حافظ القرآن.. وحاذف القرآن!!!!

إن التاريخ لم يخلد لنا أحدًا من علماء المنطقة الرمادية، أو أصحاب المواءمة السياسية..
إنما خلّد لنا المجاهدين الذين تكلموا يوم أن سكت الناس، وصمدوا يوم أن تخاذل الناس، وجهروا بالحق فى وجه الظالمين، وتحملوا الإيذاء والحبس والجلد والتعذيب.. واسأل عن الأئمة الأربعة، وعن العز بن عبد السلام، وابن تيمية، وسعيد بن جبير، وسيد قطب، وغيرهم من أعلام الأمة..
أما أصحاب المواقف الرمادية، فقد تجاهلهم التاريخ، وانقطع فى العالمين ذكرهم!!
إنّ دعوى الحياد لا تعنى إلا التسوية بين حافظ القرآن وبين حاذف القرآن.. التسوية بين من يمشى على خطى الحبيب وبين من يمشى على خطى تل أبيب!!! التسوية بين التبر والتراب.. بين الظلمات والنور.. بين الظل والحرور.. بين الأحياء والأموات.. وما أنت بمسمع من فى القبور!!!
إنى لأعجب من ادعاء من يدعى الحيادية فى هذا الوقت؛ لأنه بهذا يعلن أن الدكتور مرسى لا فرق بينه وبين شفيق، وأن من ينادى بالشريعة كمن يعلن تركها!! وأن من يؤيده العلماء والفقهاء كمن يؤيده القتلة والظالمون والمفسدون واليهود والأمريكان!! وأن من قدوته محمد بن عبد الله "صلى الله عليه وسلم" كمن قدوته محمد حسنى مبارك!! وأن من معه مشروع النهضة التى تحلم به الأمة بأسرها، كمن معه مشروع التبعية والاستبداد والتخريب وأمن الدولة!!
قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: 35، 36].
لقد قررت لنا الشريعة الغراء قاعدة ذهبية نصها؛ اعرف الحق تعرف أهله.. وأنّ الرجال يعرفون بالحق أولاً ثم يعرف الحق بالرجال لاحقًا، ودليلنا ما ذكرته كتب السير والمغازى عن عمر بن الخطاب حين اعترض على قرار الصديق الحاسم والذى اتخذه على إثر حركة التمرد والعصيان المسلح التى عمّت الجزيرة العربية على خلفية وفاة النبى "صلى الله عليه وسلم".. تلك الحركة التى أعلنت العصيان والتمرد بل وبدأت عمليًا حركة الزحف نحو المدينة لفرض رؤيتهم بقوة السلاح على سلطان المدينة الشرعى.. هنا قرر الصديق أبو بكر قتالهم دون تردد ولما اعترضه عمر بن الخطاب نهره الصديق وبين له الحق الذى يراه فى قتالهم.. شرح الله صدر عمر وعلم أنّه الحق.. والشاهد هنا أنّ عمر اعتبر انشراح صدر الصديق لهذا الأمر دليلاًً على الحق باعتبار أنّ الصديق من أهل الحق!!
والشئ بالشئ يذكر، بالنظر إلى النوعية التى تقف وراء الفريق أحمد شفيق تجدهم بدون أدنى جهد يذكر من رجال المال والأعمال الذين خصمت الثورة كثيرًا من رصيدهم وامتيازاتهم التى كانوا يتمتعون بها فى ظلّ شبكة واسعة من الواسطات والمحسوبيات وأهل الثقة.. قلّما تجد بينهم أحدًا من أصحاب المبادئ.. فضلاً عن أحدٍ من أهل العلم المعتبرين، بل وأزيدك من الشعر بيتًا، حين نجد أنّ من أهم المؤازرين والمساندين لحملة الفريق هى إسرائيل، فهل تبقى بعدها حجة لمن يدعى الحيادية والحالة هذه؟!