولة الإسرائيلية حال فصل الدولتين . ويرى "فريدمان" أن مثل هذه الصفقة أمر ضروري، فإنها ستجلب ميزات حقيقية لمصالح الولاياتالمتحدة وعملية السلام بأكملها. وكان بإمكان "ترامب" أن ينفذ ما اقترحه، وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، مارتن إنديك، فيبلغ الحكومة الإسرائيلية أنه قرر أن يبدأ في نقل السفارة إلى القدسالغربية، ولكنه يعلن في الوقت نفسه نيته في إنشاء سفارة أمريكية للقدس الشرقية في القدس، وأن يشترط هذا كجزء من أي اتفاق نهائي بشأن الوضع هناك، الأمر الذي لن يجعلنا نظهر بأننا أخذنا اتفاقًا من جانب واحد، ما يعقد إرساء السلام، وأيضًا سيترك الباب مفتوحًا أمام الفلسطينيين. وفي كلتا الحالتين فإن "ترامب" يمكنه أن يتفاخر بأنه قدم للجانب الإسرائيلي والفلسطيني، ما لم يستطع باراك أوباما نفسه تقديمه أبدًا، الأمر الذي من شأنه دفع عملية السلام ويؤكد مصداقية الولاياتالمتحدة ولا يحرج حلفاء أمريكا من العري، ولكن "ترامب" أحمق"، لأنه مغرور ويظن أن العالم بدأ في اليوم الذي تم انتخابه فيه، ولهذا يسهل خداعه، وإن كنت تريد التأكد من ذلك اسأل الصينيين، إذ إنه ألغي اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ دون قراءتها ولن يطلب من الصين أي تنازلات تجارية في المقابل، وبذلك ألقى "ترامب" بكل بساطة الوسيلة الوحيدة الأكثر قيمة في تشكيل المستقبل الجغرافي الاقتصادي للمنطقة، وهي الوسيلة الوحيدة للضغط على الصين لفتح أسواقها أمام بضائع أمريكية أكثر .