مرت العلاقات المصرية مع الكيان الصهيونى بمراحل عديدة، فبعد أن كانت إسرائيل تشكل العدو الإستراتيجى لمصر والمنطقة العربية تحولت بعد ذلك إلى حليف تحاك معه المؤامرات، ولا يخفى على أحد الدور الكبير الذى لعبه الرئيس المخلوع فى توطيد تلك العلاقات وتنميتها من خلال اتفاقيات اقتصادية وأمنية وغيرها فى محاولة لتطبيع العلاقات مع ذلك الكيان، لكن محاولات النظام فى فرض تطبيع بين الشعبين باءت بالفشل، فظل الشعب المصرى يرفض بشكل قاطع التطبيع مع قتلة الأطفال والنساء والشيوخ، ويرفض أن تربطه أى علاقات مع هؤلاء السفاحين. جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير لتطيح بالنظام الذى أضاع كرامة المصريين، وفى مقدمة أهداف هذه الثورة إعادة الحسابات فى مجال العلاقات المصرية الإسرائيلية، حتى تلك التى تحكمها علاقات دولية، وفى كل الأحوال لن يكون ثمة تنازلات كتلك التى قدمها نظام مبارك، وبالتالى فإن هناك حالة من الغموض حول ملف العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد ثورة يناير، خاصة فى ظل وجود رئيس ينتمى للإخوان المسلمين. الدكتور سعيد اللاوندى: الخوف من الإخوان لا محل له يقول الدكتور سعيد اللاوندى، خبير الشئون الدولية،: ليس هناك خوف من حكم الإخوان المسلمين لمصر، فإسرائيل من مصلحتها الحفاظ على اتفاقية السلام مع مصر، وبالتالى لن تتجه للتصعيد، والولاياتالمتحدةالأمريكية ترى مصلحتها فى الشرق الأوسط من خلال محورين أساسيين، أولهما النفط، وثانيهما أمن إسرائيل، حيث إن أمريكا ترى أن أمنها القومى جزء لا يتجزأ من أمن إسرائيل، أضف إلى ذلك إسرائيل لديها حالة من الرعب لن تجعلها تجازف معنا وأعتقد أن المتخوفين من الإخوان غير مصيبين فى ظنهم فالإخوان لن يتجهوا لتصعيد الموقف وسيهتمون بالمشاكل الداخلية للمواطن وقد سمعت مرسى يقول: سأصبح رئيس مصر ورئيس كل المصريين الذين قالوا لى نعم والذين قالوا لى لا. العميد صفوت الزيات: إسرائيل ستتعاون مع الرئيس الإخوانى يقول العميد صفوت الزيات، خبير الشئون العسكرية: إسرائيل لها مشكلة أمنية فى سيناء، وبالتالى عليها أن تتعاون مع الإدارة المصرية الجديدة حتى لو كانت هذه الإدارة الجديدة لمصر على رأسها رئيس ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين فمن مصلحتها أن تتعاون معه وأعتقد أن كلتا الدولتين سواء مصر أو إسرائيل لا ترغبان فى دخول الحرب والراعى الدولى لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، (الولاياتالمتحدة) لن تعطى الضوء الأخضر لإسرائيل وخصوصاً فى ظل الانتخابات الأمريكية وقرار السلم والحرب عند إسرائيل ليس قرارًا انفعاليًا، فإسرائيل تدرك جيداً مكاسب اتفاقية السلام مع مصر، وبالتالى لن تتخلى عنها بسهولة، حيث إن هذه الاتفاقية قد حققت لإسرائيل مكاسب عبر المجتمع الدولى وجذبت لها علاقات مع دول كثيرة حول العالم، ولذلك ستحافظ على هذه الاتفاقية قدر الإمكان وإذا كان هناك بعض التوترات التى تحدث عبر الحدود المصرية الإسرائيلية من عمليات تسلل فإسرائيل لديها مشكلة فى التعامل مع الحدود معنا فإسرائيل تعودت مطاردة المهاجمين عبر حدود الدول الأخرى مثل لبنان والأردن وهى لن تستطيع أن تفعل ذلك معنا وتعى أن مطاردة المهاجمين والتعامل مع مصادر نيران أمر لن يكون سهلاً ولن يمر هكذا. الدكتور إبراهيم البحراوى: إسرائيل عندها قلق من الإخوان يقول الدكتور إبراهيم البحراوى، أستاذ الدراسات العبرية والخبير فى الشئون الإسرائيلية: قرار إسرائيل بالحرب قرار لابد أن يمر من واشنطن وإذا أردنا معرفة موقف إسرائيل من الحرب علينا أن نعرف موقف الولاياتالمتحدة وأعتقد فى رأيى أن الولاياتالمتحدة لا ترغب فى خوض حرب مع مصر فى هذه المرحلة فمنذ علم إسرائيل بفوز مرشح الإخوان محمد مرسى وإسرائيل تنتابها حالة من القلق من وصول الإخوان للحكم فى مصر، وقد ظهر هذا التوتر من خلال ساسة وصحفيين ومحللين كثيرين، حيث قالوا إن المرشح المفضل لديهم الفريق أحمد شفيق باعتباره امتدادًا للنظام السابق، ولكن هذا القلق يقبله حالة من الأمل لديهم أن يتكيف الرئيس الإخوانى مع معاهدة السلام التى تعتبرها إسرائيل كنزها الإستراتيجى. أما بخصوص التوترات التى تحدث على الحدود المصرية الإسرائيلية ستظل تصعيدات تحت السيطرة ولن تتسع إلى نطاق عمليات واسعة. الدكتور محمد قدرى سعيد: إسرائيل يهمها الحفاظ على "كامب ديفيد" الدكتور محمد قدرى سعيد رئيس وحدة الدراسات الأمنية بمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام يقول: تعتبر سيناء هى مشكلة إسرائيل الحالية مع مصر فعدم السيطرة الأمنية على سيناء تعتبر أكثر ما يؤرق إسرائيل ولا ننكر أننا لدينا مشكلة أمنية فى سيناء فالطرف المصرى غير مسيطر أمنياً على سيناء، وهناك أطراف وأيادٍ تعبث بأمن سيناء ومع ذلك لا أرى أن إسرائيل لديها نية للتصعيد أو الدخول فى حرب مع مصر وأقصى شىء يمكن أن تطمح إليه إسرائيل فى الوضع الحالى هو الحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد كما هى، وقد سُئل مرشح الإخوان أكثر من مرة حول المعاهدات التى وقعت عليها مصر فأبدى احترامه لكل المعاهدات التى أبرمتها مصر. إسرائيل يقظة لما يحدث داخل مصر الآن وتقوم بدراسة لكل القوى والشخصيات المؤثرة داخل المجتمع المصرى فالشأن المصرى يعنيها كثيراً، لأنه يؤثر عليها إقليمياً وهم مدركون أن الوضع تغير عن العهد السابق فمثلاً إسرائيل لن تتوقع أن يزور رئيس مصرى إخوانى تل أبيب، وبالتالى هى تدرك أن الوضع أصبح مختلفاً عن عهدى السادات ومبارك. * تطور العلاقات المصرية الإسرائيلية فى ثلاثة عهود الرئيس جمال عبد الناصر..حروب متصلة كانت إسرائيل بالنسبة لمصر فى عهد عبد الناصر دولة عدو وكانت إسرائيل ترى فى مصر عدواً حقيقياً يهدد وجودها ومصالحها فى المنطقة، وعلى ذلك حدثت حروب عديدة منها حرب 1956 (العدوان الثلاثى) وحرب 1967 (النكسة) وانتهى عصر عبد الناصر بحرب الاستنزاف وكانت مصر تمثل لإسرائيل دولة ذات أثر خطير على وجودها، وذلك لدعم مصر الثورات فى شتى أنحاء العالم العربى. الرئيس محمد أنور السادات.. حرب ثم سلام وتطبيع بدأ السادات عهده بحرب أكتوبر 1973، ولكن بعد سنوات قليلة قام السادات بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد مع رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين فى 17 سبتمبر 1978 فى ولاية ميريلاند القريبة من واشنطن، وكان ذلك فى عهد الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، وبهذه المعاهدة اختلفت السياسة المصرية الخارجية عن سابق عهدها فى عصر الرئيس جمال عبد الناصر، وقد أثارت هذه الاتفاقية غضبًا كبيرًا فى الشارع المصرى والعربى، وقد قدم وزير الخارجية آنذاك محمد إبراهيم كامل استقالته وقد سماها مذبحة التنازلات أو كما سماها لاحقاً السلام الضائع فى اتفاقية كامب ديفيد. الرئيس محمد حسنى مبارك..وئام وانسجام تام لم يجتهد مبارك كثيراً فى خلق سياسة مختلفة وجديدة بل مضى فى نفس الدرب الذى بدأه الرئيس السادات بل كل ما فعله مبارك أنه عمل على توطيد العلاقات المصرية الإسرائيلية من خلال اتفاقيات وأشهرها اتفاقية تصدير الغاز المصرى لإسرائيل عام 2005، والتى تقضى بتصدير الغاز لإسرائيل 1.7 مليار متر مكعب سنوياً لمده 20 عامًا بثمن يتراوح بين 70 سنتا و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية بينما يصل سعر التكلفة إلى 2.65 دولار، وقبل ذلك كانت اتفاقية الكويز عام 2004، والتى تسمح للمنتجات المصرية الدخول إلى الأسواق الأمريكية شرط أن يكون المكون الإسرائيلى فى هذه المنتجات 11.7%، فضلاً عن دوره فى حصار غزة وموقفه السلبى الذى يصل إلى حد التآمر إبان غزو العراق ولبنان.