"حصة مصر في نهر النيل خط أحمر"، هكذا صرَّح الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال حضوره حفل افتتاح عددٍ من المشروعات القومية بكفر الشيخ اليوم, الأمر الذي فسره خبراء بأنها رسالة موجهة إلى إثيوبيا, يلوح فيها باستخدام الحل العسكري في حال تعنتها بخصوص بناء سد النهضة, الذي تخشى مصر من أن يؤثر بشكل كبير على حصتها في مياه نهر النيل. وتصاعدت الأزمة خصوصًا مع إعلان الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري في الأسبوع الماضي, عدم التوصل إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالناحية الفنية للسد خلال اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة على المستوى الوزاري، الذي استضافته القاهرة يومي 11 و12 نوفمبر 2017 بمشاركة وزراء الموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا. وقال اللواء جمال مظلوم, الخبير العسكري والاستراتيجي, إن "الرئيس يقصد بتصريحه الحكومة الإثيوبية وتعنتها فيما يخص ملف سد النهضة, عبر الإشارة بأنه لن يقبل بتقليص حصة مصر من مياه نهر النيل, وهو ما لاينفي دخول مصر في مفاوضات دبلوماسية جديدة, ولكن ستكون هذه المرة على مستوى قادة البلدين, وليس كما حدث في الفترة السابقة والتي تولي فيها وزير الري إدارة الملف". وأضاف مظلوم في تصريح إلى "المصريون"، أن "التدخل العسكري أمر مطروح بالفعل, ولكن بعد استنفاد جميع الطرق السياسية والدبلوماسية, ومن الممكن الاستفادة بالعلاقات السياسية مع الدول التي تربطها علاقات جيدة مع الطرفين المصري والإثيوبي, لأن استخدام الحل العسكري دون مقدمات سيعرّض مصر لرد مماثل وعقوبات دولية". من جهته, قال الدكتور نور محمد نور, الخبير في شئون الموارد المائية, إن "الرئيس بتصريحه يؤكد ارتفاع نسق التمثيل الدبلوماسي للمفاوضين, لرئيسي الدولتين ووزيري الخارجية بكلا البلدين, وليس على مستوى وزيري الري فقط, ومن المتوقع أن تخلف هذه الدرجة من الدبلوماسية, الحل العسكري الذي يعتبر الحل الأخير في حالة التعدي على حقوق مصر في مياه نهر النيل". وأضاف نور ل"المصريون"، أن "استراتيجية الدولة تقوم على الأمن والسلام والاستقرار, وهو الأمر الذي يمنعها من الدخول في حرب عسكرية مع الجانب الإثيوبي, مما سيجعل الإثيوبيين في وحدة وطنية للتصدي لهذا التدخل العسكري, بالإضافة إلى إمكانية رد الضربة العسكرية من الجانب الإثيوبي, وهو ما لا تستطيع أن تتحمله مصر في الآونة الأخيرة, نظرًا للظروف الاقتصادية والأمنية التي تمر بها". وتقوم المكاتب الاستشارية، من خلال الدراسات، بإعداد ملف فني عن السد وآثاره وأضراره، بالإضافة إلى تحديد أنسب آلية للملء (لخزان السد) والتشغيل، التزامًا بأهم بنود اتفاق المبادئ الذي وقعه رؤساء الدول الثلاث، في مارس 2015. وفي أواخر سبتمبر الماضي، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن "التنفيذ السريع للاتفاق الثلاثي حول سد النهضة الإثيوبي الموقع في مارس 2015 أمر شديد الإلحاح". ويتضمن الاتفاق بين الدول الثلاثة 10 مبادئ أساسية، تحفظ في مجملها الحقوق والمصالح المائية، وتنسيق القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية. وتشمل المبادئ التعاون على أساس التفاهم المشترك والمنفعة المشتركة، وتفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها، وعدم التسبب في ضرر لأي من الدول الثلاث.