الحدث الأكبر هذا الأسبوع ، والذي غطى على ما عداه في مصر ، هو اعتقال الفريق أحمد شفيق في الإمارات فجأة وترحيله إلى مصر على طائرة خاصة ، مع الإبقاء على أسرته هناك ، ثم اختفاء شفيق وأخباره الشخصية عقب وصوله إلى القاهرة مساء أمس السبت ، وهو الحدث الذي نزل كالصاعقة على عقول ومشاعر ملايين المصريين ، وأصبح حديث الجميع ، وحديث الصباح والمساء كما يقال . شفيق كان قد أعلن أنه يريد القيام بجولة انتخابية في فرنسا وأمريكا ودول أخرى للالتقاء بالجاليات المصرية وربما أيضا مسئولين في مراكز القرار الدولي ثم يعود بعدها إلى مصر لخوض معركة الانتخابات ، ثم اشتكى من أن الإمارات تمنعه من السفر ، ثم ظهر مسئول إماراتي وقال أنه حر يذهب إلى أي مكان يريد وهجاه وأهانه ، ثم تحدث شفيق مع محاميته ومع أصدقاء مصريين له من سياسيين ونشطاء ومحامين فأخبرهم أنه يجهز نفسه للسفر إلى فرنسا خلال أيام قليلة ، وتردد أنه حصل على دعوة رسمية فرنسية ، وبينما الناس تنتظر خبر مغادرة شفيق إلى باريس إذا بالخبر المفاجئ الذي أعلنته محاميته بأنه تم اعتقاله في الإمارات وترحيله إلى مصر على طائرة خاصة ، أي أن وجه الاستعجال والضمان كان ملحا ، وهو الأمر الذي لم يعلق عليه أي مسئول مصري ولا إماراتي ، لا الجهة التي سلمته ولا الجهة التي تسلمته ، وكل ما نشر عبارة عن أخبار غامضة ومجهلة لوسائل إعلام إماراتية تقول أنه غادر البلاد . الإمارات احتضنت شفيق طوال خمس سنوات ، وقدمت له الرعاية والتأمين والدعم بمختلف صوره ، وكانت له صداقات وثيقة وعميقة مع عدد من قادتها ومسئوليها ، لذلك تطورات إعلانه وشكواه ثم اعتقاله وترحيله تبدو عصية على الفهم لدى كثيرين ، ومازالت مطروحة للتشكيك والتساؤل ، هل غضبت عليه الإمارات بالفعل ، وعلى الجانب الآخر ، هل طلبت مصر تسليمه قبل أن يسافر إلى فرنسا ، وهنا نذكر أن الإعلامي المصري الشهير عمرو أديب ، وهو المتحدث باسم (القوم) ، قبل الواقعة بيوم واحد وفي معرض حديثه ببرنامجه الفضائي عن موضوع شفيق وجه كلامه إلى السلطات الإماراتية حرفيا قائلا : "حطوا شفيق في طائرة وأرسلوه إلى مصر" ، وهو ما حدث بالفعل ، رغم أن الناس كانت تأخذ الكلام على سبيل الهرتلة . اختفاء الفريق شفيق في القاهرة منذ وصوله وحتى كتابة هذه السطور ، كما قالت أسرته ومحاميته ، يعني أنه بحوزة جهة أمنية رسمية وفيما يشبه تحديد الإقامة ، وهو وضع سيمثل عبئا ثقيلا على الرئيس عبد الفتاح السيسي والنظام بكامله ، فما الذي عساه أن يفعله معه ، هل يظهر له قضية أخرى جديدة أو قديمة ويصدر قرار بحبسه على ذمتها ، وهو أمر لن يقبل به المجتمع الدولي ولن يتفهمه ، كما أنه لن يكون مهضوما في الداخل أيضا ، وسيفهمه كثيرون على أنه قرار "اعتقال" لمنعه من الترشح ومنافسة السيسي في الانتخابات ، هل سيكتفي بتحديد إقامته ومنعه من الحديث في السياسة فضلا عن الترشح ، كما كان حاله في الإمارات ، أيضا هذا يصعب تصوره وتفهمه عند ملايين المواطنين بعد كل ما أعلنه شفيق وما جرى له ، هل سيتم منعه من السفر وإدراجه على قوائم المنع في المطارات والموانئ ومنعه من التواصل مع الإعلام بمختلف صيغه وأدواته ، الحقيقة أن كل هذه الاحتمالات ستكون محرجة للغاية للسيسي والنظام بكامله ، والذي عليه أن يتخذ قراره في وضع شفيق الآن ، وهذا ما أعنيه بأن وصول شفيق إلى القاهرة في هذه الظروف أصبح عبئا على النظام . الدلالة الأهم فيما جرى للفريق شفيق أنها كانت كاشفة عن "النوايا" الحقيقية للنظام السياسي المصري الحالي تجاه "فرضية" الانتخابات الرئاسية ، خاصة أن إعلان شفيق ترشحه كان هو التحدي الأهم والحقيقي والخطر على فرص السيسي في الانتخابات المقبلة ، هو الإشارة الوحيدة الحقيقية على أن انتخابات ستعقد في مصر ، ومن ثم ، فإن الكثيرين داخل مصر وخارجها أصبحوا أكثر اقتناعا بأن النظام غير جاد في مسألة عقد انتخابات بالأساس ، هو يريد مشهدا سياسيا تحت السيطرة مثل مشهد 2014 ، أو مرشحين من نموذج الحاج أحمد الصباحي رئيس حزب الأمة رحمه الله ، الذي قرر الترشح ضد مبارك لكنه تعهد بأن يعطي صوته في الانتخابات لمبارك نفسه ! ، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تمتلئ الآن بالتندر والنكات حول "خطورة" أن يعلن أحدهم نيته الترشح وأنه معرض للإبلاغ عنه لدى الجهات الأمنية أو أن "يشي" به أحد لدى السلطة . مسار وحيد ، إذا حدث سيكون من شأنه أن يغير كل ما سبق ، وأن يضع سيناريو مختلفا تماما لتفسير ما جرى ، ويقلب منطق الحسابات رأسا على عقب ، وهو أن يرفع الحظر عن شفيق ، ويسمح له بالترشح للانتخابات المقبلة وممارسة نشاطه السياسي ، .... ولكل حادث حديث . [email protected] https://www.facebook.com/gamalsoultan1/ twitter: @GamalSultan1