لم تكن حملة "علشان نبينها"، التي أطلقها مؤيدو الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تطالبه بالترشح لفترة رئاسية ثانية في الانتخابات القادمة، فريدة من نوعها، بل إن الأمر تكرر مع جميع الرؤساء السابقين، والذي كان على رأسهم جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات، وكذلك محمد حسني مبارك، ومحمد مرسي. وشهدت مصر على مدار ال65 عامًا الماضية، العديد من الحملات المؤيدة للرؤساء، والتي تطالبهم بالترشح لفترة رئاسية جديدة وعدم التنحي، وتحاول "المصريون"، خلال هذا التقرير رصد أبرز تلك الحملات: السيسي.. "علشان تبينها" كان آخر تلك الحملات، حملة "علشان تبنيها"، التي أطلقها مؤيدون للرئيس السيسى؛ لمطالبته بالترشح لفترة ثانية، والتي انطلقت في سبتمبر الماضي، ودعمها حزب "مستقبل وطن" و"تحالف دعم مصر", بالإضافة إلى أعضاء من مجلس نواب وشخصيات سياسية وفنية. الدكتور حازم توفيق، أحد مؤسسي الحملة، قال إن الحملة تعقد ندوات ولقاءات لتعريف المواطنين بحجم الإنجازات التي تمت خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس. وأضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج "صباح أون"، المذاع عبر فضائية "أون لايف"، أن "الحملة لاقت رواجًا جماهيريًا ضخمًا من كل شرائح المجتمع المصري من خلال التوقيع على استمارة تفويض الشعب للرئيس عبد الفتاح السيسي، لكي يتصدى للإرهاب وإعادة استقرار البلاد"، موضحًا أن الحملة لها صفحة رسمية على مواقع التواصل الاجتماعي ترصد كل ما يتعلق بها. ووقع على استمارة "علشان تبنيها"، المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم، وأشرف رشاد رئيس حزب مستقبل وطن، والإعلامي خالد صلاح، وزوجته شريهان أبو الحسن، وطارق سليمان مدرب حراس المرمى بالنادي الأهلي، وطارق يحيى مدرب عام فريق الزمالك - وخالد أبو بكر المحامى الدولي، ورئيس شركة راديو النيل، والفنانة نسرين أمين، والنائبة غادة صقر، وهاني رمزي المدير الفني للاتحاد السكندري، والفنانة وفاء عامر، والإعلامية أسماء مصطفى، وغيرهم كثير من الشخصيات الفنية والسياسية وأعضاء بالبرلمان. مرسي.. "تجرد" أيضًا، أسس مؤيدو الرئيس الأسبق محمد مرسي في مايو 2013، حملة تحت اسم "تجرد"، تهدف إلى جمع توقيعات لتأييد "شرعيته"، وأيضًا تطالبه باستكمال فترة رئاسته من أجل بناء الدولة. وجاءت تلك الحملة ردًا على حملة "تمرد" التي أطلقها معارضو "مرسي"، بهدف سحب الثقة منه وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لا سيما بعد تزايد الغضب الشعبي ضده، وحدث نقص في المواد البترولية وانقطاع مستمر للتيار الكهربائي، وانطلقت في شوارع القاهرةوالمحافظات تجمع التوقيعات. كان منظمو حملة تجرد هم "جماعة الإخوان المسلمون وحزب الحرية والعدالة وحزب الوسط وهيئة الحقوق والإصلاح وحزب الوطن". مبارك.. "علشان يبنيها" أما، فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والتي دامت قرابة ال30 عامًا، لم تخل هي الأخرى من حملات مماثلة، إذ نظم مؤيده حملة "علشان يبنيها"، عقب نجاته من محاولة الاغتيال الفاشلة في إثيوبيا. وفي 25 يونيو عام 1995، تعرض الرئيس الأسبق، لمحاولة اغتيال فاشلة أثناء مشاركته بقمة منظمة الوحدة الإفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ما دفع البعض إلى تنظيم بعض التظاهرات، التي جابت شوارع القاهرة واتجهت إلى القصر الرئاسي، من أجل تأكيد تمسك الشعب به، وحملت وقتها شعار "علشان يبنيها". واتجهت قيادات الأحزاب المعارضة والقيادات الدينية والتنفيذية إلى القصر الرئاسي لتهنئة مبارك، على النجاة وألقى كل منهم كلمة تأييد للرئيس الأسبق. "افرم افرم يا سادات" كذلك، أطلق قطاع عريض من المواطنين خلال حقبة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حملة "افرم افرم يا سادات"، وذلك للتعبير عن دعمهم وتأييدهم، لقراراته التي اتخذها، وعزل على إثرها مجموعه من الوزراء والمسئولين، وقدمهم للمحاكمة بتهمة التخطيط للانقلاب على نظام الحكم. وكان من بين الذين تم عزلهم، نائب رئيس الجمهورية علي صبري، ووزير الدفاع محمد فوزي، ووزير الداخلية شعراوي جمعة، ووزير الإعلام محمد فائق، ورئيس البرلمان محمد لبيب شقير، وسكرتير رئيس الجمهورية سامي شرف. عقب توليه السلطة دخل السادات في صراع كبير مع ما عُرف وقتها ب"مراكز القوى"، وهم مجموعة من الوزراء والمسئولين الذين كانوا يعترضون على سياسة السادات في إدارة الدولة، ووقتها قال الرئيس الراحل جملته الشهيرة «هافرم كل قوة تعمل ضد بلدي». عبد الناصر.. "لا تتنحى" وعقب نكسة يونيو عام 1967، أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عن تحمله مسئولية الهزيمة، في تلك الحرب، وتنحيه عن السلطة، لكي ينضم لصفوف الجماهير. لكن الجماهير وقتها، قابلت خطاب "عبد الناصر" بالرفض التام، وخرج المصريون في تظاهرات غاضبة بالقاهرة وعدد من المحافظات،مرددين هتافات تطالب ناصر بعدم التنحي وبتحمل المسئولية وتحرير الأرض. كانت أبرز الهتافات، وقتئذ "ارفض ارفض يا زكريا.. عبد الناصر مية مية"، و"ناصر ناصر.. لا رئيس إلا ناصر"، و"يا جمال الشعب معاك.. إحنا الشعب واخترناك"، ما دفع عبد الناصر للعدول عن قراره والاستمرار في الحكم. من جانبه، قال حازم عبد العظيم، القيادي السابق بحملة السيسي الانتخابية، وعضو جبهة التضامن للتغيير، إن سبب انتشار مثل تلك الحملات على مر العصور هو إن الأنظمة التي لا تحترم الديمقراطية وإرادة الشعوب تعاني من ضعف شعبيتها وانفضاض الشارع من حولها ولذلك تسعى إلى إقامة مثل تلك الحملات بهدف إعطاء انطباعات جماهيرية لانتخاباتها وأن الشعب يريد بقاءها في السلطة. وأضاف ل"المصريون"، أن تدهور الاقتصاد وعدم القدرة على إدارة أمور البلاد أدى إلى تآكل شعبية النظام، هو ما يدعوه إلى إقامة حملات مزيفة يدعمها هو ويسخر لها جميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها الإعلام، وبعد ذلك يتم الإعلان عن "جمع كام مليون توقيع" وإجراء حملات إعلامية كبرى لاكتساب طابع الجماهيرية ودفع المواطنين للنزول إلى الانتخابات. وتابع قائلا: "لو إن رؤساء الأنظمة الغير ديمقراطية الذين حكموا مصر منذ عهود، شعروا بأنهم في حالة ترشحهم سوف يحظون بتأييد الشارع لهم وإعطاء الانتخابات صفة الشرعية لما قاموا بمثل تلك الحملات، متجاهلين الأصل وهو إقامة إصلاحات اقتصادية وتطبيق للعدالة الاجتماعية وليس استخدام مثل تلك الوسائل".